تنبيه الفاضل إلى ما تضمنه كلام الحلو بشأن آيات الميراث من باطل
13 جمادى الأول 1439
د. عدنان أمامة

استمعت إلى مقطع فيديو للقاضي عبد الرحمن الحلو  يقول فيه كلاما أشبه باللعب بآيات الله والعبث بأحكام الشريعة منه بالفقه والاجتهاد ومضمونه أن قوله: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" لا تقتضي الوجوب والإلزام عند القاضي المجتهد بل يفهمها على أنها وصية من الله على وجه الوعظ والإرشاد  وأن التشريعات المتعلقة بأحكام الإرث كلها إنما نزلت لبيئة خاصة وظرف خاص وقد انتهى المقتضي لها، وقال: ما دام الفقهاء متفقون على أن الورثة لو تراضوا وتوافقوا على التنازل لبعضهم البعض فلا يلزمون بتطبيق النظام الإرثي فكذلك اليوم الدول العلمانية بما لها من سلطة تشريعية من حقها أن تعطل نظام الإرث ومن حق الناس أن يحتكموا إلى  النظام الوضعي المتعلق بالميراث.

 

وأمام هذا الكم من المروق من الدين والتحريف لكلام الله والعدوان على شريعته وفتح الباب لهدم الدين كله أحببت أن أكشف وبشكل مقتضب عن جملة ضلالات حواها كلامه السابق:

 

أولا: كلامه السابق يعد خرقا لإجماع الأمة من أصوليين وفقهاء ومفسرين ولم تجد قريحة أي منهم طيلة القرون الخالية بمثل هذه العبقرية والاجتهاد.

 

ثانيا: التعبير بلفظ الوصية في القرآن ليس محصورا بأحكام المواريث بل هو متكرر لدى الكلام على العديد من الأحكام بما فيها الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك ففي الآيات التي تضمت الوصايا العشرة من سورة الأنعام ختمت تلك الوصايا مرة بقوله تعالى: ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ومرة ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون.
 

فهل الأمر بالتوحيد وبر الوالدين والنهي عن الشرك وكبائر الذنوب وصية اختيارية شورية بالإمكان الأخذ بها أو تركها؟
 

وكذلك هي الآيات التي أمرت ببر الوالدين جاءت بلفظ الوصية قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ومرة قال حسنا فهل بر الوالدين عند وحيد دهره وفريد عصره أمر اختياري ولا عقوبة على تركه؟
 

بل الدين كله عبر القرآن عنه بلفظ الوصية قال تعالى: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك
 

إلى آخر ما هنالك من آيات عبرت بلفظ الوصية عن فعل أعظم المأمورات وترك أكبر المحظورات.

 

ثالثا: مما يثبت تحريف هذا المعمم لمعنى الوصية بالميراث بأنها ليست للإلزام أن آيات الإرث ختمت بقوله تعالى:  تلك حدود الله إلى قوله ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب عظيم فهل يأتي مثل هذا الوعيد على أمر غير إلزامي وفي آخر سورة النساء يذيل الله آية الكلالة بقوله "يبين الله لكم أن تضلوا" ما  يدل على أن ترك أحكام الميراث زيغ وضلال
فهل يعود هذا الزائغ المارق الضال عن غيه؟

 

رابعا: يضلل ذلك الجهبذ مستمعيه حين يقفز من حكم التراضي بين الورثة على التنازل لبعضهم عن طيب نفس إلى نتيجة عدم إلزامية نظام الإرث في الإسلام ولا أدري ما دخل المقدمة بالنتيجة وهل يا ترى لو تنازل أهل المقتول عمدا عن القصاص فيعني ذلك إبطال مشروعية القصاص أو تنازل أهل المقتول خطأ عن الدية فيبطل تشريع الدية في الإسلام أي عبث في دين الله هذا باسم الدين، وهل يقبل من يغازلهم المحاضر وينحاز لهم من أصحاب التشريعات الوضعية أن يفعل بقوانينهم ما يفعله المحرف لدين الله بنصوص القرآن الكريم؟