نظام الإسلام التشريعي.. برهان جلي على صدق النبي صلى الله عليه وسلم
13 جمادى الثانية 1439
د. عدنان أمامة

من المقطوع به تاريخيا أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش في المدينة المنورة عشر سنوات قمرية فقط قبل أن يتوفاه الله.
وقد ارتبطت به خلال هذه الفترة وحده كل شؤون المجتمع الدينية والعسكرية والسياسية والقضائية والاقتصادية والتربوية والأخلاقية.

 

وفضلا عن ذلك كان متزوجا من تسعة نسوة ويرعى حاجات هذه البيوت التسعة.
 

وقد أحاطت به طيلة العشر سنوات المخاوف  والمخاطر من كل جانب -داخليا من اليهود والمنافقين وخارجيا من المشركين وأهل الكتاب-.
 

وكان منشغلا بحروب دائمة، فقد خاض بنفسه في هذه الفترة تسعا وعشرين غزوة، وبعض هذه الغزوات كان يستغرق أشهرا، وسير أكثر من خمسين سرية.
 

وواجهته مصائب وشدائد تنوء بحملها الجبال، فقد استشهد من خاصة أصحابه سبعون شهيدا في أحد دفعة واحدة.
 

ثم سقط له سبعون شهيدا في يوم الرجيع فضلا عن عشرات الشهداء الذين كانوا يسقطون تترى في المعارك المتفرقة.
 

ثم نراه مع ذلك وفي فترة العشر سنوات فقط يخرج على الناس بقانون تشريعي منتظم لمختلف جوانب الحياة الدينية والدنيوية، بحيث لم يترك جانبا إلا وسن له قوانين، وقواعد بينة، مفصلة محكمة، فالصلاة تقوم على قانون ونظام في غاية الدقة والإحكام، وكذا الصوم والزكاة والحج والأسرة بمختلف تشعباتها في الزواج والطلاق والنفقة والرضاع والميراث  والمعاملات التجارية والسياسة الشرعية والقضاء والحدود والقصاص وأحكام الحرب والصلح والغنائم والأسرى والرقيق والعلاقات الدولية ونظام الحكم،
 

وغيرها من التفصيلات الفقهية، إضافة إلى النظام الأخلاقي بمختلف فروعه.
 

كل ذلك يقوم على سوقه في فترة عشر سنوات قمرية، من رجل واحد دون استعانة منه بهيئات تشريعية ولا فقهاء في القانون، ولا لجان متخصصة.
 

ويبقى هذا القانون صامدا أمام تقلبات الزمان والمكان والإنسان ولقرون متطاولة دون حاجة إلى أي تعديل أو تبديل، في وقت نرى فيه القوانين الوضعية التي يجمع لها أعظم المفكرين وأعرق الخبراء المتخصصين دائمة التبدل والتقلب نتيجة اكتشاف عوارها وخللها.
 

وإذا أضفنا إلى ما تقدم أنه ثبت قطعا أن هذا الرجل في الوقت نفسه أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف له أستاذ قط؛ فإنه من المستحيل عقلا أن يكون هذا التشريع من عند محمد صلى الله عليه وسلم.
 

وهل حصل شيء من هذا أو جزء منه على امتداد التاريخ البشري كله؟
 

وإذا كان الأمر كذلك، ثبت تبعا صدق النبي صلى الله عليه وسلم في أن هذا الدين وتشريعاته نازلة من الله الحكيم العليم سبحانه، وأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.