18 شوال 1439

السؤال

ما صحة حديث: "لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن يكون السنة كلها رمضان فقال رجل من خزاعة: يا نبي الله حدثنا فقال: إن الجنة لتزين لرمضان من رأس الحول إلى الحول، فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة فتنظر الحور العين إلى ذلك فيقلن: يا رب اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا تقر أعيننا بهم وتقر أعينهم بنا، قال: فما من عبد يصوم يوما من رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من درة مما نعت الله {حور مقصورات في الخيام}، على كل امرأة سبعون حلة ليس منها حلة على لون الأخرى، تعطى سبعين لونا من الطيب ليس منه لون على ريح الآخر، لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها وسبعون ألف وصيف، مع كل وصيف صفحة من ذهب فيها لون طعام تجد لآخر لقمة منها لذة لا تجد لأوله، لكل امرأة منهن سبعون سريرا من ياقوتة حمراء على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من إستبرق، فوق كل فراش سبعون أريكة ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت أحمر موشح بالدر عليه سواران من ذهب، هذا بكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمل من الحسنات"؟

أجاب عنها:
د.عمر بن عبد الله المقبل

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا حديث: موضوع، قد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ـ ولكنه علّق القول بصحته على حال أحد رواته كما سيأتي ـ (3/ 190)، وابن أبي الدنيا في "فضائل شهر رمضان: (ص24)، وغيرهما بألفاظ متقاربة، من طريق جرير بن أيوب البجلي عن الشعبي، وجرير هذا متروك الحديث، ولذلك قال ابن خزيمة بعد روايته للحديث: "إن صح الخبر فإن في القلب من جرير بن أيوب البجلي". وقال عنه البخاري: منكر الحديث.([1])، وقال أبونعيم ووكيع: "كان جرير يضع الحديث"، وقال يحيى: "ليس بشيء"، وقال البخاري وأبو زرعة والرازي: "منكر الحديث" وقال النسائي والدارقطني: "متروك".([2]).
وقال ابن الجوزي بعد ذكر هذا الحديث: "هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به جرير بن أيوب".([3]).
وقال الشوكاني بعد ذكره للحديث: "وهو موضوع، آفته: جرير بن أيوب وسياقه (أي: هذا الحديث) وسياق الذي قبله مما يشهد العقل بأنهما موضوعان، فلا معنى لاستدراك السيوطي لهما على ابن الجوزي بأنهما قد رواهما غير من رواهما عنه ابن الجوزي، فإن الموضوع لا يخرج عن كونه موضوعًا برواية الرواة. اهـ([4]).
وقد أخرج الحديث أيضا الطبراني في الكبير، وغيره من طريق: الهياج بن بسطام، والهياج هذا: ليس بشيء كما قال ابن معين([5])، وقال عنه الإمام أحمد: متروك الحديث([6])، وقال عنه أبوداود: تركوا حديثه([7]).
وبناء على ذلك، فإن الحديث لا يصح ، والله تعالى أعلم.

------
[1]- الضعفاء للبخاري (ص: 38)، الضعفاء الكبير للعقيلي (1/ 197).
[2]- انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 168).
[3]- الموضوعات لابن الجوزي (2/ 189).
[4]- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (2/ 42).
[5]- معرفة الرجال لابن معين (1/ 51).
[6]- انظر ميزان الاعتدال (4/ 318).
[7]- انظر ميزان الاعتدال (4/ 318).