دلائل معركة "إدراة المركبات" بغوطة دمشق
20 ربيع الثاني 1439
د. زياد الشامي

أطلقت بعض فصائل الثورة السورية في الغوطة الشرقية بريف دمشق معركة إدارة المركبات في شهر تشرين الثاني الماضي من خلال الهجوم من عدة محاور، وأصدرت حينها قيادة حركة "أحرار الشام" بيانا ذكرت فيه أن "المعركة أتت بعد حصار جائز واستهداف مستمر على الشعب المستضعف داخل المناطق المحاصرة، وعدم إيفاء قوات النظام بالاتفاقية المبرمة مع الجانب الضامن وهو الروسي بخفض التصعيد" .

 

 

لم يمض على إطلاق الثوار للمعركة سوى أيام حتى أعلنت حركة "أحرار الشام الإسلامية" أن عدد قتلى قوات النظام خلال المرحلة الأولى من معارك إدارة المركبات وصل إلى 80 قتيلا بينهم نائب قائد الإدارة اللواء (وليد خواشقجي)" مشيرة إلى "تمكنها من السيطرة على عدد من الأبنية والمستودعات واغتنام أسلحة متوسطة ونوعية".

 

 

المرحلة الثانية من المعركة استؤنفت في نهاية ديسمبر الماضي وتمكنت فصائل الثوار من السيطرة على مستشفى البشر وعدة أحياء بالإضافة إلى مديرية الأفران وجامع عبد الله بن عمر وجامع أبو بكر الصديق كما تم تحرير الطريق الواصل بين مدينتي حرستا وعربين.

 

 

آخر المعلومات الميدانية تشير إلى سيطرة الثوار على معظم مناطق الإدارة باستثناء الرحبة العسكرية وجزء من المعهد الفني التي تعتبر محاصرة بشكل كامل بعد تحرير الطريق الوحيد الذي يربطها بعقدة المواصلات والمخابرات الجوية .

 

 

خسائر النظام النصيري في معارك "إدراة المركبات" كشفت عنها صفحاته الموالية على وسائل التواصل الاجتماعي حيث ذكرت صفحة (إدارة المركبات لحظة بلحظة-حرستا)، مقتل العميد "علي ديوب" قائد الـ 138 دبابات من مرتبات الحرس الجمهوري خلال المعارك .

 

 

كما نشرت الصفحة صورا لعدد من عناصر النظام قتلوا في إدارة المركبات مضيفة أن أكثر من 60 عنصرا قتلوا خلال المعارك مضيفة أن نحو 200 عنصر ما يزالوا محاصرين ناهيك عن المفقودين .

 

 

المعارك في محيط إدارة المركبات ومبنى المحافظة ما زالت مستمرة حتى الآن وقد تمكن الثوار قبل يومين من أسر عدد من عناصر النظام في مدينة حرستا شرق دمشق وقد بث مقاتلو الفصائل مقطعا مصورا يظهر مجموعة من العناصر وقعوا في الأسر إثر فرار ضباط النظام من ساحة المعركة تاركين خلفهم القتلى والجرحى وفقاً لما أكده أحد العناصر.

 

 

وقعت عملية الأسر حين حاولت مجموعة من قوات الطاغية التقدم صباح اليوم من جهة الأمن الجنائي في محاولة منها للسيطرة على أبنية في محيط إدارة المركبات إلا أن الثوار تمكنوا بعد اشتباكات استمرت عدة ساعات من أسر 13 عنصرا من النظام والميليشيات الموالية له .

 

 

قوات النظام النصيري ردت - كعادتها - على هزائمها في الميدان بقصف المدنيين المتواجدين في مدن وبلدات الغوطة الشرقية بصواريخ أرض - أرض (نوع فيل) وبغارات جوية عنيفة والتي أدات إلى استشهاد أكثر من 85 بينهم 30 طفلاً على الأقل و4 من عناصر الدفاع المدني حسب إحصائية محلية .

 

 

تكتسب معركة "إدارة المركيات" أهميتها من موقع الإدارة الذي يعتبر نقطة استراتيجية للنظام كونها تشرف على مدن وبلدات (حرستا مديرا وعربين) ومركزا يعتمد عليه النظام في قصف مدن الغوطة الشرقية بالصواريخ والمدفعية وإحكام خنقها بالحصار المفروض عليها .

 

 

كما أن الرحبة العسكرية "446" ذات المساحة الأكبر من عموم الإدارة والتي تقع بين مدينتي حرستا وعربين يتواجد بها عشرات العناصر التابعين للفرقة الرابعة ودرع القلمون, ناهيك عن احتواء الإدارة على كافة أنواع الأسلحة الثقيلة من المدفعية بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى وراجمات الصواريخ ودبابات و مستودعات أسلحة كبيرة و عدة ملاجئ وأنفاق تمتد تىت الأراضي الزراعية الملاصقة لها من جهة حرستا وعربين .

 

 

وفوق كل ما سبق هناك من أشار من الناشطين والإعلاميين إلى وجود مخازن للنظام النصيري يخفي فيها السلاح الكيماوي وغاز السارين السام داخل إدارة المركبات وهو ما يضفي على المعركة مزيدا من الأهمية في حال تم اكتشاف تلك المخازن .

 

 

كثيرة هي دلائل معركة إدارة المركبات لعل أهمها :

1- أن الثورة السورية لم تمت بعد كما ظن أعداؤها أو حاولوا أن يروجوا لذلك , فما زال قلب الثورة نابض بالحياة وما زالت هناك إمكانية لإعادة ألق وزخم ثورة الياسمين من خلال التمسك بمبادئها وثوابتها وفي مقدمتها إسقاط النظام النصيري بجميع رموزه وأركانه .

 

2- أثبتت معركة "إدارة المركبات" من جديد قدرة الثوار على تحقيق نتائج عسكرية ميدانية طيبة في وقت قياسي إذا خلصت النوايا وتوحدت الفصائل على أهداف الثورة وابتعدت عن الحزبية والفصائيلية وتمثلت قول الله تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا....} آل عمران/103 وقوله تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } الأنفال/46

 

3- أعادت المعركة فصائل الثورة السورية إلى الطريق الصحيح الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق النصر وأكدت المؤكد بأن الاعتماد على المفاوضات وترك مجالدة ومقاومة العدو لا يمكن أن يعيد وحده حقا أو يحقق بمفرده مطلبا مشروعا .