ما لم تستطع أوروبا أن تخفيه
12 رجب 1439
د. زياد الشامي

رغم التعتيم الإعلامي الواضح تجاه فضائح كناس الفاتيكان في عموم دول القارة العجوز وجرائم اعتداء قساوستها الجنسية بحق رواد تلك الأماكن التي من المفترض أن تكون الأكثر أمنا وطهرا وعفافا من أي مكان آخر وخاصة بالنسبة لفئة الأطفال ومن لم يلغ الحلم بعد......إلا أن تفاصيل تلك الفضائح ما زالت تفوح رائحتها في كل مكان من أرجاء القارة فتزكم الأنوف وتثير الغثيان من هول بشاعتها وفظاعتها .

 

 

لا شك أن حجم المتورطين في الجريمة الأخلاقية من الكهنة والأساقفة والقساوسة في عموم كنائس الدول الغربية واعتراف الكثير منهم بأفعاله المنافية للإنسانية فضلا عن وظيفته وعمله الديني بالإضافة لعدد الضحايا الذي يزداد يوما بعد يوم .....حال دون إمكانية إخفاء تلك الفضائح المدوية أو التستر عليها .

 

 

الماكينة الإعلامية الغربية حاولت بكل ما أوتيت من قوة التخفيف من حدة تأثير مثل هذه الفضائح على مرجعيتها الدينية - وإن كانت شكلية - من خلال المرور على الأخبار المتعلقة بهذا الشأن مرور الكرام و التعتيم الإعلامي على تفاصيله قدر الإمكان فضلا عن عدم وجود أي تحليلات أو ندوات أو تغطيات كاملة بهذا الخصوص بكل تأكيد .

 

 

يمكن اكتشاف هذا الأمر من خلال مقارنة بسيطة بين تعامل الإعلام الغربي الباهت والبارد مع قضية جوهرية وشديدة الالتصاق بواقع حياة أفراد المجتمع الأوروبي اليومية وبين تعامله مع أي قضية يكون فيها لدين الله الإسلام أو أحد المنتسبين إليه طرفا فيها .

 

 

وعلى الرغم من أن قضية فضائح كنائس الفاتيكان الأخلاقية لم تهدأ منذ سنوات ومسلسل تورط كهنتها وأساقفتها بجرائم جنسية لم تتوقف يوما واحدا منذ ذلك الحين...إلا أن الإعلام الغربي يحاول جاهدا الابتعاد عن هذا الموضوع حيث تمضي الأيام والأسابيع والشهور المليئة بالأخبار والمستجدات في هذه القضية دون أن تسمع للإعلام صوتا أو ركزا .

 

 

من الأصوات القليلة التي تناولت هذا الموضوع الخطير صحيفة بريطانية شهيرة كشفت مؤخرا عن أن أساقفة وكهنة وشمامسة في كنائس بريطانية أمضوا سنوات طويلة وهم يعتدون جنسياً على أطفال، منهم من اعترف وعوقب، ومنهم من يجد في سلسلة الاعتداءات والشذوذ أمراً طبيعياً واعتياديا !!!

 

 

صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية التي خرجت عن صمتها أشارت في تقريرها إلى أن الحكومة انتدبت لجنة للتحقيق مع عدد كبير من الأساقفة والكهنة وتواصل عملها منذ أسابيع في إنكلترا وويلز، مركزة اهتمامها على كنسية تشيتشستر.

 

 

قائمة أسماء المتورطين في الاعتداءات الجنسية على الأطفال على مدى سنوات طويلة قبل توقيفهم ومحاكمتهم والتي نشرتها الصحيفة تشير إلى مدى تفشي مرض الشذوذ الجنسي في دول القارة العجوز حيث وصل إلى دور مخصصة بالأصل "للعبادة" وأماكن من المفترض أن تكون عنوانا للبعد عن الفواحش .

 

 

الإطلاع على بعض تلك الأسماء والجريمة المرفقة بكل واحد منها قد يكون كفيلا بتصور الحالة المزرية التي وصلت إليها دول القارة العجوز وتخيل ما سيكون عليها حالها في القريب العاجل .

 

 

1- "بيتر بول" الذي كان أسقفا في لويس (بلدة في مقاطعة سوسيكس البريطانية) بين عامي 1977 و1992 (فيما بعد أسقف مدينة غلوستر غرب بريطانيا) أقرّ في سبتمبر 2015 بالذنب في تهم سوء السلوك الجنسي مع الشباب والاعتداءات غير اللائقة ضد البالغين وحُكم عليه بالسجن مدة 32 شهرا .

 

 

2- الكاهن فيكيري هاوس (73 عاما)، في المقاطعة ذاتها، وشريك مقرب من بيتر بول. أدين بخمس تهم بالاعتداء غير اللائق وحُكم عليه بالسجن ست سنوات ونصف السنة في أكتوبر 2015.

 

 

3- القس نويل مور أدين بالاعتداء الجنسي على الأطفال في عام 1951 وسجن حتى عام 1955.

 

 

4- القس غوردون ريدوت أدين بـ 34 تهمة تتعلق بالاعتداء غير اللائق ضد الأطفال، وتهمتين بمحاولة اغتصاب ضد ما مجموعه 16 ضحية اعتبارا من مايو 2013م , وحكم عليه بالسجن مدة 10 سنوات كذلك أقر في ديسمبر 2016 باقترافه عدداً من الاعتداء غير اللائقة على شخص دون الـ 16 عاماً، وحُكم عليه بالسجن تسعة أشهر.

 

 

أقل ما يمكن أن يقال في طريقة تعامل الماكينة الإعلامية الغربية مع هذه الفضائح هو : ماذا لو توفرت بعض تلك الفضائح أو عشر معشارها ضد علماء أو دعاة من المسلمين ؟!!!