مؤتمر اليمن والوضع الإنساني المتدهور
19 رجب 1439
خالد مصطفى

يعاني الشعب اليمني بشدة منذ انقلاب المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران وسيطرتهم على العاصمة صنعاء حيث انتشرت أمراض سوء التغذية والأوبئة ورغم محاولات مكافحتها إلا أنها لا تزال تحصد المزيد من الضحايا...

 

فقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» منذ أيام قليلة من أن مرض الكوليرا قد يعاود التفشي في اليمن، ما لم تتم إتاحة وصول غير مشروط للمساعدات الإنسانية، بهدف منع حدوث ذلك...ودعا خِيرت كابالاري، المدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى إفساح الطريق للمساعدات الإنسانية دون أي شرط...وجاء التصريح بعد زيارة أجراها «كابالاري» مؤخرا لليمن، حيث التقى أطفالا متضررين من الحرب، بالتزامن مع مرور 3 أعوام على بدء الحرب...ورغم تراجع عدد المشتبه في إصابتهم بالمرض خلال الأشهر القليلة الماضية، فإن عدد المصابين بالكوليرا والإسهال الحاد في اليمن، بلغ أكثر من مليون شخص منذ العام الماضي...وقال «كابالاري»، في مؤتمر صحفي في العاصمة الأردنية عمان: «دعونا لا نخدع أنفسنا.. الكوليرا ستعود.. موسم الأمطار سيبدأ في غضون أسابيع قليلة، ودون وجود استثمار ضخم ستجتاح الكوليرا الشعب والأطفال في اليمن مرة أخرى»...ووفقا للمنظمة، يشكل الأطفال دون سن الـ15، أكثر من 40% من حالات الاشتباه بالإصابة وربع الوفيات...ووفقا لبيانات المنظمة، يوجد حاليًا في اليمن أكثر من 11 مليون طفل بحاجة إلى مساعدة إنسانية، وأن أكثر من نصف أطفال اليمن لا يستطيعون الحصول على مياه شرب آمنة وخدمات صرف صحي ملائمة...

 

وتشير التقديرات إلى وجود 1.8 مليون طفل مصاب بسوء التغذية الحاد، منهم 400 ألف حالتهم تشكل خطرًا على حياتهم...في نفس الوقت أعلنت منظمة الصحة العالمية، أنها سجلت 84 حالة وفاة بمرض الدفتيريا في اليمن، منذ أواخر أكتوبر 2017...وقالت المنظمة الأممية في تقرير لها إنه تم تسجيل هذه الحالات في 20 محافظة من أصل 23 وفي 191 مديرية من أصل 333...وأفاد التقرير بأنه تم أيضا رصد 1516 حالة إصابة بهذا المرض في تلك المحافظات، كاشفا أيضا أن محافظتي إب (وسط)، والحديدة (غرب)، هما أكثر المحافظات التي انتشر فيها المرض...وينتقل مرض "الدفتيريا" عبر جرثومة تدعى "الوتدية الخناقية"، ويصيب بشكل أساسي الفم والعينين والأنف، وأحيانا الجلد، وتمتد فترة حضانة المرض من يومين إلى 6 أيام...

 

الأزمة تزداد حدتها مع عجز المنظمات الدولية عن توفير المبالغ المالية الكافية لمواجهة التدهور الصحي والإنساني حيث أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أنه لا يوجد موارد كافية لمعالجة أزمة اللاجئين التي تعتبر الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية...وقال غراندي في مقابلة تلفزيونية: "نحتاج إلى موارد إنسانية لمعالجة الحاجات الأساسية من غذاء وأدوية ومأوى وحماية لاسيما لمن هم أكثر عرضة للتأثر كالنساء والأطفال"...

 

وأشار إلى أن الحاجات تتزايد بشكل خاص لأن معدل بقاء اللاجئ في بلد أجنبي يقارب 15 إلى 20 عاما في الوقت الراهن...وقد كشف أمين عام الأمم المتحدة خلال المؤتمر الدولي الذي عقد أمس في جنيف من أجل إغاثة الشعب اليمني عن حجم المأساة قائلا: "يتعرض المدنيون للهجمات العشوائية والتفجيرات والقناصة والعبوات غير المنفجرة وتبادل إطلاق النار والاختطاف والاغتصاب والاعتقال التعسفي. كل 10 دقائق يموت طفل تحت سن الخامسة نتيجة أسباب يمكن تلافيها. نحو 3 ملايين طفل تحت الخامسة وامرأة حامل ومرضعة، يعانون من سوء التغذية الحاد."..وأضاف:إن وضع اليمن اليوم كارثي ولكنه شدد على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي للحيلولة دون أن يصبح اليمن مأساة طويلة الأمد...

 

ورغم تأكيد الأمين العام على تعهد المؤتمر بجمع ملياري دولار لإغاثة الشعب اليمني إلا أن التجارب السابقة تؤكد أن الوعود غير كافية وأنها في أغلب الأحيان لا تنفذ لأسباب عديدة..كما أن المتمردين الحوثيين يستغلون سيطرتهم على بعض المناطق لوضع أيديهم على المساعدات الدولية لصالح عناصرهم أو لبيعها في السوق السوداء وهو ما كشفته العديد من التقارير المصورة مما يزيد من حدة الأزمة ويعمق من تداعياتها بل إن الأمم المتحدة تظهر أحيانا تعاطفا غير مبرر مع الحوثيين وتتعاون معهم رغم أنهم يشكلون حكومة غير شرعية وغير معترف بها...

 

الأزمة الإنسانية في اليمن لا يمكن فصلها عن الطريقة الخاطئة والمشبوهة التي تتعامل بها المنظمات الدولية والقوى العظمى مع إيران والميليشيات التابعة لها في المنطقة والتي تمرح بحرية دون عقوبات رادعة مما ساعد على إطالة أمد الحرب في اليمن وأثّر بشدة على الوضع الإنساني.