الراحل أحمد خالد توفيق شاهداً!! لا مكان للمتطهرين في "غيتو" المثقفين
26 رجب 1439
منذر الأسعد

توفي  في القاهرة قبل أيام، الدكتور أحمد خالد توفيق الذي اشتهر بإبداعاته الأدبية الغزيرة، أكثر من شهرته في حقل عمله الرفيع فهو استشاري في طب الأمراض الباطنية وأستاذ تخصصه بكلية الطب في جامعة طنطا.

 

وكانت جنازته استثنائية فقد حضرتها حشود من مختلف الأعمار. وأثار نبأ وفاته المباغتة مشاعر من الحزن لفقده عند جمهور عريض وخاصة في أجيال الشباب التي تأثرت بأعماله الروائية.

 

في المقابل، سعى بعض مرضى  القلوب إلى الغمز من قناة الرجل، حسداً له على شعبيته التي ليس لهم عشر معشارها، وغيظاً من أنه لم يقبل ولوج عالَمهم الآسن، لأنه أبى الانحناء لشروط الهدم السائدة في " فردوس" الأوصياء على الثقافة.

 

بصمة قهرت العوائق
غاظ الرجلُ كهنةَ الوصاية على الفكر مع أنه لا ينطلق في أدبه من رؤية إسلامية واضحة.. غاظهم لأنه استطاع بلوغ الشهرة رغم أنوفهم .. فهم لا يبجلون إلا من يقدم لهم فروض الطاعة، وأولها التبرؤ من هويته، ثم شتم دينه وأمته، والطعن في مقدساتها، والافتراء على رموزها وتاريخها.

 

تقول عنه موسوعة ويكبيديا:
أحمد خالد توفيق فراج (10 يونيو 1962م - 15 رجب 1439 هـ / 2 أبريل 2018م)، مؤلف وروائي وطبيب مصري. يعد أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب والأشهر في مجال أدب الشباب والفانتازيا والخيال العلمي ولقب بالعراب.

 

بدأت رحلته الأدبية مع كتابة سلسلة ما وراء الطبيعة، ورغم أن أدب الرعب لم يكن سائداً في ذلك الوقت، حققت السلسلة  نجاحاً كبيراً واستقبالاً جيداً من الجمهور ما شجعه على استكمال السلسلة، وأصدر بعدها سلسلة فانتازيا عام 1995 وسلسلة سفاري عام 1996.

 

قام أحمد توفيق بتأليف روايات حققت نجاحاً جماهيرياً واسعاً، وأشهرها (رواية يوتوبيا) عام 2008 والتي ترجمت إلى عدة لغات وأعيد نشرها في أعوام لاحقة، وكذلك (رواية السنجة) التي صدرت عام 2012، ورواية (مثل إيكاروس) عام 2015 ثم رواية في ممر الفئران التي صدرت عام 2016 بالإضافة إلى مؤلفات أخرى مثل: "قصاصات قابلة للحرق" و"عقل بلا جسد" و"الآن نفتح الصندوق" والتي صدرت في ثلاثة أجزاء.

 

قدم الراحل ست سلاسل من الروايات وصلت إلى 236 عدداً، وترجم عدداً من الروايات الأجنبية ضمن سلسلة روايات عالمية للجيب. كما قدّم أيضا خارج هذه السلسلة الترجمات العربية الوحيدة للروايات الثلاث نادي القتال (fight club) للروائي الأمريكي تشاك بولانيك وديرمافوريا (رواية لكريج كليفنجر) وكتاب المقابر (نيل جايمان)، بالإضافة إلى ترجمة الرواية الطويلة (عداء الطائرة الورقية للأفغاني خالد حسيني).

 

 

لا لطريق التغريب

أكد الكاتب الراحل ، في آخر ظهور إعلامي قبل أيام من وفاته، أنه رفض "نصيحة" من  الدكتور علاء الأسواني للوصول للعالمية".

 

وقال توفيق، للقاص عمر طاهر، في حلقة من برنامجه "وصفوا لي الصبر"، قبل أن يغيبه الموت، يوم الاثنين ( 3/4/2018) : إن "الكتابة علاج لاضطرابات الكاتب النفسية، وإن الكاتب الحق والناجح أيضًا هو الذي يكتب لنفسه أولًا لأنه لو كتب من أجل القراء أو الجماهير فسيدخل في دائرة الافتعال والابتذال".

 

 

وأضاف: "بدأت مشواري الأدبي بالكتابة عن العلاج النفسي، وطرق الاستمتاع الذاتي، وأطلع الغليان اللي كان جوايا دون النظر للشهرة؛ فالجماهيرية ممكن تأذي الكاتب نفسه".

 

 

وتابع: "شعرت بالجماهيرية في كتابي العاشر بعد ست سنين من الكتابة، وأنا أخذت أقصى شهرة ممكن ينالها كاتب بسبب توجهي لجيل كبر معي".

 

 

وأكد أن الكاتب الناجح هو اللي بيكتب لنفسه وأنا في ذهني أنا بس، مش علشان القارئ ولو كتبت علشان القارئ أو علشان الجماهيرية هخش في دائرة الافتعال الابتذال وتحولنا إلى ما يطلبه المستمعون".

 

 

وتابع:"الشهرة لا تعني النجاح، والبيست سيلر الأكثر مبيعًا لا تعني الجودة، ولو احتكمنا لهذا المقياس، وحاليا اللعبة تغيرت بسبب الميديا، وعلاء الأسواني أصبح أشهر من نجيب محفوظ"".

 

 

وعن علاقته بالدكتور علاء الأسواني قال: "الدكتور علاء الأسواني قال لي على وصفة للوصول للعالمية وهي قصة عن علاقة (..... = شاذة) بين منتقبتين، والمجتمع اضطر أن واحدة تتزوج رجلا فظا، واكتشف أنها غير مختنة وعملوا لها عملية ختان فماتت، وقال لي دي قصة توزع 60 مليون نسخة وتحتل غلاف مجلة نيوزويك، لكني لو كتبت هذه القصة خنت قاعدة ما يطلبه المستمعون وهبيع كتير وأنجح في الغرب".

 

الشباب يفحمون النخبة النخرة
كتب الأستاذ فراج إسماعيل عن توفيق بعد وفاته: "إننا محظوظون لأننا لم نمت خجلاً من زمن من فرط جهلنا وضعفنا". هكذا قال الأديب والروائي الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق متحدثا عن شخصه الذي اعترف بعض من النخبة المصرية بأنهم لم يسمعوا به إلا عقب وفاته.

 

كأنه كان يتوقع هذا الاعتراف المخجل كما توقع تاريخ موته وتشييعه. لكن الوفاة والتشييع في مسقط رأسه طنطا كشفا لنا كم كان مشهورا عند الشباب الذي يملك الحاضر والمستقبل. الذين جهلوه هم فقط الزاعقون الذين أصابوا الناس بالملل من كثرة ظهورهم وادعائهم العلم والمعرفة والكياسة والفطنة والسياسة.

 

الجهل بحجم روائي وكاتب كبير كأحمد خالد توفيق هو تعبير عن حالة نخبة تعاني من حبس نفسها في شرنقة التعالي على الشباب والهروب من قضاياهم وإنكار أنهم سيمسكون بالدفة في المستقبل القريب.

 

ويضيف: لم نر مسئولا واحدا في جنازة روائي وكاتب استثنائي في تاريخ الثقافة المصرية. ربما لم يرسل أحدهم حتى برقية عزاء. لم نر برنامجا أو لقاءات عنه في فضائياتنا التي تنافس الليمون عددا.

 

أي أن من تجهله ليست فقط النخبة المفترض أنها مثقفة، وإنما المسئولون في الدولة، وهذا يعني أنهم لا يعرفون شيئا عن مناخ الشباب واتجاهاته، علما بأن الروائي الدكتور أحمد خالد توفيق ليس شابا، فقد مات في الخامسة والخمسين، إلا أن الشباب التفوا حول نعشه وبكوه من المحيط إلى الخليج لأنه عبر عنهم ورآهم أصحاب الشأن في مصر والعالم العربي.