فيسبوك....والتحريض ضد المسلمين
29 رجب 1439
د. زياد الشامي

قد لا تكون حقيقة تحريض وسائل الإعلام العالمية ومحركات البحث الالكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي عموما وفيس بوك على وجه الخصوص ضد المسلمين بالأمر الجديد أو المعلومة الحديثة بعد أن قال واقع الحال كلمته وأيدت مئات وآلاف الشواهد المعاصرة الأمر حتى غدت بدهية من البدهيات المعاصرة وإحدى مسلمات الوقت الراهن .

 

 

ما يمكن الحديث عنه ضمن هذا الإطار هو مقياس الانحياز الفيسبوكي السافر لصالح غير المسلمين ودرجة تغاضيها عن مستوى التحريض ضد المسلمين الذي وصل إلى حد السكوت وتمرير التشجيع على القتل والإبادة دون استثناء أطفال وضعفاء المسلمين على منصتها الالكترونية من غير أن تعتبر ذلك تحريضا أو نشرا لخطاب الكراهية الذي تزعم وأخواتها أنها تحاربها وتمنع نشر أي شيء يتعلق بالتحريض أو الكراهية .

 

 

هذا الانحدار العنصري الجديد الذي سجلته فيس بوك والانحياز البغيض ضد المسلمين لم تستطع حتى وسائل الإعلام الغربية التغاضي عنه أو المرور عليه دون تعليق من شدة فظاظته وفجاجته وعلانيته المفرطة التي ربما لم يأت أوانها بعد أو لا تصب في مصلحة المخطط الغربي المناوئ والمعادي لدين الله الحق وأتباع الموحدين أو لا تعدو أن تكون تنفيذا لدور مرسوم لا أكثر .

 

 

صحيفة لوموند الفرنسية اتهمت فيسبوك منذ أيام بترك خطابات الكراهية ضد الأقليات المسلمة تنتشر عبر صفحاته واعتبرت السبب هو : إهمال إدارة فيسبوك تدقيق ما ينشر عليه مستخدموه حسب الصحيفة !!

 

 

وفي التفاصيل ذكرت الصحيفة أنه فور انتشار العنف الطائفي في وسط سريلانكا في مارس/آذار الماضي، نبه نشطاء سريلانكيون فيسبوك إلى انتشار رسائل تحض على الكراهية ضد الأقلية المسلمة. وذكروا كمثال على ذلك رسالة تقول بالحرف "أبيدوا جميع المسلمين لا تستثنوا منهم رضيعا فهم (كلاب أنذال)".

 

 

وعلى الرغم من خطورة الأمر وفظاعة التهديد وحجم التحريض الموجود في ألفاظ وكلمات المنشور إلا أن إدارة فيسبوك تجاهلت التنبيهات و لم ترد على النشطاء إلا بعد ستة أيام لتخرج بعد صمتها الطويل بتصريح هو في الحقيقة أشد خطرا وأبلغ تأثيرا على المسلمين من المنشور نفسه !!!

 

 

رد إدارة فيس بوك عللى التحريض الصريح والواضح على قتل المسلمين وإبادتهم وعدم استثناء أطفالهم هو : إن مثل هذا النص لا ينتهك "معايير المجتمع" حسب ما جاء في تقرير لصحفيي لوموند "هارولد تيبولت" و "برينو فيليب" الذي يعمل كمراسل للصحيفة في بانكوك وجنوب شرق آسيا .

 

 

صمت فيس بوك وتغاضيها عن منشورات التحريض ضد المسلمين لم يقتصر على مسلمي سريلانكا حسب الصحيفة الفرنسية , بل طال مسلمي ميانمار أيضا حيث اتهمت "لوموند" إدارة فيس بوك بالمساهمة في مأساة مسلمي الروهينغيا في أراكان عندما ترك الحبل على الغارب للإرهابيين المتشددين البوذيين لنشر خطاباتهم المحرضة ضد الأقلية الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم دون أن يكلف فيسبوك نفسه عناء التدقيق في ما ينشر عبر صفحاته .

 

 

وإذا علمنا بأن معظم سكان سريلانكا وميانمار يستخدمون الفيس بوك كوسيلة من وسائل التواصل على نطاق واسع حيث هناك ما يزيد عن ستة ملايين حساب نشط على هذه الشبكة في بلد "يستيقظ أهله على فيسبوك وينامون على فيسبوك" على حد تعبير الكاتب البورمي "ثورين وين" ....فإن خطر التغاضي عن منشورات التحريض ونشر الكراهية ضد المسلمين المستضعفين أصلا والمضطهدين بطبيعة الحال يبدو أشد وأعظم .

 

 

الحكومة السريلانكية لم تجد حينها بدا من منع الوصول إلى فيسبوك في أنحاء البلاد لعدة أيام على أمل القضاء على أعمال العنف التي تصاعدت بشكل خطير ضد المسلمين , كما اعتبر مدير مركز البدائل السياسية بسريلانكا "بايكياسوثي سارافاناموتو" أن فيسبوك ما هو إلا "منصة تردد خطاب الكراهية يجد فيها المعتدلون أنفسهم مهمشين عن النقاش" .

 

 

لا يبدو أن إدارة فيس بوك في وارد التراجع عن سياستها العنصرية وانحيازها السافر ضد المسلمين فعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لها من داخل سريلانكا وخارجها على ازدواجيتها المفضوحة فيما يتعلق بشعاراتها المرفوعة بحظر منشورات التحريض وعبارات نشر الكراهية إلا أن الأخيرة لم تعد سوى باستخدام المزيد من مدققي المحتوى الذين يتحدثون اللغات المحلية دون أن تفصح في الوقت ذاته عن عدد الموظفين الذين ستخصصهم لمراقبة المحتوى الذي ينشر في هذه الدول !!!

 

 

إن عدم اعتبار منشور تحريضي ضد المسلمين في سريلانكا بهذا الحجم من الوضوح والتصريح والعلانية " ينتهك معايير المجتمع" من قبل إدارة فيس بوك هو في الحقيقة قفزة خطيرة نحو مرحلة أخرى من مراحل تنفيذ مخطط استهداف المسلمين ودينهم الخاتم .

 

 

وما لم تتم مواجهة مثل هذا التصعيد الخطير من قبل الدول العربية والإسلامية فإنه لن يطول بنا الزمن حتى نرى تسارعا ملحوظا ورهيبا في خطوات الانتقال من مرحلة إلى أخرى أدهى وأنكى من مراحل محاولة النيل من دين الله وأتباعه في كافة أرجاء الأرض .