فرد طريد أعزل يهزم القوى النووية!
28 شوال 1439
مهند الخليل

من غير المعقول أن يتمكن فرد وحيدٌ وأعزل من إلحاق الهزيمة بدولة ذات جيش مدجج بالسلاح؛ فكيف إذا كان ذاك الشخص طريداً يتخفى وراء جدران سميكة من الحجب الكثيفة، لا يأتمن مخلوقاً على حياته، فهو يخشى أن تباغته في أي لحظة رصاصةٌ غادرة متربصة يسددها إلى صدره أي عميل مأجور لدى أعدائه الكثر أصحاب السجلات الإجرامية الضخمة؟ وكيف إذا كان قد هزم الدول الكبرى مالكة الترسانات الهائلة من الأسلحة النووية؟

 

 

قيصر الشام كاشف الأسرار
مضت على صاحبنا حتى الآن خمس سنوات من العرب، قضاها متخفياً لا يعرفه سوى أفراد عائلته، بالرغم من ظهوره أمام الكونغرس الأمريكي – من دون تصويره ولا ظهور أي من معالم شكله- ..

 

اسمه المستعار الذي يتقنع وراءه هو: قيصر .. ولا يعلم إلا الله سبب اختياره هذا الاسم ذا الإيقاع الخاص المفعم بالتاريخ الغربي بدلالاته الفاقعة؟
قبل أيام، نجحت صحيفة بيليد الألمانية المعروفة، في إجراء أول حوار إعلامي مع القيصر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.

 

تخبرنا الصحيفة أن قيصر أصبح اسمه: سامي ولكن قد يكون الاسم الجديد مستعاراً مثل سابقه فهل يريد الرجل أن يتخلص من عبء القيصر ؟

 

المهم أن  (سامي) كان يعمل مصوراً عسكرياً لدى النظام السوري، حيث كان يلتقط صور للجرائم والحوادث العسكرية. إلا أنه بعد انطلاق الثورة، في ربيع 2011، أمره رؤساؤه بتصوير جثث السجناء الذين تعرضوا للتعذيب.

 

ونجح في تهريب أكثر من 53 ألف صورة من تلك الصور التي لا مثيل لها في التدليل على وحشية مخابرات الأسد في حق المعتقلين..

 

بدأ (سامي) يلتقط صوراً لطلاب احتجوا على ما يبدو ضد (الأسد)، الأمر الذي أصابه بالصدمة بحسب ما أخبر الصحيفة، إلا أنه خاطب نفسه قائلاً "عليك الاستمرار! يجب جمع هذه الصور لإظهارها للعالم" ولذلك قرر البقاء مع النظام، وقام سراً بنسخ الصور التي يلتقطها، على ذاكرة محمولة " فلاشة"  "USB" وتهريبها إلى خارج غرف التعذيب في المشافي العسكرية مساء، مخبئاً الـ "USB" في حذائه أو ضمن حزامه، حيث يقوم بنقل الصور على كومبيوتره الشخصي.

 

اعتقال أنباء عمه
 قامت مخابرات النظام، بتفتيش منزل (سامي) مرتين بحسب ما قال للصحيفة، وصادرت معدات تقنية تشمل هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر. خبأ (سامي) الكومبيوتر الشخصي الذي يستخدمه من أجل حفظ الصور مدركاً أن "جماعة الأسد يمكن أن يأتوا في أي وقت ، وقد" فسر الأمر بخشيته من "أن ينتهي بي الأمر مثل الناس – الذين أراهم -  في الصور".

 

ألقت مخابرات بشار القبض على اثنين من أبناء عم (سامي)،  مات أحدهما في السجن، ومازال مصير الآخر مجهولاً .

 

(سامي)  الذي يبلغ من العمر 51 عاماً، يعيش منذ خمس سنوات، في مكان ما في أوربا، ضمن قرية لا يتجاوز عدد سكانها 20 ألف نسمة.

 

قام (سامي) في 2013، بتهريب 53,275 صورة من سوريا، توثق نهايات همجية لأكثر من 11 ألف شخص، تعرضوا للتعذيب في أقبية مخابرات الأسد حتى الموت. ففي الصور  أشخاص  تم سلخ بشرتهم، واقتلاع أعينهم من أماكنها، وتم تهشيم أسنانهم وأفواههم، مع بتر للأطراف.

 

ولا يخفي سامي شعوره بالمرارة من خذلان " الإنسانية" للشعب السوري .

 

فهذا الرجل الشجاع ظن -مثلما ظن معظم الناس يوماً- أن في حوزته ما يكفي لشن حرب كونية لاقتياد القتلة إلى العدالة!! وما كان يظن أكثر البشر تشاؤماً أن تنتهي الصور المزلزلة إلى المتاحف والـمَعَارض التي يدخلها قلة من البشر..

 

الأمم التي لم تتحد إلا على السوريين
ليس في تاريخ حروب الإبادة في العصر الحديث أي توثيق يضاهي  1% مما فعله سامي -أو قيصر سابقاً-.. وليس في تاريخ الإنسانية المعاصرة تواطؤ على عدم الاكتراث بأعظم مأساة عرفتها البشرية حتى اليوم– بل تواطؤ على الاشتراك في حرب الإبادة بدرجات متفاوتة-..

 

كان المجرمون الكبار يوفرون حماية لا سابق لها للقتلة، من خلال مسرحيات مجلس الأمن حيث يتطوع مندوب بوتن -ومعه مندوب الصين أحياناً- بممارسة ظلم النقض -يسمونه: حق !! حق الفيتو وليس فيه ذرة من الحق- .

 

لكن جرائم المنظمة الأممية تكشفت رغم التكتم الشديد، من تقديم مساعداتها " الإغاثية" للقتلة لا الضحايا.. ومن مشاركتها المخزية في التهجير القسري والتغيير السكاني – وهو جريمة إضافية ضد الإنسانية بحسب قوانينها-.

إلا أنها تأبى أن تقف في إجرامها عند حد..

 

ففي الشهر الماضي -تحديداً بتاريخ: 21 حزيران / يونيو 2018- تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” التقرير الذي صدر يوم أمس ( 20/6/2018)  عن لجنة تابعة للأمم المتحدة، جاء فيه قيام قوات نظام الأسد وحلفائه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك تجويع المدنيين والقصف العشوائي، عندما استعادة الغوطة الشرقية من المعارضة.

 

 

واستطاعت الصحيفة الحصول على نسخة من مسودة سابقة لهذا التقرير من أحد أعضاء اللجنة الأممية (رفض الكشف عن هويته)، وتكشف هذه المسودة عن حذف فقرات تدين استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية.

 

 

وتمحورت بعض الفقرات من التقرير النهائي المكوّن من 28 صفحة إلى عدة فقرات تحتوي على ما قيل إنه دليل على استخدام متكرر للأسلحة الكيماوية، لكن التقرير لم يتطرق إلى هوية المسؤول عن هذه الهجمات.

 

 

على خلاف ما جاء في المسودة الأولى للتقرير، التي خصصت أكثر من 20 فقرة تحوي أدلة على استخدام واسع للأسلحة الكيماوية من قبل نظام الأسد، مرفقة بشهادات وتوصيف مفصّل حول 6 هجمات على الأقل في الثلث الأول من هذا العام، وأبرزها هجوم 7 أبريل/نيسان الذي أودى بحياة 40 شخص.

 

 

وأكدت المسودة التي حصلت عليها الصحيفة أن قوات الأسد والميليشيات التابعة لها استمرت في استخدام الأسلحة الكيماوية في مناطق مدنية مكتظة بالسكان في جميع أنحاء الغوطة الشرقية، ووصفت هذا الاستخدام بأنه “واحد من أكثر أنماط الهجوم الشرسة التي تم توثيقها خلال الفترة التحقيق”.

 

وجاء أيضاً في المسودة أن بعض الذخائر الكيماوية تم تسليمها عبر صواريخ مدفعية صممتها إيران، مضيفةً أن استخدام العوامل الكيماوية-الكلور على الأرجح -، نُفّذ بواسطة ذخائر بدائية بمساعدة الصواريخ، المعروفة باسم “إيرام”.