كيف يخفي نظام الأسد قتل المعتقلين؟
20 ذو القعدة 1439
خالد مصطفى

منذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد قبل عدة سنوات بدأ الحديث عن موجة ضخمة من الاعتقالات للناشطين والمعارضين للنظام, واختلفت التقديرات حول أعداد المعتقلين ومع مرور الوقت كانت هذه التقديرات تزداد بشدة كما بدأت شهادات مروعة تخرج من مسالخ الأسد تتحدث عن جرائم التعذيب والقتل التي تجري ضد المعتقلين...

 

وقد ظهر خلال السنوات الماضية عدد هائل من الصور التي تكشف حجم الانتهاكات التي تقوم أجهزة الأسد الأمنية داخل المعتقلات وعرض بعضها داخل مجلس الأمن إلا أن نظام الأسد ظل يتجاهل وينفي هذه التقارير والشهادات بينما وقفت المؤسسات الدولية مكتوفي الأيدي ولم يتجاوز استنكارها الشجب والقلق في حين واصل نظام الأسد اعتقال المزيد وإخفاءهم دون أن يتمكن أهالي المعتقلين من معرفة مكان وجودهم أو مصيرهم...

 

وبعد هذه السنوات نشرت صحيفة الديلي تليغراف البريطانية موضوعا عن التطورات في سوريا بعنوان "النظام السوري يصدر شهادات وفاة للمعتقلين السياسيين"...وقالت الصحيفة, إن هبة دباس رأت أخيها آخر مرة في مدينة صيدنايا السورية في عام 2013. بعدها لم تعرف عنه شيئا سوى قبل أسابيع حين علمت أنها ربما تكون قادرة على البحث عن شقيقها، فأرسلت ابن عمها إلى المدينة للسؤال. وأمام الموظف الحكومي الذي أخذ يراجع كشفا أمامه، وقف ابن عمها في صمت حتى سمع الموظف يقول: "إسلام دباس ميت"...

 

وتنقل الصحيفة عن هبة، التي تقيم حاليا في مصر، قولها إنها كانت تعلم أن شقيقها إسلام، الذي كان يلقب بـ"وردة الثورة السورية"، من المرجح أنه قد مات لكنها الآن لا تعرف مكان جثته أو كيف يمكن لها أن تزور قبره...

 

وأضافت الصحيفة, إن صيدنايا تضم أسوأ سجن في سوريا، يعرف بأنه أكبر مسلخ بشري في العالم حيث تتم عمليات قتل السجناء والمعتقلين بشكل جماعي. لكن ما حدث مؤخرا هو أن النظام السوري بدأ في تعديل قاعدة البيانات بما يعتبر اعترافا ضمنيا بأن آلاف السجناء قتلوا وهم رهن الاحتجاز وتحت عهدة النظام...

 

وأصدر نظام الأسد, وفقا للصحيفة، أكثر من 400 شهادة وفاة لشباب قال إنهم ماتوا في الخامس عشر من يناير عام 2013، وهو ما يشير إلى حدوث "مذبحة وواقعة قتل جماعي"، لكن أسباب الوفاة في شهادات الوفاة تتراوح بين سكتة قلبية أو أزمة قلبية...من جهتها نقلت وكالة رويترز عن مواطنة سورية تدعى آمنة الخولاني أنها كانت متشبثة بالأمل في أن يكون شقيقاها مجد وعبد الستار على قيد الحياة، برغم انقطاع الأخبار عنهما في سجن لنظام الأسد بعد اعتقالهما في أوائل الثورة السورية...

 

غير أنها علمت في الأسبوع الماضي، من سجلات رسمية نشرت حديثا وحصل عليها أقارب، أن الرجلين توفيا في عام 2013 أي بعد أسابيع فقط من آخر مرة رأتهما الأسرة من خلال سور حديدي أثناء زيارة إلى سجن صيدنايا العسكري قرب دمشق...

 

وقالت آمنة، وهي الآن لاجئة في بريطانيا،”كل الوسايط كانت تجيب لنا إنه تمّ إعدامهم. هذا الحكي من زمان يوصلنا بس نحن ما نتقبله مليون بالمئة. نعرف إن النظام مجرم وإنه ممكن يعملا بس دائما يضل عندك أمل إن هذا كلام إشاعة أو مو صحيح“...وبعد سنوات من صمت نظام الأسد بشأن مصير عشرات الآلاف من الأشخاص الذين تقول منظمات حقوقية إنهم اختفوا قسريا خلال الحرب، قال سوريون علموا في الآونة الأخيرة بمصير ذويهم إن السلطات بدأت تحديث السجلات لتعترف بوفاة المئات...

 

وقالت منظمات حقوقية وسوريون إن الأسر بدأت في أبريل تقريبا تكتشف بمحض الصدفة ما حدث لأحبائهم، عندما طلبت سجلات من مكاتب السجل المدني...ومثل تلك السجلات مطلوبة لكثير من الأعمال الإدارية في سوريا، ولذلك كثيرا ما يسعى السوريون لاستخراجها. وفي هذه المرة فقط لم تكن المعلومات ما يتوقعونه، وإنما ما كانوا يخشونه طويلا...

 

وانتشرت الأنباء عن أن السلطات بدأت تعترف بالوفيات وأقبل المزيد من الناس على مكاتب التسجيل للحصول على معلومات.