صحفيو العراق بين المطرقة والسندان (1)
18 شوال 1429
سارة علي
الكلمة ..الحضارة.. منبع العلم ..وصدق التعبير منشئها ارض الرافدين وكما استهدف في العراق العلماء والحضارة والأرض والطير  والشجر وحرية التعبير وقول الحقيقة ونقلها من قبل الكثير من الأقلام ومصادر الإعلام فكان لابد من إسكات تلك المصادر أو محاولة التقليل من فعاليتها , أما الجهات التي تريد ذلك فهي كثيرة ومتعددة ولكن من يقف ورائها ؟هو نفسه من استباح العراق وبكل شئ فيه ولم يدع شيئا مصان وان اختلف توجهه وشكله ولكنه يتبع مصدرا واحدا هو المحتل لأرض العراق.
صحفيو وإعلاميو العراق عانوا ولازالوا يعانون من العنف الدائر في العراق وإنهم من ضمن أوائل الشخصيات التي يتم استهدافها في العراق وحتى في خارج العراق بعد أن نالهم التهجير القسري والتهديد المعلن وغير المعلن ولكن هذا لا يعني انه في العراق لا توجد أبواق تطبل للمحتل وأعوانه وتشيد بانجازاتهم التي جاءوا بها إلى ارض العراق من انعدام الأمن وسرقة الخيرات واستقرار الكهرباء في العراق وخاصة بغداد وإذا سالت مواطنا عراقيا ماذا تقصد باستقرار الكهرباء ؟ يقول لك أي أنها استقرت تماما بعدم عودتها ولقد نسيها المواطن العراقي معتمدا على البدائل التي تعود إلى مائة سنة أو أكثر, من الإضاءة بالشموع والفوانيس , وتجد الكثير من الإعلاميين والصحفيين العراقيين للأسف يطبل لتلك الجهات ويصف للعالم الحرية والديمقراطية التي يعيشها العراق اليوم ولسان الشارع العراقي يقول كما يقول المثل الشعبي ( طلعت من حفرة وسقطت ببئر ) , فلقد كان العالم يعيب على العراق قلة حرية الصحافة والكلمة وأنها بوق للنظام الحاكم ولكن ما الذي تغير اليوم إذ إن الصحفي والإعلامي العراقي إذا أراد أن ينقل حدثا وقع في بلده أو يشكو هما فما يكون مصيره إلا التصفية الجسدية أو الاعتقال من قبل القوات الأمريكية المحتلة وإذا نجا من الطريقين السابقين طالته يد وزارة الداخلية بتهمة تحريض الإرهاب والأوفر حضا منهم من وصله التهديد وترك العراق حيث المصير المجهول .
والمهم في كل ذلك إن العراق يتصدر طوال تاريخ النزاعات والحروب التي حدثت في عالمنا المعاصر يتصدر في إن  عدد الصحفيين الذين تم تصفيتهم في العراق منذ بدء احتلال العراق في عام 2003 إلى يومنا الحالي يتجاوز أرقام القتلى من صحفيو العالم في النزاعات التي حدثت في تاريخنا المعاصر
   صحفيين قتلوا في صراعات:
الجزائر (1993- 1996): 58
كولومبيا (1986 - حتى الآن): 52
البلقان (1991 - 1995): 36
الفلبين (1983 - 1987): 36
تركيا (1984 - 1999): 22
طاجاكيستان (1992 - 1996): 16
سيرا ليون (1997 -2000): 15
أفغانستان (2001 - 2004): 9
الصومال (1993 - 1995): 9
كوسوفا (1999 - 2001): 7
حرب العراق الأولي (1991): 4 (قتلوا جميعا بعد النهاية الرسمية للحرب ،لكن خلال الصراعات التي أعقبتها)
الصراعات في أميركا الوسطى : ملتقي الحرية, مؤسسة غير حزبية مهتمة بحرية الصحافة , ذكرت مقتل 89 صحفي بين عامي 1979 - 1989
الأرجنتين: ملتقي الحرية , ذكرت مقتل 98 في الأعوام 1976 - 1983
فيتنام : ملتقي الحرية , ذكرت مقتل 66 في تغطية الصراع في فيتنام من 1955 - 1975 , و نادي المراسلين الأجانب في اليابان قام بعمل مسح علي السنوات 1962 - 1975 , ذكر مقتل 71 صحفي
الحرب الكورية: ملتقي الحرية , ذكرت مقتل 17 صحفي
الحرب العالمية الثانية: ملتقي الحرية , ذكرت مقتل 68
الحرب العالمية الأولى: ملتقي الحرية , ذكرت مقتل 2
موظفو لجنة حماية الصحفيين في العالم قاموا بإعداد تقريرا عن العنف في العالم الذي طال الصحفيين وجدوا إن البلد الأشد عنفا وخطرا على الصحفيين في العالم هو العراق وللسنة الخامسة على التوالي، هو البلد الأشد فتكا على الصحافة وبالصحفيين,
وقال جويلسايمون، المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، "إن العمل كصحفي في العراق يظل من أخطر الأعمال في العالم. ويتعرض العاملون في الصحافة للملاحقة والقتل على نحو منتظم يثير القلق. كما يتعرضون للاختطاف تحت تهديد السلاح ثم يظهرون لاحقا وقد قتلوا بالرصاص في مكان الاختطاف. هؤلاء الذين يتعرضون للقتل هم دائما تقريبا من العراقيين، ويعمل العديد منهم مع وكالات الأنباء العالمية. ويضحي هؤلاء الصحفيين بحياتهم كي نتمكن نحن من معرفة ما يحدث في العراق.
منظمة صحفيون بلا حدود والتي مقرها باريس أعربت عن قلقها إزاء ما يتعرض له صحفيو العراق وعن تزايد أعداد القتلى منهم موضحة إن عدد الصحفيين الذين قتلوا بالعراق خلال الخمس سنوات يتجاوز عدد الصحفيين الذين قتلوا في حرب فيتنام التي استمرت عشرون عاما إذ يصل عدد الصحفيين الذين قتلوا في العراق ونحن لم نكمل عام 2008 ما يقارب 280 صحفيا أو عاملا في مجال الإعلام
وذكرت المنظمة أن العراق يعد أخطر بلد في العالم على العاملين في القطاع الإعلامي ، فيما صنف مؤشر احترام الحريات الصحفية الذي تصدره المنظمة سنويا إن العراق في المرتبة 157 من أصل 168 دولة شملها التصنيف لعام 2007 متراجعا ثلث مرتبات عن عام 2006 حيث كان ترتيب العراق 154 من اصل168
وقالت المنظمة إن كثيرا من الصحفيين العراقيين اختاروا المنفى حفاظا علي سلامتهم ، وقرر بعضهم الرحيل بعد التعرض لمحاولة اغتيال أو خطف، أو تلقي تهديدات. وانتقلوا بعضهم  إلى  الأردن وسوريا ،. و لجأ عشرات الصحفيين العراقيين إلى أوروبا، وذكرت مراسلون بلا حدود أنها ساعدت حوالي ثلاثين صحفيا عراقيا في السفر إلي فرنسا.وتشير المنظمة إلى أن الصحفيين العراقيين في المنفى يعيشون في ظروف صعبة وبعضهم اضطر إلي التخلي عن مهنة الصحافة, والكثير من الصحفيين الذين تركوا العراق وعاشوا سواء في البلاد العربية أو حتى الأوربية لم يسلموا من التهديد وحتى القتل ومنهم الصحفي مؤيد الحمداني الذي قتل بشقته بسوريا هو وزوجته في 15 يوليو من العام الحالي على يد مجهولين, والكثير من صحفيو العراق في سوريا والأردن ومصر تعرضوا للتهديد وهم بخارج بلدهم مما اضطر الكثير منهم إلى التخلي عن مهنة المتاعب الصحافة . وليت الأمر اقتصر على ذلك ولكن أيضا قتل البعض منهم الذين يعيشون في الدول الأوربية وليس فقط المناهضين للاحتلال وحكومة المالكي إنما أيضا الذين ينتقدون سياسة الحاكمين في إقليم كردستان وقد أفادت المعلومات الصحفية عن قيام الشرطة النمساوية قبل أشهر قليلة باعتقال مسرور بارزاني نجل مسعود بارزاني ورئيس مؤسسة الاستخبارات في ( الإقليم ) مع خمسة أشخاص من أفراد حمايته بتهمة محاولة قتلهم لكاتب كردي يقيم في النمسا
 ويذكر أن "خمسة من أفراد حماية مسرور بارزاني أطلقوا النار من مسدساتهم على الكاتب الكردي الدكتور كمال سيد قادر الحاصل على الجنسية النمساوية وأصابوه بجراح خطيرة، وأن الشرطة وصلت في الحال إلى موقع الحادث واعتقلت الأشخاص الخمسة بالإضافة إلى نجل الزعيم الكردي الذي كان معهم لحظة إطلاق النار
 
يذكر أن الكاتب كمال سيد قادر كان أحد المعارضين للسلطة الكردية في شمال العراق ، ونشر العديد من المقالات ضد العائلة البارزانية مما أدى إلى اعتقاله أثناء عودته إلى شمال العراق قبل عدة أشهر وتقديمه لمحكمة محلية التي أصدرت حكمها بالسجن لمدة ثلاثين عاما عليه، ولكن ضغوط دولية مورست على برزاني أدت إلى الإفراج عنه وعودته إلى النمسا التي يقيم فيها.
ومن المؤسف إن اغلب هذه العمليات التي تتم ضد صحفيي العراق سواء بالداخل أو بالخارج تقيد ضد مجهول ولم يتم التحقيق في تلك الجرائم، ولا يزال قتلة الصحفيين يسرحون ويمرحون دون أن ينالوا جزاءهم العادل.
وفي هذا الصدد، تقول منظمات دولية مهتمة بشؤون الصحفيين إن "مجرد إهمال التحقيقات في تلك الجرائم يعد انتهاكا صارخا للقوانين الدولية والإنسانية"، محملة الحكومة العراقية مسؤولية اتخاذ إجراءات فعالة وسريعة ورادعة لمنع وقوع الجرائم ضد الصحفيين
ولقد طالبت نقابة الصحفيين العراقيين وصحفيو كردستان بضرورة إصدار تشريع يضمن حقوق وحماية صحفيو العراق خاصة بعد اغتيال نقيب الصحفيين العراقيين شهاب التميمي وطالبوا أيضا بتوفير الضمانات لهم وحقوقهم بحرية العمل الصحفي نظرا لممارسات حكومة المالكي تجاه الصحافة العراقية بل إن حراس وحماية المالكي ضربوا ا صحفيين عراقيين أثناء تأديتهم لعملهم وذلك في محافظة بابل , ولم يقتصر الأمر على ذلك بل إن محافظ محافظة النجف اسعد أبو كلل صرح عن تخصيص مساحة من الأرض في محافظة النجف لدفن الصحفيين العراقيين في مقبرة وادي السلام في النجف,  
 
ورأى الصحافيون العراقيون في قرار أبو كلل نشرا لمفاهيم الموت، فضلا عن كونها نذير شؤم، ووجهوا تسألا لأبو كلل عن سبب اتخاذ مثل هذا القرار بدلا من قرار تخصيص قطع سكنية لهم ولأطفالهم, وهذا يعكس الواقع المأساوي الذي يعيشه صحفيو وإعلاميو العراق الذين وضعوا بين المطرقة والسندان .