22 ذو الحجه 1429

السؤال

نحن مجموعة من شباب " كونا مجموعة صغيرة في منتدانا" مجموعة لإحياء الأمة ،، أريد منكم اقتراحات تعيننا
أو على ماذا نركز في مواضيعنا لنجذب أكبر عدد ممكن للإهتمام بما نطرح؟؟ ولكم جزيل الشكر

أجاب عنها:
إبراهيم الأزرق

الجواب

الإخوة الكرام شكر الله لكم وبارك في جهودكم، وأعانكم وسددكم، وبعد فإن الحرص على هداية الناس وإحياء الأمة يحمد صاحبه ما لم يتجاوز حدود الشرع بدفع الحرص الزائد. وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم حريصاً على المؤمنين وقد أثنى الله عليه بذلك فنوه بحرصه ممتناً به على عباده في قوله عز وجل: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) [التوبة: 128]، والمهم أن يحذر المرء في حرصه من أمور تخرجه عن الجادة ومن أهمها:
1- ألا يضيق صدره بشيء من الشرع يرى أن في إعلانه تنفيراً للناس، وفي الذب عنه تعريض ذاته للقدح!
2- وفي مقابل ذلك لا يحمل الناس أو يلزمهم بما لم يلزمهم به الشرع، مما فيه فسحة، أو يكون غاية أمره الندب.
3- وليحذر كذلك من التنازل عن شيء من الدين لأجل جلب الناس، وله أن يتدرج في دعوتهم إلى الخير ومجافاتهم عن الشر شيئاً فشيئاً دون أن يترك واجباً، أو يقارف محرماً، ومن أعظم هذا أن ينكر شيئاً قرره الشرع، أو يزهد فيما ندب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وفرق كبير –لا يخفى على بصير- بين حَمْلِ الناس على ما لم يلزمهم به الشرع، وبين ترك ندبهم إلى ما ندبهم إليه، أو تزهيدهم فيه، فالأول ضرب من الغلو، والثاني ضرب من الجفاء، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.
4- ومع الحرص على هداية الناس احرص على نفسك! أنْ تذهب حسرات على المعرضين والمستهزئين ونحوهم، واعلم إنْ عليك إلاّ البلاغ المبين، والبلاغ المبين يقتضي نوعاً من الحرص على التبليغ الشرعي، فليس الحريص من يقذف بكلمة الحق شوهاء منتنة ثم يطلب من الناس قبولها! وإن منكم لمنفرين!! لكن الحرص المحمود لا يتناول تحصيل النتائج ككتابة الهداية في القلوب! فذاك لله يقدر فيه ويقضي ما يشاء بحكمته ورحمته وعدله.
وأما ما يعينكم على جذب الناس فكثير، وكل ما انضبط بالشرع فيشرع العمل على هداية الناس به، ويحسن ذلك ويقبح باعتبار أحوالكم وأحوال الناس. والناس أنواع فما يصلح لبعضهم لا يصلح لآخرين، والحكمة فعل ما ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، كما قال ابن القيم رحمه الله، (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلاّ ألوا الألباب) [البقرة: 269].
وعليه أخي الكريم فالجواب التفصيلي لا أملك أن أرشدك إليه، ولعلي أتحفك ببعض الأمور التي تعينك إجمالاً على إنجاح مقصدك، فمن ذلك:
أولاً: العناية بما يهم الناس، ويشغل أفكارهم من أمور الدنيا والدين، والعمل على نشر المنهج الصحيح في التعامل معها.
ثانياً: العناية بالنوازل والحوادث التي تشغل عموم الناس، والتماس مواضع العِبَرِ فيها، والعمل على تسخيرها فيما يرضي الله تعالى.
ثالثاً: العناية بالقضايا الكبرى وأهداف الرسل الرئيسة، والحرص على الدعوة إليها، وهذه إذا نُبِّه العقلاء إليها تنبيهاً صحيحاً انتبهوا إليها وعرفوا قدرها، واعتنوا بها، ولم يقدموا عليها سواها.
رابعاً: الحرص على إخراج المادة ذات المضمون الطيب، في قالب طيب، بأسلوب حسن، فكم من فكر خبيثٍ راج بين الناس لما زُيِّن وقدم في صورة حسنة، وانظر إلى كثير من العهر والفسق والمجون كيف راج بين الناس لمّا زوق وحسن، وقديماً وصف الإمام شيخ الإسلام تائية ابن الفارض بأنها أخبث من لحم خنزير.. في صينية من ذهب! لأن سلاسة نظمها، وحسن بنائها، وزخرف لفظها؛ أغرى الناس بتعظيمها فراجت عليهم معانيها الاتحادية الخبيثة. وفي مقابل ذلك كم من حق قد رد ورفض لأنه قدم في قوالب قذرة! أفسدت رونقه، وكبتت سلطانه.
هذا وسلوا الله أن يضع لكم القبول، وأن يكتب لكم التوفيق، فإن ما لم يكن بالله لا يكون، كما أن ما لم يكن لله لا يفيد.
والله يحفظك ويرعاك، ويتولانا وإياك.