29 ذو الحجه 1429

السؤال

تقدم إليّ أخو صديقتى ووافقت ووافق أهلي وقرأنا الفاتحة بعد الاتفاق..ولكن مقدار الشبكة لم يرضنى فأنا من عائلة ميسورة الحال والحمد لله
وعندما تناقشت أنا وأمى مع أبى فقال سوف يتحدث مع خطيبى فى هذا الشأن..أنا أعلم جيدا أن هذه مظاهر ولكن غير راضية من داخلي .
مع العلم أننا سنجهز معه نصف الشقة تقريبا وإحساسي أنا هذا عبء كبير على أبى يجعني أتردد و أرضى..فلا أعلم ماذا أفعل ؟

أجاب عنها:
تسنيم الريدي

الجواب

أختي الفاضلة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية نسأل الله ان يتمم لكِ خطبتكِ على خير وأن يجعله لكِ زوجاً صالحاً يسعد قلبكِ ويعينكِ على أمر دينكِ ودنياكِ .
اخيتي هناك الكثير من الموروثات السلبية المتعلقة بالزواج في بعض المجتمعات العربية والتي ساهم الإعلام بشكل كبير في ترسيخها، منها أن الشبكة من قيمة الرجل، وتقدير لمكانة العروس ومكانة عائلتها، فإذا لم يتقدم للفتاة من يثاقلها بالذهب، فلا يقبل به زوجاً، وعلى الفتاة وأهلها أن ينتقوا شاباً يتشرفون به أمام العائلة ويتباهون بما أحضره لها، وتكون شبكتها مضرب المثل في قيمتها وذوقها، حيث يتم عرضها على الجميع خلال حفل الزواج... وهذه العادات كانت أحد الأسباب الرئيسية في زيادة نسبة العنوسة بين الفتيات خاصة مع تدهور الاحوال الاقتصادية في معظم الدول العربية، مما جعل الشباب في مقتبل العمر لا يستطيع تلبية هذه المتطلبات، بالإضافة لأعباء المهر وتجهيز مسكن الزوجية وتكاليف حفل الزواج وغيره، فتظل الفتاة ترفض كل من يتقدم لخطبتها في انتظار فارس الأحلام الذي يملك مصباح علاء الدين لتحقيق هذه الرغبات غير آبهة بدين الشاب وخلقه، إلى ان تنتبه على ما آل إليه حالها من كبر سنها وعزوف الخطاب عنها بعد فوات الأوان، فتبدا بالتنازل عن هذه المطالب المادية، بل وتضطرها الظروف إلى أن تتنازل عن ما هو أكثر من دين وخلق لك تتهرب من لقب عانس، وتبدأ معاناتها بعد الزواج من رجل قد لا يتقي الله فيها.
اخيتي الفاضلة هذا سيناريو يحدث لكثير من الفتيات فأرجو ان تعيدي التفكير في إيجابيات وسلبيات خطيبكِ، فهل هو شاب ملتزم وعلى خلق ودين لكن لا يملك من الامكانيات المادية الكثير ... وهل يهمكِ أن تتزوجي رجلاً ميسور الحال يرضيكِ بشبكة فخمة لكن قد لا يتقي الله فيكِ بعد الزواج؟ أم الأهم دينه وخلقه وحسن معاملته لكِ فيما بعد؟ فالمال هو رزق من عند الله، فقد يشتري لكِ هذا الخطيب ما يرضيكِ من ذهب بعد أن يستدين هذا المال، ثم لا قدر الله تواجهكم أزمة مالية تضطرين خلالها إلى بيع كل ما تملكين بما فيه ذهبكِ لمساعدته، وما من رجل حسن الخلق كريم الطبع يبخل على زوجته بما معه لأنه سيعطيها قلبه واسمه بعد ان تصبح زوجة له، فهل يبخل عليها ببعض المال؟ فهو أن فتح الله عليه في الرزق سيشتري لها كل ما تريد، والمرأة التي تبدأ مع زوجها بما هو عليه حاله من الأمور المادية وتكافح معه حتى تتحسن أحواله تصبح في نظره أغلى من الذهب ويحافظ عليها ويعتني بها، ويسعد كلما رزقه الله مالاً واحضر إليها ما تتمناه، لكن الرجل الذي يشعر ان الإمكانيات المادية عند زوجته أهم منه هو بذاته يفقد حبه لها وتصبح حياتهم بلا معاني حسيه وعاطفية ... بل وبعد مرور فترة من الزواج قد يبحث عن أخرى تشبع هذه الاحتياجات العاطفية، فقد جبل الرجال على حب تقدير المرأة لرجولتهم لا لما معهم من مال.
فاستعيني بالله وابعدي عنكِ الشيطان الذي يسعد يتفريق الأزواج وذكري نفسكِ دائماً بصفات خطيبكِ الحسنة، واعلمي أن الشبكة هي هدية من العريس إلى عروسه فهل يصح أن تتدخل هي في قيمتها أو مقدارها ؟؟ وبشأن تجهيزات أثاث مسكن الزوجية إن كانت التكاليف حقاً باهظة على أبيكِ – رغم أنك تقولين أنكِ من أسرة ميسورة الحال - فهذا يكون دوركِ في اقناع والدكِ وخطيبكِ في شراء ما هو ضروري وفقط لإعداد عشكما الصغير، على وعد أن يتم شراء باقي المستلزمات بعد الزواج عندما يتوافر المال الكافي دون اللجوء إلى الاستدانة بأي حال من الأحوال، فيجب ان تنتبهي جيداً إنه في حال أن لجأ خطيبكِ إلى الديون لكي يوفي هذه الطلبات لن يتحمل عبء تسديدها إلا أنتي ! فسيضطر إلى أن يسدد الديون من الراتب، وبالتالي ستعيشين انتي وزوجكِ فترة ضائقة مالية حتى يتم تسديد كل ما عليكم وبالتالي فلا لزوم للجوء إلى الاستدانة، فقد وضح رسولنا الكريم معايير اختيار الزوج قائلاً: "((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. قال يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات) كما في سنن الترمذي. فلماذا نتمسك بكل ما هو مادي بعيداً عن الحديث الشريف؟
فأنتي وزوجكِ من ستعيشون في مسكن الزوجية وبالتالي انتم من تحددون ما تستطيعون الاستغناء عنه الآن مثل تأجيل تجهيز غرفة الأطفال، ومثلاُ الاستغناء عن بعض الكماليات ( كالأبجورات والنجف)، والاكتفاء بتجهيز صالون أو (انتريه) واحد ، أو الاستغناء عن (سفرة الطعام والنيش والبوفيه) والاكتفاء بشراء طاولة صغيرة للطعام، وتذكري أخيتي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم" أقلهن مهراً أكثرهن بركة" وكوني عوناً لزوجكِ لا عبئاً عليه، ولا تلقي بالاً للناس فلن تستطيعين أبداً إرضاء الجميع وتذكري حديثه صلى الله عليه وسلم: " إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها " . أخرجه أحمد ( 6 / 77 و 91 ) وابن حبان ( 1256 ) فكوني كما يريدك نبينا عليه الصلاة والسلام.
وأخيراً أود تنبيهكِ أن تتأكدي أنها الإمكانيات المادية الضعيفة لزوجكِ، لا بخلاً منه ، فالبخل صفة سيئة تقتضي منكِ – إن لزم الأمر – إعادة التفكير في الارتباط به كزوج، وحاولي قدر الإمكان التعرف خلال هذه الفترة على دينه وخلقه، والله أسأل أن يرزقكِ السعادة في حياتكِ الزوجية وبالتوفيق.