26 صفر 1430

السؤال

أعمل معلماً ولدي طالباً يعاني من القهر الأسري حيثأانه - كما يقول - لا يسمع من والده سوة السب والشتم والانتقاص بل وأحيانا يهدده بالمسدس ويعيش في خالة خوف شديدة دائماً..
والسؤال هو كيف يمكن مساعدة هذا الابن مع العلم أنه تم استدعاء والده في أحد الأيام وجاء وأثار مشكلة مع المدير والوكيل مما جعلهم يفكرون في طرد الابن من المدرسة!!

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكرك على ثقتك في موقع المسلم، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والرشاد
جميلة هي المواقف الإيجابية التي تؤكد صحة المخبر، وعزيمة المسلم وصدق المؤمن، ورائعة هي المشاعر والجهود المبذلولة من معلمين مخلصين يعيشون حالات طلابهم ويبحثون عن حلول وطرائق تسهم بقدر طاقاتهم في تذليل عقبات تحول دون ارتقاء أبنائهم، تحية إعزاز وإكبار إليك أيها المعلم، تحية إكرام وعرفان لك أيها الأب الروحي للطلاب، فقد اتخذت من وظيفتك قدوة، لم تتوقف عند إلقاء الدرس وتصحيح الواجب وضبط الفصل، مارست دور المربي والمعلم والأب، تتلمس أحوال طلابك وتنظر في الأسباب التي تعوق تفوقهم، وتبحث عن الوسائل التي يمكنك أن تساهم بها في عودة الأمان والاطمئنان لأحد أبنائك، زادك الله حرصاً وسدد خطاك.
أما هذا الطالب مثله مثل آلاف الطلاب الذي تقف أسرهم ويقف آباؤهم عقبة في طريق حياتهم من خلال سلوكياتهم وتصرفاتهم وسوء تربيتهم وعدم إدراكهم لمهامهم ولا لأدوارهم ولا للعواقب والآثار التي تلحق بأبنائهم إما لجهل أو لغفلة أو لتغلب الشيطان عليهم ووقوعهم في براثن الزلل والمعصية، والحلول المقترح لهذا الطالب تسير في أربع اتجاهات:
الأول: قيام المرشد الطلابي بدراسة حالة الطالب الأسرية في سرية تامة والتعرف على التكوين الأسري وثقافة الوالدين وبعض المشكلات التي تعانيها الأسرة فمن خلالها سوف يتضح لك بعض النقاط التي تكون مدخلاً مناسباً للبدء في العلاج.
الثاني: وهو الأهم دورك أنت أيها المعلم في أن تكون له أباً رحيماً عطوفاً ودوداً تزرع في نفسه الثقة تشجعه وتأخذ بيده تكوّن له أصدقاء تشركه في المناشط المتنوعة تكلفه بأعمال يجيدها وتثني عليه أمام زملاءه، كن له صديقاً سوف يبوح لك ببعض ما تحتاج إليه من أمور تفيدك في علاج المشكلة جزئياً.
الثالث: يوجد في المدارس (الأصل) لجنة التوجيه الطلابي وهذه اللجنة مكونة من المرشد الطلابي وأحد المعلمين وأحد الإداريين ومن مهامها دراسة مثل هذه المشكلات وإحداث التواصل المباشر بطرائق متميزة مع ولي الأمر بطرائق ووسائل متنوعة تبدأ من الاتصال به وتنتهي بالزيارة له مروراً ومخاطبته بأسلوب يناسبه بعد التعرف على خصائص الرجل وكيفية التعامل معه.
الرابع: التعرف على أصدقاء هذا الأب سواء من الجيران أو الأصحاب والدخول إليه من خلالهم كشفعاء بطريقة مناسبة لا تجرحه حتى لا يثور، وتكون مدروسة بعناية حيث يمكن لهذه الطريقة أن تأتي برد فعل عكسي.
أما دور المدرسة (الإدارة) فهو مهم جداً في هذه الحالة، ومن ذلك:
على المدير شخصياً أن يتصل بولي الأمر ويتلطف معه في الحديث ويحاول أن يجعله يزور المدرسة في أي وقت فراغ له، ولو لم يتمكن من زيارة المدرسة في الصباح فليواعده المدير للالتقاء به مساءً ويبذل المدير بعضاً من وقته في مقابلة ولي الأمر وليكن معه بسيطاً محبباً وليفتح معه المشكلة عن طريقين:
1- أن يطلب منه المساعدة في حل مشكلة لطالب آخر عندكم في المدرسة يعاني من مشكلة قريبة من هذه المشكلة، حتى يبدأ الوالد في التجاوب ويشعر بأن المدرسة تشاركه بشكل فاعل وتثق برأيه، ومن خلال إجاباته وعرضه للحلول سوف يدرك دوره هو.
2- الطريقة الثانية أن تعرض عليه مشكلة الابن من خلال أن ابنك طيب ومؤدب ومتفوق وذكي وفقط يحتاج إلى دعم معنوي وهذا الدعم والتشجيع نحتاجه منك لتكون للمدرسة عوناً في تحقيق حلم المدرسة في أن يكون ابنك أحد المبرزين والمتميزين وأن يُطلب منه الترفق بالابن من خلال التشجيع والمصاحبة وزرع الثقة فيه وإشعاره بحنان الأب وحبه.
ولعل فيما ذكر أو بعضه فوائد مجرّبة أتت ثمارها وأنتجت وكان لها نتائج طيبة، لكن الدور الأهم هو على المعلم الذي لا يتردد في استخدام كافة الوسائل لزرع الثقة في الطالب وإن لم تقم المدرسة بدورها فيمكن للمعلم عن طريق وسائله الخاصة القيام بهذا الدور وهو ولا شك مأجور ومثاب وهي دعوة وتعليم حتى ولو كان للآباء، ويفضل التنسيق مع إدارة المدرسة في هذا الجانب.
اسأل الله تعالى لك أخي المعلم التوفيق والسداد وزادك الله حرصاً وأجزل لك الأجر والمثوبة.