أنت هنا

أوباما أقسم على "الإنجيل".. فمن يقسم على المصحف؟!
25 محرم 1430







آلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يقسم على الإنجيل في حفل تنصيبه كرئيس رابع وأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، مشابهاً للرئيس الأسبق إبراهام لينكولن 1861 .

ألقى الخطاب واستشهد بـ"الإنجيل".. وقبله وضع كفه الأيسر على الإنجيل الذي استخدمه الرئيس ابراهام لنكولن عند تنصيبه قبل أقل من قرنين ليدلل على أن الطريق واحدة وأن المنبع واحد، وهو الإنجيل المحرف الذي استند إليه الأولون في تأسيس الولايات المتحدة باعتبارها "أرض المعاد" تماماً كفلسطين التي تعد عند اليهود كذلك.

قبل القسم والخطاب كان كاهن كاليفورنيا القس الانجيلي ريك وارن يقود "صلاة" للملايين الحاضرين وعشرات الملايين أمام شاشات التلفزة في الولايات المتحدة، كلهم أمَّنوا خلف القس في خشوع "احمه يا رب وباركه ونائبه وأركان إدارته.." " ندعو الرب أن يمنحه الحكمة ليقودنا بكل صلابة ورحمة" لتستقر "مملكتك على الأرض لتحل كما حلت في السماء"، وفي البكور كان أوباما قد حضر مع زوجته ميشيل ونائبه جو بايدن وزوجة بايدن قداسا أقيم في كنيسة القديس يوحنا بواشنطن.

وصباح يوم التنصيب نقلت واشنطن بوست عن إيميت بليفيو مديرة لجنة التنصيب القول: "إن أداء أوباما للقسم على هذا الإنجيل التاريخي يمثل احتفالا بوحدة أمريكا كما يمثل نقطة اتصال قوية مع ماضينا وتراثنا المشترك".

هذا هو مشهد التنصيب في الدولة العلمانية الأولى في العالم، قبلة الكثيرين من ساسة بني يعرب الخجلين من "استلهام" هذا المشهد وتكراره في دولهم الإسلامية!! وهذا هو الاعتزاز بالإنجيل المحرف في مقابل إعراض عن كتاب الله المنزل ولو حتى على نحو شكلي، وهذا هو الارتباط بالماضي وبـ"الآباء" المؤسسين بخلاف حالة خصومة قهرية يفرضها الحكام على شعوبهم مع ماضيهم وتراثهم التليد..

إنها صورة بائسة عند المقارنة؛ فالزعيم الأمريكي الجديد ألقى خطاباً لا يخلو من مرارة الشعور بالإخفاق السياسي الاقتصادي والعسكري، لكنه مع ذلك، وصف الحل لكل مشكلات أمريكا العميقة بالعودة إلى الماضي واستحضار أمجاد الأجداد والتطلع إلى تكرارها، واستقبل الأمريكيون ذلك بالتصفيق الحار، ولم نسمع صوتاً لحد الآن اتهم أوباما بالرجعية والتخلف وغالب الظن أنه لن يحدث؛ فكل الأصوات التي اعترضت على كاهن كاليفورنيا كانت بسبب رأيه المعارض للشذوذ، أما من حيث الأصل فلم يحصل أي اعتراض على حضور كاهن كهذا في إجراء قانوني وسياسي خاص ينبغي أن يفصل تماماً عن الشعائر الدينية وفقاً للفكرة العلمانية (التي لا نؤمن بها بطبيعة الحال).. أما الزعماء العرب فلم يزالوا يخجلون، وحينما أصر نواب في مجالس تشريعية عربية على القسم على المصحف كان "فقهاء الدساتير العربية" لهم بالمرصاد..

لقد ارتقى اليوم "حاكم رجعي" سدة الحكم في الولايات المتحدة؛ فيما لم يزل لدينا في العالم العربي "حكام تقدميون" منذ عشرات السنين!!