2 ربيع الثاني 1430

السؤال

أنا طالب علم (وملتزم) وأعيش في أوساط أسرة غير ملتزمة, والحقيقة حاولت كثيرا أن أغير لكن لم أصل إلى مطلوبي ...(هل معنى هذا أني فاشل)!!؟ أم أن النتائج ليست لي.. في الحقيقة دائما ما أشعر بالحزن على وضع أهلي أريد أن يكونوا لكن هم لايريدون ولا أيضاً يستجيبون !! أقارن نفسي كثيرا ببعض أصدقائي الذي من الله عليه بأوساط عائلة ملئت علما وإيمانا من الأب والأم والبقية.. فأجد البون الشاسع والمفارقات العجيبة المذهلة.. لِمثلِ هَذا يَبكِي القَلبُ مِن كَمَدٍ لاأعرف كيف سأقول لأبي وأمي (ربي ارحمهما كما ربياني صغير) لكن سوف أقولها لأن وجودي في الحياة كان بسببهما!! وقبل ذلك أمر الله لي: ربي ارحمهما كما ربياني صغير!! في الحقيقة أني انا من ربيت نفسي من خلال الكتب ووسماع الدروس والعيش في أوساط المحاضن التربوية.. !! لا أعرف كيف سأدعو وأنصح ..أخشى أن يقال لي (ابدأ بمن تعول) فهل أقول (لم يستجيبوا) فسيقال لي حتما (فاقد الشيء لايعطيه) وأنظر إلى نفسي أجد كأني غريب بين أهلي حتى في الإهتمامات وطريقة التفكير ووو...الخ لا أذكر أني جلست مع الأهل إلا وقد خرجت حزينا .. أعتقد أني صبرت كثيرا جدا والآن لم يبق من تخرجي من الجامعة إلا سنتين ونصف ..(لأني أقول اصبر، وسوف تأتي من ترضاها شريكة لك في حياتك.. لكن كأن الأمر قد أشتد على قلبي... ومللت من التغافل والصبر والتصابر، صبرت لَمْ يُجْدِ لي صبري ولا جَلَدي قَدْ لجَّ بي السٌّقُمُ حَتَّى لاتَ مُصْطَبَر

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أشكرك على ثقتك في موقع المسلم، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح والرشاد . لم يبق على تخرجك إلا سنتين ونصف، أي مضى من الجامعة فقط سنة ونصف، وهذا يعني أن الفكرة مازالت غضة طرية تحتاج إلى صقل الخبرة، وتركيز العلم وتزويد بالحكمة وهذا يأتي بإذن الله تعالى من خلال تفوقك في الدراسة وزيادة حرصك على العلم النافع والتلقي من أساتذتك والاستفادة من علمهم وخبراتهم وتوجيهاتهم، وهذه المرحلة هي من أهم مراحل تكوين الذات وتطوير الشخصية في الفكر والثقافة والتوجه وأيضاً في رسوخ العقيدة الصحيحة من خلال الاحتكاك والمعايشة والتعلم على يد موثوقة ومعتدلة .
وشعورك بالحزن على وضع أهلك دليل على حبك الشديد لهم وتمني الخير لهم وهذا أمر مهم فهو من البر بهم، والوفاء لهم وواجب عليك أن تلين لهم الجانب وتحسن إلهم وتعاملهم بالمعروف وتسمع وتطيع في غير معصية الله، كما أمرنا ربنا جل وعلا {ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وق لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} فهذا حقهم وواجبك نحوهم وليس منّة منك عليهم .
ومن المهم أيضاً أن يكون سلوكك وتعاملك هو الوسيلة المثلى للدعوة ،فعندما يرى منك أهلك جميل الطباع وحسن الخصال ودماثة الخلق وحسن البرّ فسوف يتأثرون بك .
أما النظر إلى بعض الأصدقاء وما مَنَّ الله تعالى عليهم من أسرة ملتزمة فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء وهو القائل (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) وهنا يكون دورنا حسن الخلق وحسن المعاملة مع الآخرين والأمر بما هو ممكن دون تعصب أو انفعال.
أما رغبتك في الدعوة والخوف من أن يقال لك ابدأ بمن تعول، فأنت لا تعول أهلك ووالديك، بل هم يعولونك وما زلت طالباً، (وما أعول) هم زوجتي وأولادي وما أنا مسؤول عن رعايتهم.
وأيضاً الشعور بالغربة بين أهلك يشعرك بالضجر واضطراب السلوك والتصرف، حاول أن تكون معهم لطيفاً ودوراً مبتسماً بشوشاً، وإذا رأيت ما تكرهه قل بلطف لا أحب هذا أو لا أرغب في المشاركة في هذا العمل أو مثل هذا بالأدب والأخلاق وحسن السلوك وجمال العبارة تأسر قلوبهم وترتاح نفسك ويمكنك أن توثر فيهم، ولا تجعل اليأس أو القنوط ينال منك فما زالت الأيام أمامك فاحرص على العلم النافع والتفوق في دراستك وواصل احترام وتقدير أهلك ووالديك ففي رضاهم خير كثير . وفقك الله وسدد خطاك ،،،