4 ربيع الثاني 1430

السؤال

تزوجت قبل عام وجلست معي زوجتي شهر ونصف وسافرت... المشكلة في ليلة الدخلة عند الجماع لم أجد أي صعوبة في الإيلاج ولم يخرج دم، علما بأنها بكر، وعندما سألتها حلفت لي المصحف أن أحدا لم يمسها...بعدها سافرت وطيلة هذا العام وأنا في عذاب نفسي وأخيرا لجأت في حل الطلاق.. أريحوني جزاكم الله خيرا.

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

الشك من أهم الأمور المدمرة للعلاقات البشرية بشكل عام والعلاقات الزوجية بشكل خاص، فهو يفكك الأواصر بين الزوجين، ويقود الحياة الزوجية إلى طريق مسدود لا نهاية له إلا الانهيار والطلاق.. أخي الفاضل مشكلتك الأساسية تكمن داخلك أنت، فأنت من خلقتها وعززتها بشكوكك وبمشاعرك السلبية التي سيطرت عليك وعلى حياتك ، فقذفت بك في دوامة كبيرة لم تستطع إن تخرج منها. أنت عالجت الخطأ الأول بخطأ آخر، وهو الهروب من المشكلة وعدم مواجهة الأمر وإيجاد الحل أو القرار المناسب وبذلك زدت الأمر تعقيدا فقد كان من ا لمفترض عليك أن لا تحكم على عذرية زوجتك بمجرد عدم رؤيتك للدم ليلة الدخلة، أو بسبب عدم وجود أي صعوبة أو مقاومة أثناء المعاشرة، فهذه علامات فقط وليست ثوابت أو قواعد تدين الزوجة وتثبت عدم عذريها، فالحكم يجب أن يكون بعد الفحص الموضعي من قبل الطبيب المختص في ذلك الوقت. فلا يلزم نزول الدم عند تمزق غشاء البكارة فهناك بعض الحالات لا يصاحبها نزول الدم عند تمزق الغشاء، أو قد تنزل قطرات بسيطة لا تلاحظ أحيانا، وهذا ما سيكتشفه الطبيب عند الفحص الموضعي.
كما أن هناك بعض الحالات يكون غشاء البكارة لدى المرأة من النوع المطاطي وهذا الغشاء لا يصاحبه نزول الدم عند عملية الإيلاج، ولا يتمزق عادة إلا بعد الولادة الطبيعية. فإذا كانت زوجتك لديها هذا النوع من الأغشية فيمكنك معرفة ذلك إذا تم الكشف عليها موضعيا ولو تم ذلك الآن.
أخي الفاضل.. اتق الله في زوجتك وتذكر قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم).. وهذا الذي تفعله الآن إثم عظيم ، فأنت اتهمتها في عرضها وشرفها، ولم تكتف بذلك بل إنك أنزلت عليها أشد أنواع العقاب ، وهو هجرانها وتركها فريسة لمخاوفها وأفكارها وهمومها لما يقارب العام، وهذا كفيل بتدميرها نفسيا وبالتالي جسديا.
تخيل لو أنها كانت فعلا بريئة من التهمة التي قذفتها بها ، كيف سيكون حالها طوال السنة الماضية والسنوات القادمة. فاتقي الله فيها. عليك أن تصدقها لأنها حلفت لك بكتاب الله وهذا اليمين ليس كمثله يمين. والحساب عليه ليس بالهين أو اليسير. فان كذبت فلن يتركها الله دون أن يحاسبها وسيكون عقابه اشد وأقوى من أي عقاب.
عليك أن تراجع حساباتك جيدا، و تغلق كل أبواب الشك التي يفتحها عليك الشيطان، ليدمر حياتكما ويسلبك راحتك واستقرارك، وتذكر أن المرأة العفيفة الطاهرة لن يشهد لها غشاء بكارتها فقط على طهرها وعذريتها، ولكن هناك أمور أخرى هي التي ستشهد لها على طهرها وعفتها من أهمها حسن خلقها وسيرتها، ودينها، وحسن معاشرتها لزوجها بالمعروف. بعد أن تراجع حساباتك عليك أن تقرر أنت بنفسك، إذا كنت تستطيع فعلا أن تحسن الظن بها وتنتزع الشكوك من قلبك وعقلك، فإذا كان يمكنك ذلك، عندها عليك أن تفتح وإياها صفحة جديدة وتبدآ حياتكما من جديد دون أن تفتحا صفحات الماضي. إن كانت زوجتك ما تزال ترغب في أن تستمر معك وتبدأ معك من جديد.
أما إن كنت الشخصيات التي تتصف بالشك والريبة، أو أنك لا تستطيع أن تتخلص من دوامة الشك هذه، أو كانت زوجتك ترفض أن تستمر معك بسبب اتهاماتك وهجرك لها طوال هذه الفترة دون أن تكون لديك بينة، فأعتقد ان الحل الأنسب لكما هو الانفصال، لعل الله يبدلك زوجا خيرا منها ويبدلها زوجا خيرا منك، خاصة وأنكما لم تنجبا أي أطفال حتى الآن.
تذكر أن عليك في جميع الحالات أن تتقي الله فيها، وتتستر عليها وأن لا تشوه سمعتها بأي شكل كان، لتثبت لنفسك ولمن حولك أنك المجني عليه وليس الجاني . وتذكر قوله تعالى {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.
أكثر من الاستغفار والدعاء وصلاة الاستخارة قبل الإقدام على أي خطوة وتأكد أن الله سيدلك على الطريق الصحيح.