أنت هنا

وماذا بعد توقيف البشير؟!
9 ربيع الأول 1430
خالد عبداللطيف

لا شك أن في صدور مذكرة اعتقال بحق رئيس دولة عربية ومسلمة بحجم السودان دلالات يندى لها جبين كل حر، لا سيما والصمت مازال يسود المنطقة والموقف بعد الصدمة الأولى!

الصورة قاتمة ومؤلمة، والرسالة قاسية ومهينة!

يخطئ من ينظر إلى الحدث المشين من منظار الأسى والأسف على السودان ورئيسه فحسب؛ فالقرار الصادر عن الجنائية الدولية الباغية، التي تمثل نموذجا بارزا في شريعة الغاب وسياسة الكيل بمكيالين في المسرح الدولي، قرار يمس الكيان العربي والمسلم بأكمله، ويلقي بظلال قاتمة على حقبة من الهوان والاستخفاف العالمي بهذا الكيان المرشح لإخراج البشرية من ظلمات العدوان والفساد والهوى إلى نور الحق والعدل والهدى، ولوقعه وجع ولوعة في قلب كل عربي ومسلم على حدة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من وطأة الموقف وتساؤلاته المزعجة.. يبدو في الأفق خيار لا مفر منه، ولا أقل منه؛ في انتظار أن تبادر القيادات بتقديم ما هو مأمول قبل فوات الأوان.

فمن الواجب المعجّل على كل من يملكه: المبادرة إلى الرفض والإنكار بقوة وعبر كل الوسائل الإعلامية، مرئية ومسموعة ومكتوبة، فكم للإعلام من أياد بيضاء وضغط هائل يفضي إلى زعزعة المواقف الإجرامية، حتى ولو كانت عربدة دولية من محكمة يفترض أنها "نصير المستضعفين في العالم" فإذا بالذئاب قضاتها:

وراعي الشاة يحمي الذئب عنها          فكيف إذا الرعاة لها الذئاب!

على أية حال.. ليس المقام مقام نقمة على الذئاب الذين أفرزتهم النظريات والمنظمات الدولية العوراء؛ ومازالت؛ لتمرير مشروعات الاستحواذ والهيمنة، ولا المقام مقام اجترار "نظرية المؤامرة" لتخفيف مرارة الحلق بالتشدق بها، ولكنه مقام انتصار للحق، لكل مسلم منه نصيب، مهما أرعد الباطل، ومقام نصرة واجب مهما خذل المثبطون.

فلنسمع العالم أصواتنا، ولنملأ  صفحات إعلامنا والإعلام المضاد على حد سواء بالتصدي لهذه المهزلة، فلا نحقـّر من الحروف قولا تبرأ به الذمة، وتُنصح به الأمة، من مقالات وتقارير وآراء وتعليقات ومداخلات ومشاركات في كل وسيلة ممكنة.

وعلى من يهوّن من شأن ذلك – جهلا أو تخاذلا - أن يغمض عينيه ويغلق أذنيه عن إقالات وتنحيات، وضغوط وتأثيرات، على أكبر المستويات، تقف من ورائها الآلة الإعلامية في شتى دول العالم، وما انتصار "أوباما" أول رئيس أسود لأمريكا من فنون الإعلام وتأثيراته المبهرة ببعيد!

إنه خيار كل حر أبي، شاء أم أبى، مراغمة الباطل ومدافعته، ومواصلة ذلك ومتابعته، ولنثق أنهم يترقبون ردة الفعل، ويرصدونها من خلال منظمات أسست لهذا الغرض، تستطلع وتتتبع وتستنتج، بمنهجية تضمن لنا تأثير جهادنا الإعلامي في المحصلة.

فإذا انضم إلى ذلك استنفار عربي إسلامي، نرجوه ولا نيأس منه، على مستوى القيادات والمنظمات والهيئات، فلا يشك عاقل في أن لذلك أثرا على المدى القريب أو البعيد بإذن الله القوي العزيز.

وإننا من هذا المنبر لندعو قادة العرب والمسلمين للوقوف أمام هذا البغي الذي يتجاوز الرئيس السوداني، ويستهدف عزتنا، ويستدرجنا إلى الاستسلام بخطوة تتبعها خطوات، ما لم يغلق أمامه الباب!

قد يقول قائل: وما المتوقع؟!

فنقول: دع هذا لمن بيده الأمر وهو يجير ولا يجار عليه، جل وعلا، واسأل نفسك: ماذا أفعل؟!

وعندئذ ندعوك لإعادة قراءة السطور السابقة؛ لتجد أن لديك الكثير لتفعله بنفسك وتدعو إلى مثله غيرك!

فلنر الله من أنفسنا خيرا، ولننصر أنفسنا بالقيام بحق النصرة..

{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.