18 ربيع الثاني 1430

السؤال

السلام عليكم تعرفت على شاب في الأربعين من عمره عن طريق الانترنت , يعيش في ألمانيا , و أخبرني أنه كان متزوجا من المانية , ثم طلقها لعدم قبولها دخول الاسلام , كما أنه له ابن عمره 10 سنوات وقد قال لي : " أنا ابحث عن بنت حلال " , وأقسم على كونه صادقا , لكنه قال أنه يحب التعرف إلي أكثر فأكثر , بقصد الزواج , وأنا أشعر أن شخصيته قويه , أرشدوني ماذا افعل ؟

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

أصبح الانترنت من أكثر وأخطر وسائل التعارف بين الشباب في جميع بقاع العالم، وللأسف الشديد أن ذلك يتم دون حدود أو قيود، أو رقابة !
وقد اتخذ الكثيرون لذلك شعارات مزيفة يرددونها دوما ليسمحوا لأنفسهم الغور في شبكات الانترنت وغرف الشات بحجة التعارف وتكوين الصدقات البريئة أو البحث عن زوج أو زوجة مناسبة , وهذا كله ما هو إلا فخ كبير نصّبه لنا أعداء الإسلام فوقعنا فيه .
اختي الفاضلة .. ابتعدي عن هذا الطريق فهو محفوف بالمخاطر ومحاط بالشبهات.، وغالبا ما يؤدي إلى عواقب غير محمودة، لأنه يتم بعيدًا عن دائرة الضوء، ومنطق العقل ، وغالبا ما تتحكم فيه العواطف، وتسيطر عليه الأهواء والغرائز، فلا تتهوري وتستجيبي لطلبه، لأن ذلك سيؤثر على نظرة الشاب واحترامه لك. كما سيؤثر على تطور موضوع زواجك به بشكل أو بآخر، فيتخذ إطار الجدية أو يسلك طريقا آخر ...
تذكري أن ما تفعلينه الآن أو ما تنوين الإقدام عليه ما هو إلا من دواعي الاقتراب من الزنا والوقوع به ، وقد نهى سبحانه وتعالى عن القرب من المسببات التي قد تؤدي إلى الوقوع في فاحشة الزنا حيث قال سبحانه (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ).
فنصيحتي لك أن تتجنبي هذه العلاقة مع هذا الشباب تحديدا، وحاولي أن تتجنبي إنشاء أي علاقة جديدة خاصة على النت، فلا يجوز للفتاة أن تقيم مثل هذه العلاقات، لأن هذا من سبل الشيطان، وسبيل الشيطان نهايته وخيمة.
احذري من الشيطان وتلبيس إبليس، الذي لبس عليك الحقائق البينة . فكيف تستخيرين الله سبحانه وتعالى على عمل منكر وهو التعرف على ذلك الشاب بطريقة غير شرعية منافية لديننا وعاداتنا وتقاليدنا، وتقولين أنني مرتاحة للإقدام على هذا الأمر !! فهل يجوز أن يستخير المسلم ربه للقيام بمعصية !؟ فهذا ما لا ينبغي لك.
إذا كان هذا الشخص جاد في مطلبه ، وعازم فعلا على الزواج بك، فلماذا لا يطرق الباب الصحيح، ويتقدم لخطبتك بشكل رسمي، ومن ثم يتعرف عليك أمام اهلك وفي حضورهم .
اطلبي منه أن يتقدم لخطبتك من اهلك، وتأكدي انه إن كان جادا فعلا في طلبه ورغبته في التعرف عليك بغرض الزواج، فانه سيوافقك الرأي ويحترمك ويحترم رغبتك، ولا يعني تقدمه لك انه ملزم بالزواج بك عندما يراك بشكل رسمي ولا تروقي له !! وإلا كيف سيتصرف إذا تعرف عليك دون علم أهلك ثم لم تروقي له !! كيف سيتصرف !! الأمر سواء
تأكدي انك لن تستطيعي الحكم على ذلك الشاب بشكل جيد بمفردك، لأنك سترينه بعينك الراضية المحبة فقط لا بعين العقل والمنطق ، لذا عليك أن تشركي اهلك منذ البداية في تقييم شخصيته ووضعه ، وتقييم جديته، ودرجة توافقه وملاءمته لك ولأسرتك ، وعدم وجود أي عقبات يمكن أن تقف أمام زواجكما ضمن عادات وقوانين مجتمعك .
فهذا الأمر يحتاج إلى دراسة متزنة للتأكد من نجاح هذا الزواج بإذن الله، وهذه من أهم المسئوليات التي تقع على عاتق الأهل والتي من اجلها فرض الله سبحانه وجود الولي لإتمام عقد القران.
تذكري أن الزواج عبارة عن رابطة متينة تربط بين شخصين مدى الحياة، لذا يجب انتقاء هذه الرابطة بعناية لكي لا تنحل أو تتفكك أو تنقطع مع أول هبة ريح ، ووسيلة النت للتعارف والزواج وسيلة رخيصة تهدر وتحط من قدر وقيمة وشرف هذه الرابطة ، بدل أن تسمو بها لترتقي.
كوني حذرة جدا ولا تقعي في شباك هذا الشباب فتكوني فريسة سهلة، فهذه احد ألاعيب الشباب لكي يحصلوا على مرادهم، فكثير منهم من يستخدم شعار الزواج ليجعله ستارا أو غطاء يستتر به ليحقق أهدافه من التعارف على الفتيات بغرض التسلية ومضيعة الوقت ، والانحراف الجنسي أو الأخلاقي لا بغرض الزواج .
حاولي أن لا تثقي بكل ما يقال لك عن طريق النت او الشات ، فليس كل ما يقال صحيح، فكل طرف سيحاول إبراز أفضل ما لديه، أو قد يدعي من الطباع والخصال ما لا توجد لديه ليكون حلما للطرف الآخر أو لإخفاء عيوبه .
وليس من الحكمة أن تحسنين الظن بشخص لا تعرفينه لأنه يحسن صياغة الأحاديث والعبارات والكلمات المعسولة ، فكم هن اللاتي وقعن ضحايا بسبب ذلك، وهذا النوع من العلاقات لا ينجح عادة لأن الحقائق فيه غائبة أو غير مكتملة.
فمثلا: الم يكن هذا الشاب يدرك أن زوجته الألمانية غير مسلمة عندما تقدم لخطبتها وتزوج بها ! فكيف يطلقلها الآن لأنها رفضت الدخول في دين الإسلام !؟ اعتقد أن هذه ليست الحقيقة وقد يكون عذر الطلاق بسبب عدم دخولها للإسلام ذريعة ليس إلا إن كان قد تزوجها فعلا ولم تكن عشيقته بالحرام طوال تلك الفترة .
فاحذري اختي منه ولا تتبعي عواطفك. قد تستشعرين الصدق في حديثه عندما يتحدث معك عن نفسه وعن مبادئه ، ولكن لا يشترط أن يكون هذا هو الواقع ، فمن السهل إطلاق الشعارات والمبادئ الرنانة، ولكن من الصعب تطبيق كل ما يقال على ارض الواقع .
لذا لا يمكن أن تتعرفي عليه إلا بعد التعامل المباشر معه في النور وليس في الخفاء فهذا هو الذي سيولد المودة والثقة والتفاهم بينكما، والتي تعتبر من أهم أسس الحياة الزوجية.
تأكدي دوما أن ما بني على خطأ فهو خطأ ، وما بني على باطل فهو باطل، وسيتهاوى البنيان عاجلا أو آجلا.
حاولي ان تتجنبي استخدام النت والشات بغرض التسلية والتعارف، فهذه من القضايا المشبوهة، التي مهما كان فيها من حسنات إلا أن سيئاتها أكثر من حسناتها ، ومشاكلها وخطرها كبير قد لا يقدر بثمن أحيانا، وقد لا تدركين ذلك إلا بعد حين ، و تأكدي أن معظم حالات الزواج التي تتم عبر الانترنت تنتهي بالفشل خاصة إذا لم تتطور في دائرة الضوء بشكل رسمي وبرباط رسمي منذ بدايتها .