أنت هنا

انتبهوا .. الصهاينة دخلوا الأقصي .. ويهودون أسوارها!
26 ربيع الأول 1430
جمال عرفة

ما الذي ينتظره العرب والمسلمون كي يتدخلوا لإنقاذ ما تبقي من القدس ويمنعون إقتحام الصهاينة لساحة المسجدين الأقصي وقبة الصخرة  ؟ وما هي الأوراق التي في أيدي العرب والمسلمون للدفاع بها عن القدس والأقصي طالما أن الحرب مع الصهاينة مجمده من قبل الحكومات والعلو الصهيوني لا يزال منتشيا ؟
أحاديث تهويد القدس لم تعد جديدة ، فالتهويد مستمر منذ احتلالها عام 67 ولم يتبقي منها شئ يدل علي هويتها سوي قباب واسوار الأقصي ، وحتي الأقصي نفسه لم يعد محرما أو خطا أحمرا علي الصهاينة ، بعدما أقتحموه عدة مرات وحفروا أساسته وهدموا بعض أبوابه ، ويسعون الأن لتهويد أسواره !!.
في أسبوع واحد من شهر فبراير الماضي 2009 فقط ، أعلن الصهاينة عن أوسع مشروع استعماري منذ 50 عاماً عبارة عن مخطط صهيوني لبناء 11 ألف وحدة استعمارية في القدس المحتلة ، وحذرت مؤسسة الأقصى من مخطط صهيوني تدريجي لتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود  ، وتم الكشف عن مخطط جديد لبناء كنيس يهودي على أنقاض المحكمة الشرعية قرب باب القطانين في القدس.
وفي هذا الأسبوع أعلن عن هدم عشرات المنازل لعرب يرفض الصهاينة أصلا إعطائهم تراخيص بناء ، وكشف الشيخ رائد صلاح عن أن الهدم والحفر أسفل الأقصي مستمرا ، وأن الجرافات الإسرائيلية تواصل هدم طريق باب المغاربة ليلاً وتنسحب خلسةٍ فجراً !.
وأعلنت سلطات الاحتلال عن فتح أبواب الحرم القدسي الشريف للزوار والسياح ، الذين هم اصلا الصهاينة والمتطرفين القادمين من أوروبا وأمريكا بغرض حثهم علي المشاركة في مشاريع تهويد الأقصي ذاته لا القدس فقط ، كما كشف عالم آثار صهيوني عن أن الاحتلال أزال سراً مسجداً تاريخيا أكتشفته الحفريات الصهيونية عند باب المغاربة الذي يحفرون عنده قبل 3 سنوات .
ومرة أخري نقول أن هذه هي أبرز الأحداث وليس كلها وفي أسبوع واحد فقط الشهر الماضي وليس الحالي الذي يشهد عمليات هدم لأت 118 منزلا فلسطينيا ، بخلاف الاعتقالات ومنع الصلاة في الأقصي واستمرار خطوات الحفر أسفل الأقصي وتشييد معابد يهودية تحت المسجد الأقصي حتي أصبح الأقصي أشبه بهيكل يقف علي الهواء من كثرة الحفريات أسفله !.
تغيير وتزوير وجه القدس
وقد كشف تقرير أخير لـ "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، في فلسطين المحتلة عام 48، النقاب عن قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بعمليات تهويد وتغيير غير مسبوقة يجريها الصهاينة في البلدة القديمة (لاحظ القديمة لا الجديدة فلم يعد من القدس شئ للعرب والمسلمين لا شرقية ولا غربية) بالقدس المحتلة عبر مشاريع تحمل مسميات متعددة كالتطوير والترميم وهي في الحقيقة مشاريع تهويد وطمس للمعالم الإسلامية والعربية في القدس القديمة.

وأكدت "مؤسسة الأقصى" في تقرير أصدرته يوم 12 مارس الجاري 2009 أن المؤسسة الإسرائيلية تنفّذ في هذه الأيام أكبر عمليات تغيير وتزوير للوجه التاريخي والديني الإسلامي والعربي للبلدة القديمة بالقدس، تشمل أسوار البلدة القديمة وأبوابها والمحيط الملاصق للبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، وكذلك للأحياء المقدسية داخل الأسوار.
 كما يسعى الصهاينة إلى عمليات تغيير واسع للطابع الديني للقدس من خلال مشاريع سياحية وترفيهية تتناقض مع الطابع الديني الإسلامي في القدس، وتنظم حفلات الرقص الصاخب وتشجيع افتتاح الخمارات ليلاً، وأن التركيز على منطقة حائط البراق على أنها حائط المبكى المقدس في الديانة اليهودية.
وأشارت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث"، إلى أن الحكومة "الإسرائيلية" ألقت مهام تنفيذ هذه المشاريع والتي ستستمر لعدة سنين على عدد من المنظمات والشركات "الإسرائيلية" هما البلدية العبرية في القدس، وما يسمى بـ"سلطة تطوير القدس" وما يسمى بـ"سلطة الآثار الإسرائيلية"، وأنه تم رصد مبلغ 600 مليون شيقل (150 مليون دولار أمريكي) لتنفيذ هذه المشاريع التهويدية .
هذه المؤامرة علي تايخ القدس بدأت بعمليات مشبوهة وغير معروفة في مضمونها الحقيقي وتحت مسمى الترميم والتصليح في أسوار البلدة القديمة، حيث أنهت مؤخرا عمليات تهويد شاملة في أقصى الزاوية الغربية الشمالية من السور، وأنشأت بالجوار حديقة ومتنزهاً عاماً ملاصقاً للجدار وسمّته "كيكار تساهل-جادة الجيش"، وأنهت أيضا أعمالاً مماثلة في أقصى الزاوية الشرقية الشمالية للسور التاريخي للقدس، وفي نفس الوقت تجري أعمال تجريف في مناطق متعددة على أجزاء طويلة من السور الشمالي، وعمليات تغيير في مناطق واسعة من السور في الجهة الغربية وأقصى الجهة الجنوبية الغربية لأسوار البلدة القديمة.
يضاف لهذا عمليات تغيير في معالم باب النبي داوود في احتفال حضره أفراد من الجيش الإسرائيلي الذي هاجموا حي الشرف في عام 1948، ولم يستطيعوا احتلاله يومها، كما أعلنوا عن (أعمال تطوير) لباب الخليل وباب الساهرة وتغيير مسالك السير والمحيط المجاور لأبواب البلدة القديمة في القدس.
وفي نفس الوقت، واصل "الإسرائيليون" استيلائهم على عدد من الأبنية والعقارات العربية والإسلامية في البلدة القديمة بالقدس، وتغييرات واسعة لمعالمها ثم استعمالها لأهداف تهويدية، ومن أبرز هذه العقارات والأعمال ما يجري في حارة الشرف، وأقصى غرب حي المغاربة، وبعض العقارات في أقصى شارع الواد، وأخرى بالقرب من مسجد النبي داوود ووقف آل الدجاني في الموقع نفسه .
تغيير أسماء الشوارع الاسلامية ليهودية
أعمال التغيير والتزوير هذه، تترافق مع تغيير أسماء الشوارع من الأسماء العربية الإسلامية التاريخية إلى أسماء عبرية، وتوثيق ذلك في إعلاناتها، كما حصل في منطقة مدخل سلوان على بعد أمتار من السور الجنوبي للمسجد الأقصى، حيث أطلقت اسم شارع "معاليه دافيد" على شارع وادي حلوة بسلوان، و"جاي هينوم" على شارع "وادي الربابة"، وأعلنوا أنهم سيقومون بتغيير جميع لافتات الشوارع في البلدة القديمة .
وجوار المسجد الأقصى، نظموا مؤخرا مهرجانات سياحية ترفيهية شملت سهرات ليلية على أنغام الموسيقى الصاخبة ما نشط عمل الخمارات !.
الأتحاد الأوروبي شاهد علي التهويد

وقد ذكر تقرير للاتحاد الاوروبي صدر الأسبوع الماضي إن "اسرائيل" سرعت بالفعل من وتيرة "الضم غير الشرعي" للقدس الشرقية – لاحظ مرة أخري (الشرقية) التي يأمل العرب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية ، لا الغربية المهودة أصلا - في العام الماضي من خلال السياسات البلدية والامنية التي تميز ضد السكان الفلسطينيين.
ونشرت وكالة (رويترز) تفاصيل التقرير الداخلي الذي اعده دبلوماسيون اوروبيون ويحمل تاريخ 15 ديسمبر كانون الاول 2008 وبه تفاصيل المخطط الصهيوني لتهويد كامل القدس خصوصا أحياءها العربية ، وضمنه خطة هدم عشرات المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية.
التقرير قال ان عدد مناقصات البناء التي اصدرتها "اسرائيل" لاقامة منازل لليهود في القدس الشرقية زاد بنحو 40% في 2008 مقابل عام 2007 فيما وضعت السلطات الاسرائيلية "قيودا مشددة" على تصريحات البناء بالنسبة للفلسطينيين.
وألمح التقرير الأوروبي المؤلف من 20 صفحة لأن هناك حملة لطرد الفلسطينيين الذين يمثلون 34 في المئة من سكان القدس ، من مشاهدها قرار بلدية القدس بهدم 88 منزلا فلسطينيا يقطنها قرابة 1500 فلسطيني زعموا أنها اقيمت بدون تراخيص في جزء اخر من حي سلوان بالقرب من اسوار مدينة القدس القديمة من اجل اقامة حديقة عامة !.
ولأن الصهاينة يتحايلون الأن بإغراء أهالي هذه المنطقة بمنازل أخري بديلة في مناطق بعيدة عن أسوار القدس القديمة ، فقد قد أصدر الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا فتوى شرعية تُحرّم "أخذ التعويض المالي أو العيني مقابل البيوت التي تهدد بلدية الاحتلال في القدس بإخلائها من سكانها وأصحابها الشرعيين في حي البستان بمنطقة سلوان المحاذية للجهة الجنوبية من المسجد الأقصى المبارك وفي حي الطور المطل على المسجد الأقصى من الجهة الشرقية بحجة عدم وجود تراخيص بناء وإقامة حدائق عامة مكانها".
إلى متى يحارب المقدسيون وحدهم ؟
ولأن المأساة كبيرة وأهل القدس عانوا وتحملوا وحدهم الكثير من مظالم الاحتلال الصهيوني وصمدوا بقدر جهودهم في الحفاظ علي جزء من هوية القدس والأقصي ، فقد طرح الصحفي المقدسي فادي شاميه السؤال التالي : متى يبقى هؤلاء "يحاربون" وحدهم من أجل كرامة العرب والمسلمين دون عون، أو تحرك عربي وإسلامي فاعل؟!.
والسؤال دام ومحرج للعرب والمسلمين وتحديدا الحكومات التي تطبع وتقديم علاقات مع الصهاينة والأخري التي تنشغل بخلافات داخلية ، وتترك الأقصي يبكي الجحود ، وتجهل عن حقيقة المشاريع الصهيونية .
فالقصة ليست قصة أخلاء بضع منازل أو اقامة حدائق كما يزعم الصهاينة ، وإنما هي خطة خبيثة ممنهجة لخلق وقائع نهائية على الأرض، وحسم موضوع القدس في أي تفاوض لاحق.
وعلي سبيل المثال ،فمنطقة سلوان القريبة من الأقصى والتي يسعون لنزع ملكية منازلها بهدمها وطرد أهلها هي منطقة تقع أعلي منطقة الحفريات الصهيونية أسفل الأقصي وهي مهددة بالانهيارات وانهيارت بالفعل إحدى مدارس هذه المنطقة مطلع فبراير 2009.
والحقيقة أن ما يجري على الأرض هو عملية منهجية لتطويق المسجد الأقصى بسلسلة من الحدائق التلمودية، والأنفاق المتشعبة الهادفة إلى إحاطة المسجد الأقصى بحاجز استيطاني، مادي وبشري، كأمر واقع، وصولاً إلى استبدال إدارة الأوقاف الإسلامية صاحبة الصلاحية في إدارة شؤون الأقصى، بإدارة يشارك فيها اليهود، وبما يمكّنهم من دخول الأقصى وإقامة شعائرهم فيه، أو اقتسامه مع المسلمين. 
من أدلة ذلك أنه ينشط في سلوان جمعيات استيطانية عديدة أهمها؛ "إلعاد" و "عطيرات كوهنيم"، وهي تعمل على تهويد المنطقة، المسماة لديهم "مدينة داوود"، جنوب المسجد الأقصى، إضافة إلى افتتاحها مزارات وأنفاق تلمودية فيها، في إطار خطة أشمل لتهويد ما يسمى "الحوض المقدّس"، الذي يشمل البلدة القديمة بكاملها وأجزاء واسعة من الأحياء والضواحي المحيطة بها.
وربما أخطر ما في هذا المخطط الصهيوني الجديد – بخلاف طرد الفلسطينيين وترحيلهم من منطقة الأقصي وحصاره – هو السعي  لتحقيق تواصل جغرافيّ بين البؤر الاستيطانيّة في البلدة القديمة ومحيطها وبين المستوطنات الموجودة على أطراف مدينة القدس، كمستوطنة التلّة الفرنسيّة في الشمال، وكتلة E1 الاستيطانيّة في الشرق، ومستوطنة تل بيوت الشرقيّة في الجنوب ، بحسب فادي شامية.
لقد تمكنت حكومة الاحتلال- حتى الآن- من إنهاء عدد كبير من المزارت الأثريّة تحت المسجد الأقصى وضاحية سلوان جنوب الأقصى. وأنهت القسم الأكبر مما يسمى مدينة داوود الأثريّة الموجودة اليوم فوق الأرض في حيّ وادي الحلوة في ضاحية سلوان. وأقامت بؤراً استيطانيّة في الأحياء العربية الفلسطينيّة المحيطة بالمسجد الأقصى، خصوصاً في الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة، وفي ضاحية سلوان، وحيّ الشيخ جرّاح. كما عزلت الأحياء الفلسطينيّة المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى عن بقيّة القدس من خلال الجدار العازل، وعبر نشر الحواجز المذلة للفلسطينيين والتي تمنع سكّان الأحياء المذكورة من استخدام عددٍ كبير من الطرق والشوارع الرئيسة "لدواعٍ أمنيّة" ، وكل هذا والحكومات العربية والاسلامية .. نيام نيام !.
ماذا نفعل لنصرة القدس ؟
وقد يقول قائل : وماذا نفعل وهذا احتلال عسكري صهيوني للقدس لا نقدر علي دفعه إلا لو أزيلت الدولة الصهيونية كلها وانهارت ؟
والحقيقة أن هناك بعض الأفكار المقترحة لتقديم يد المساعدة والعون ليس فقط لإخوتنا في القدس ، ولكن لثاني الحرمين وأول القبلتين (المسجد الأقصي) علي النحو التالي :
1 – لقد وجهت مؤسسة الأقصي مثلا نداءً للعرب والمسلمين دعتهم لضرورة تسريع تنفيذ المشاريع التي تحفظ عروبة وإسلامية القدس، وتحفظ وتصون قدسية المسجد الأقصى المبارك، والأوقاف الإسلامية في القدس ، وقالت "إنه لا يعقل أن تواصل المؤسسة الإسرائيلية مشاريعها التهويدية الشاملة للقدس وانتهاك حرمة المسجد الأقصى، دون أن نقوم بمشاريع صيانة وحماية للمسجد الأقصى ولمدينة القدس، فلماذا لا تتحرك الدول العربية والاسلامية لتنفيذ وتمويل هذه المشاريع ؟
2- وسائل الاعلام العربية والاسلامية تكتفي فقط بنشر بعض وليس كل ما يجري من عمليات تهويد ولا تفضحها بشكل كاف وهناك حالة من الجهل العام بين الفضائيات العربية والاسلامية بما يجري هناك ، في حين يجري تجييش الجيوش والحكومات لو نشر فيلم أو رسم مسئ لرمز أو شخصية اسلامية في الغرب وننسي أن هناك رمز اسلامي يضيع هو مسري رسول الله صلي الله عليه وسلم ويهود علنا .
3- بدلا من طرح المبادرة العربية للسلام مع الدولة الصهيونية أفكارا خاصة بالتطبيع مع الصهاينة مقابل السلام ، يجب أن يكون هناك حديث أوضح عن ضرورة الابقاء علي القدس – علي الأقل الشرقية – كما هي وابعادها عن مؤامرات الصهاينة .
4- أين منظمات اليونسكو ومنظمات الحفاظ علي هوية المدن التاريخية ؟ لماذا لا تتحرك الدول العربية والاسلامية لاستنفارها ، والأدلة علي التهويد والتشوية الصهيوني للوجه الحضاري للقدس متوافرة وملموسه .
5- أين شباب الأنترنت ونشطاء الشبكة العنكبوتية من مساندة الأقصي والقدس ضد التهويد ؟ لماذا لا ينشرون خطط التهويد الصهيونية ويفضحونها – وهي جاهزة – ويرسلونها لنواب الكونجرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي وكل دول العالم يطالبونهم بالتدخل ولو بدافع أن هذه أثار تاريخية !.
6- يجب الضغط علي الحكومات العربية التي لها علاقات مع اسرائيل وكذا الحكومات الاسلامية – ومنها تركيا - كي تتولي عمليات نقل الاحتجاجات للصهاينة من العالم الاسلامي وتهدد برفع الأمر لمحاكم قضائية دولية لحماية هذا التراث الاسلامي وعدم تهويده خصوصا أن الدولة الصهيونية دولة محتلة بقوة السلاح وأبسط القوانين الدولية تفرض عليها عدم تغيير طبيعة الأرض المحتلة .

القدس ضاعت تقريبا .. فهل ننتظر ضياع الأقصي وتقسيمه مع الصهاينة كما فعلوا في الحرم الأبراهيمي ؟!