مفتي كوسوفا: 8 دول إسلامية اعترفت بنا.. ندعو المستثمرين المسلمين لدعم اقتصادنا.. لا توجد ميزانية لدعم المؤسسات الإسلامية
25 جمادى الأول 1430
همة برس – خاص بالمسلم




حيا الشيخ نعيم ترنافا، مفتي كوسوفا ورئيس المشيخة الإسلامية بها، الاعتراف السعودي بكوسوفا كدولة مستقلة، وأضاف أن هذه الخطوة حظيت بترحيب شديد من جميع المسئولين، بدءًا من الرئيس فاتمير سيديو، ورئيس الوزراء هاشم تاتشي، مشيرًا إلى أن العديد من  الدوائر اعتبرته الحدث الأبرز منذ إعلان كوسوفا استقلالها، ومساويًا تمامًا للاعتراف الأمريكي إن لم يكن قد زاد عنه، وذلك من زاوية إدخاله السرور في قلب ما يقرب من مليوني مسلم!

وقال الشيخ ترنافا في حوار خاص لموقع "المسلم": تعود أهمية الاعتراف السعودي لتزامنه مع  استحقاقات شديدة الأهمية؛ في مقدمتها اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث نأمل أن يلي الاعتراف السعودي خطوات مماثلة من جانب عشرات من الدول العربية والإسلامية وغيرها، مما يحقق لكوسوفا اعتراف ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويضمن انضمامها للمنظمة الدولية كعضو مستقل.

وأوضح ترنافا أن استقلال كوسوفا حظي بدعم دولي؛ فقد اعترف بها حتى الآن نحو 58 دولة، وافتتحت أكثر من عشرين سفارة بالعاصمة بريشتينا، وهناك أمل في اعتراف عدد كبير من دول العالم، بشكل يدحض جميع الحجج التي ترددها بلجراد، ويؤكد فشل جميع العراقيل التي وضعتها صربيا في طريق استقلالنا.

ونفي مفتي كوسوفا أن تكون علاقات كوسوفا الوثيقة بواشنطن والاتحاد الأوروبي تعني تناقضًا مع هوية كوسوفا المسلمة، مشيرًا إلى أن ساسة كوسوفا يعولون كثيرًا علي الدعم العربي والإسلامي، ويرغبون في إقامة علاقات سياسية واقتصادية أوثق مع الدول المنضوية تحت لواء منظمة المؤتمر الإسلامي.

 

مزيد من التفاصيل في نص الحوار:

كما كنت تتوقع اعترفت المملكة العربية السعودية بكوسوفا لتصير الدولة العربية الثانية في هذا الإطار، فكيف استقبلتم هذه الخطوة؟

لقد جاء الاعتراف السعودي بكوسوفا نتاج جهود مكثفة قامت بها حكومة كوسوفا، وجولات وزيارات قام بها المسئولون الكوسوفيين للمملكة، وللعديد من الدول العربية والإسلامية؛ حيث حرصوا علي الاستفسار عن أسباب تحفظ هذه الدول علي إقرار خطوة الاعتراف بكوسوفا، ونقلوا لهم رسالة مفادها تعويل الكوسوفيين علي اعتراف الدول العربية والإسلامية بكوسوفا، وأهمية مساعدتها للانضمام للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وكذلك التأكيد على أن استقلال كوسوفا سيكون عامل استقرار في منطقة البلقان، وما يعرف بيوغوسلافيا السابقة، وكذلك الإشارة لأهمية ألا يقف العرب مع المساعي الروسية والصربية الرامية لتفريغ خطوة الاستقلال من مضمونها، وقد نجح المسئولون الكوسوفيون في تبديد مخاوف نظرائهم في المملكة، والعديد من الدول العربية، وانتزاع الاعتراف بالاستقلال المتوقع أن تليه خطوات مماثلة من جانب عدد من الدول العربية، لما للمملكة من ثقل ديني وروحي في المنطقة.

 

ترحيب شديد.. واستقلال شرعي!

كيف رصدت ردود أفعال المسئولين الكوسوفيين والدوائر الشعبية علي القرار السعودي؟

قوبلت الخطوة السعودية بترحيب شديد من جميع المسئولين؛ بدءًا من الرئيس فاتمير سيديو، ورئيس الوزراء هاشم تاتشي، وجميع المسئولين، لدرجة أن العديد من الدوائر الكوسوفية اعتبروه الحدث الأبرز منذ إعلان كوسوفا استقلالها، كما أن هذا الاعتراف السعودي يبدو مساويًا تمامًا للاعتراف الأمريكي، إن لم يكن أكثر.

فقد أدخل هذا الاعتراف السعودي باستقلال كوسوفا السرور في قلب ما يقرب من مليوني مسلم، وقد جاء هذا الاعتراف في موعده تمامًا؛ حيث تزامن مع استحقاقات شديدة الأهمية؛ أبرزها اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما نأمل أن يلي الاعتراف السعودي خطوات مماثلة من جانب عشرات من الدول العربية والإسلامية وغيرها، بما يحقق لكوسوفا اعتراف ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، والانضمام للمنظمة الدولية.

 

أشرت لاستحقاقات مهمة أخرى غير اقتراب موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، نرجو أن تلقي لنا عليها المزيد من الضوء؟

خلال الأيام القادمة ستقبل محكمة العدل الدولية في لاهاي جميع الوثائق والمستندات والدفوع الخاصة بقضية الاستقلال من كوسوفا وصربيا؛ فيما يخص الدعوى الاستشارية التي رفعتها صربيا بزعم مخالفة قرار مجلس الأمن رقم (1244)، الصادر في العاشر من يونيه 1999م، والذي ينص على أن تحظى كوسوفا "بحكم ذاتي واسع في إطار جمهورية يوغسلافيا الاتحادية".

مع الإشارة في الفقرة (11) من ديباجة القرار إلى إن تحديد مصير الإقليم، "رهن بالتوصل لتسوية نهائية"، وهو ما يؤكد شرعية الاستقلال، واستناده لمرجعيات دولية، وليس كما يزعم الصرب، لذا فالخطوة السعودية بالاعتراف باستقلال كوسوفا جاءت كدعم سياسي ومعنوي لاسيما أن هناك دولا مازالت تنتظر صدور قرار من محكمة لاهاي للاعتراف بكوسوفا.

 

20 سفارة.. والحبل علي الجرار!

وردت أنباء عن اعتزام العديد من الدول العربية والإسلامية مثل الجماهيرية الليبية وجزر القمر الاتحادية ونيجيريا الاعتراف بكوسوفا؟

بالفعل أعلنت جزر القمر اقتراب اعترافها بكوسوفا، وكذلك تجري مفاوضات مع ليبيا ونيجيريا للاعتراف بكوسوفا، بعد اعتراف السعودية، وهو ما نتمنى تحقيقه في المرحلة القادمة، لتكريس استقلال الأقاليم، وتوصيل رسالة لصربيا أن مساعيها لعرقلة استقلال كوسوفا مصيرها الفشل، لعدم واقعيتها، فالاستقلال أصبح أمرًا واقعًا، بشكل يستحيل معه عودة عقارب الساعة للخلف.

 

 نرجو أن تطلع القارئ علي حجم الاعتراف الدولي بكوسوفا، بعد ما يقرب من عام وثلاثة أشهر على إعلان الاستقلال؟

 إذا وضعنا في اعتبارنا الخطوة السعودية، فهناك اعتراف من 58 دولة باستقلال كوسوفا منذ إعلان الاستقلال في 17 فبراير عام 2008م، وحتى الآن، ومما يؤسف له أن 8 دول إسلامية فقط تعترف بكوسوفا كان آخرها السعودية من قبلها جزر المالديف فيما تتصدر أمريكا ومعظم بلدان الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة وكندا واستراليا قوائم المعترفين بكوسوفا.

وقد افتتحت في بريشتينا حاليًا ما يقرب من عشرين سفارة من الدول المعترفة بكوسوفا، ولدينا آمال كبيرة أن تشهد الأشهر القادمة اعترافًا بكوسوفا من أغلب الدول الإسلامية، وفي مقدمتها مصر، لما لها من وزن سياسي إقليميًا ودوليًا، حيث سيشجع اعترافها دولا عديدة علي أن تحذو حذوها.

 

ذرًا للرماد.. صعوبات ولكن!

أعلن الرئيس الصربي بوريس تاديتش خطة جديدة أطلق عليها "النضال" من أجل عرقلة استقلال كوسوفا، وإعادتها مرة أخرى لأحضان صربيا؟

ساسة صربيا علي اختلاف توجهاتهم لا يزالون يعيشون في الماضي، ولا يدركون أن عودة الهيمنة علي كوسوفا، وسياسة التطهير العرقي، والقتل الجماعي لما يقرب من 15 ألف مواطن كوسوفي، تجعل عودة سلطة بلجراد مرة أخرى أمرًا مستحيلا، والأفضل الصرب بدلا من إضاعة أوقاتهم، فيما لا يفيد الإقرار بالأمر الواقع والاعتراف بكوسوفا، وتبادل السفراء معها، والبحث عن سبل أفضل للتعايش بين دولتين مستقلتين ذات سيادة.

 

كأنك تشير إلى إمكانية تطبيع العلاقات إذا اعترفت بلجراد بسيادة واستقلال كوسوفا؟

بالفعل مثل هذه الخطوة ستكون علامة جيدة علي طي صفحة الماضي، واحتمالات فتح صفحة جديدة بين البلدين، وقد تكون العلاقات بين الطرفين، نموذجًا لما يجب أن تكون عليه العلاقات، غير أني لا أتوقع أن يكون هذا الأمر قريبًا، نتيجة الصعوبات والمزايدات التي تسود الساحة السياسية في صربيا، حيث لا تترك الحكومة الحالية- رغم قربها من الغرب وسعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي- شاردة ولا واردة إلا إعلان رفضها لاستقلال كوسوفا، حتى تؤكد أن استقلال كوسوفا، تم رغم عنها وتتجنب غضب الرأي العام الصربي المعبأ ضد الاستقلال.

 

فشل.. وإمكانيات هائلة!!

لكن صربيا مازالت تثير دعاية سيئة ضد كوسوفا، وتحرض الدول الأوروبية والعربية ضدكم؟

 نعم هذا ما يحدث؛ فالصرب لا يرغبون في الاعتراف باستقلال كوسوفا بعد سيطرتهم عليها لمدة 90 عامًا، ونهب ثرواتها، لذا فمن الصعب أن تترك صربيا كوسوفا، وتضع العراقيل أمام استقلالها، ومع هذا فلم تنجح دعايتها في وقف الاستقلال، ويكفي للتدليل على ذلك اعتراف أكثر من 22 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 بكوسوفا، وهو ما يؤكد فشل هذه المخططات، ونأمل أن يكون التعاطي الإسلامي مع الاستقلال منسجمًا مع التعاطي الأوروبي، حتى تجبر صربيا ومن وراءها علي القبول بالأمر الواقع.

 

لعل من المخاوف التي حالت دون اعتراف الدول العربية بكوسوفا حديث قادتها عن هويتها الأوروبية، ودستورها العلماني، وعلاقتها الوثيقة جدًا بواشنطن؟

نحن جزء لا يتجزأ من الاتحاد الأوروبي، وجزء من العالم الأوروبي، وهذا ما ينسجم مع وضعنا الجغرافي، غير أن هذا الأمر لا يتناقض مع هويتنا المسلمة، فـ 95%، من سكان كوسوفا من المسلمين، من إجمالي 2.5 مليون ونصف هم تعداد السكان في كوسوفا، قد أمن الدعم الأوروبي والعربي لنا في النهاية الحصول علي الاستقلال.

لذا فنحن لم نتنكر يوما لهويتنا المسلمة، ولن نعمل أبدًا ضدها، بل نأمل في الاعتراف بنا من قبل جميع الدول المنضوية تحت لواء منظمة المؤتمر الإسلامي، ونسعى حاليًا لتوجيه نداء للمستثمرين، للعمل في كوسوفا، لكونها دولة غنية جدًا، وتمتلك ثروات معدنية كبيرة، في مقدمتها الزنك، والنيكل، والذهب، والفحم الحجري، فضلا عن الإمكانات الزراعية الكبيرة، إذن لدينا إمكانيات كبيرة للمستثمرين فرصة ذهبية للجميع أن يفيد ويستفيد.

 

هل اعتبر ما تقوله دعوة صريحة للمستثمرين في الدول العربية والإسلامية للقدوم  للاستثمار في كوسوفا؟

 نعم بالتأكيد؛ لأن هناك فرصًا أمامهم إذا كان لديهم مال وإمكانية لأن يتفضلوا، فهناك المجال مفتوح، ولدينا استعداد لتقديم تسهيلات كبيرة للمستثمرين المسلمين، توازي الممنوحة لنظرائهم الغربيين، الذين وفدوا بأعداد كبيرة للاستثمار في كوسوفا، ونعول كثيرًا علي الاستثمارات الخارجية، وفي مقدمتها الاستثمارات المسلمة لإقالة الاقتصاد الكوسوفي من عثرته.

 

ضعف إمكانيات!

فضيلتكم لم تجيبوا على النقطة الخاصة بالعلاقات المتميزة مع واشنطن؟

(سكت فترة ثم قال متسائلا) مَنْ في العالم كله حاليًا لا يحرص علي إقامة علاقات متميزة مع الولايات المتحدة؟!!، ونحن جزء من العالم، ولا يجب أن ننسى الدور الأمريكي في الدفاع عن كوسوفا أمام العدوان الصربي، واعترافها المبكر باستقلالنا، وأهمية وقوفها بجانب كوسوفا لتكريس استقلالها واستقرارها.

 

لم نتطرق في حوارنا لمستوى الوعي الديني لمسلمي كوسوفا وارتباطهم بالدين الحنيف؟

لقد عشنا أيامًا مُرّة تحت سيطرة بلجراد، وقبلها عانينا لمدة 50 عامًا من الحكم الشيوعي، ورغم كل الصعوبات والمعاناة التي شهدها الشعب الكوسوفي فقد استطاع أجدادنا وآباؤنا أن يحافظوا علي الهوية الإسلامية، والآن في كوسوفا هناك 700 مسجد، وفيها 5 مدارس دينية، وكلية للدراسات الإسلامية، و27 مركزًا إسلاميًا صغيرًا في جميع محافظات كوسوفا، و7 معاهد لتحفيظ القرآن الكريم.

ونحن نعمل بجد لاستمرار الهوية المسلمة لكوسوفا، ومع هذا فنحن لا ننكر وجود صعوبات أمامنا في هذا الإطار، أهمها عدم وجود ميزانيات رسمية للإنفاق علي المؤسسات الإسلامية، فنحن نعيش من تبرعات الشعب داخل كوسوفا فقط، لدفع رواتب الأئمة والأساتذة وكل هذا من تبرعات الشعب!.

 

ولماذا لا تقدم الحكومة ميزانية أو دعماً للمشيخة؟

النشأة الحديثة للدولة وقفت حائلا دون رصد الميزانيات لتمويل أنشطة المؤسسات الإسلامية، ونأمل في القريب العاجل أن يتم تخصيص ميزانيات لدعم هذه الأنشطة، التي تساهم في حفظ هوية مسلمي كوسوفا.