16 رجب 1430

السؤال

لقد نذر والدي –رحمه الله- أنه عندما سيتزوج أبناؤه سوف يحضر لهم فرقة شعبية لإحياء العرس، فهل لنا أن نوفي له بهذا النذر؟

أجاب عنها:
د. خالد الماجد

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
إن وجد من الفرق الشعبية من يحيي العرس بما أحل الله، كما يفعل بعض أهل الخير، ممن يوفر للناس اللهو المباح بدلاً عن اللهو المحرم فهذا نذر مباح، تخير بين الوفاء به بإحضارها، وبين عدم الوفاء به، لما روى البخاري (6074) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-: "بينما النبي –صلى الله عليه وسلم-يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه. فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال: مره، فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه" فلم يلزمه النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا بالاستمرار في الطاعة، وهو الصوم، دون غيره، فدل على أن نذر المباح لا يلزم الوفاء به.
فإن لم تجد إلا الفرق الشعبية التي تحيي العرس بمعصية الله، كالغناء، وآلات اللهو، كالموسيقى، والطبول فلا يجوز أن تفي بنذر والدك؛ لأنه نذر معصية، وهو لا يجوز الوفاء به؛ لما رواه البخاري (6696) من حديث عائشة –رضي الله عنها- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه"، وما رواه مسلم (1641) عن عمران –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"... لا وفاء لنذر في معصية..."، ولذا من أهل العلم من يرى أن هذا النذر المحرم غير منعقد أصلاً.
وإن كفّرت عن عدم الوفاء بهذا النذر، سواء في الصورة المباحة، أو المحرمة فحسن، وكفارته كفارة الحنث في اليمين؛ لأن طائفة من أهل العلم ذهبوا إلى إيجاب كفارة الحنث في اليمين، على ترك الوفاء بالنذر، ولو كان نذر معصية، مستدلين بذلك بما رواه أبو داود (3322) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- مرفوعاً إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"... ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين..." قال ابن حجر: وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه على ابن عباس، ولما رواه الخمسة (أبو داود (3293) والترمذي (1544) والنسائي (3815) وابن ماجة (2134) وأحمد (17306)) وحسنه الترمذي من حديث عقبة بن عامر قال: "نذرتْ أختي أن تمشي حافية غير مختمرة، فسألت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: "إن الله –عز وجل- لا يصنع بشقاء أختك شيئاً، مرها فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام".
وقد روي القول بالكفارة عن طائفة من أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- وهم: ابن مسعود، وابن عباس، وعمران بن حصين، وسمرة بن جندب –رضي الله عنهم-.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.