2 شعبان 1430

السؤال

هناك أناس يزعمون أنه بالإمكان رؤية الرسول –صلى اللّه عليه وسلم- في اليقظة، وليس في المنام!! وكذلك رؤية شخص آخر، ويستدلون بما وقع من عمر -رضي الله عنه- مع سارية، بينما هو على المنبر. أرجو منكم الإفادة.

أجاب عنها:
د. خالد الماجد

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن زعم أن بإمكانه رؤية النبي –صلى الله عليه وسلم يقظة بعد موته فهو كاذب ويدعي باطلاً، وزاعم لنفسه مكانة لا يستحقها، وذلك للآتي:
1- أن مقتضى دعواه أن يكون من جملة الصحابة، وقد أجمع العلماء على أن الصحبة خاصة بمن رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- في اليقظة مؤمناً به.
2- أن مقتضى دعواه الزعم بأن النبي – صلى الله عليه وسلم - ما زال حيًّا، وهذا كذب فاضح مخالف لإجماع الصحابة والأمة من بعدهم بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد مات، لقوله جل وعلا: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ" [المؤمنون:15]، وقد أجمع الصحابة على الصلاة عليه ودفنه، فلو كان حيًّا ما جاز فعل ذلك به.
3- أنه لو كان أحد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليقظة بعد الموت لكان التابعون وأتباعهم –رضي الله عنهم- أئمة الدين، من أمثال ابن المسيب، وابن سيرين، وعمر بن عبد العزيز، والإمام مالك، والإمام الشافعي، وأحمد، ولم يدَّع أحد منهم ذلك.
4- أنه يلزم من ذلك أن الوحي لم ينقطع، وهذا مخالف لإجماع المسلمين، فقد انقطع الوحي بموت النبي –صلى الله عليه وسلم-.
وأما الاستدلال لما حصل لعمر مع سارية فهو استدلال فاسد؛ لأن سارية كان حيًّا، وإنما الكرامة وقعت لعمر –رضي الله عنه- حيث إنه رأى موقف المسلمين رأي عين، أو أنه ألهم هذا القول دون رؤية، ثم بلغ الله مقالته لسارية.
ثم إن هذه الكرامة أمكن إثباتها بغير النقل لها عن عمر ولا عن سارية، أي حصل مصدر مستقل في إثباتها مما نعلم به صدقها.
ولكن مدعي رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يستطيع بحال أن يثبت رؤيته للنبي -صلى الله عليه وسلم- بشهادة عدول ولا بغيرها، إلا بمجرد خبره. والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.