7 شوال 1430

السؤال

لدي ابن عمره 18 سنة وقد عوّدته من صغره منذ كان عمره 12 سنة على أنه مسئول عن نفسه فكان يخرج من البيت ويعود إليه في أي وقت يريد.. واشتريت له سيارة جديدة، كما أنه كان متحملا لمسؤولية البيت وكنت أعتمد عليه تماماً. الآن جاءني خبر أنه يدخن وهو أنكر هذا الشيء فأخذت منه السيارة ومنعته من الخروج من البيت وفرضت عليه أشياء كثيرة مثل حرية التصرف وغيرها.. لكن طبعه العناد وهو يحتقرني ويستخف بي إذا منعته من الخروج ويصر على الخروج والسهر خارج البيت. إصراره يخوفني ولا يفيد معه أسلوب القوة... الآن هو يقول ((يعني كم تخليني عندك؟ شهر، سنة، سنتين.. لو كنت أدخن سأخرج بعد 4 سنوات وأدخن)) لا أدري كيف أتصرف معه؟!

أجاب عنها:
د. محمد العتيق

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر لك أخي تواصلك مع الموقع ونسأل الله أن يعينك في أمر دينك ودنياك
أخي الفاضل .. اسمح لي أن أقول لك أنك الآن ترى ما نتج عن أسلوبك مع ولدك حين أرخيت له العنان ومنحته الحرية الكاملة طوال ست سنين حتى شب على طريقة معينة و تعود عليها ثم الآن تريد أن تغيرها جذريا بطريقة معاكسة تماما .
إن تعويد الولد على قدر من الحرية وتحميله قدرا من المسئولية هو أسلوب تربوي ناجح ولاشك . لكن هذا لا يعني التخلي عن الولد تماما ومنحه حرية مطلقة في التصرف والتنقل لأنه لا يزال في سن مبكرة وشخصيته طرية غير محصنة ما يعني أنها ستتأثر بسهولة مما يحيط بها من عوامل اجتماعية وفكرية . وقد نتج عن هذا الأسلوب مع ولدك أمران ، تحدثت عنها في سؤالك ، الأول وقوعه في التدخين ، والثاني معاندته لك وجداله معك بطريقة الند للند . وهما ظاهرتان مقلقتان وتحتاجان عناية كبيرة حتى يمكن علاجهما والتخلص منهما بطريقة حكيمة وهادئة .
إن تصرفك معه مؤخرا بمنعه من الامتيازات التي كان يتمتع بها وتقييد حركته وسحب السيارة منه كلها طرق ستؤدي إلى عكس مرادك وربما ينتج عنها مشكلات أكثر تعقيدا مثل الخصومة المستمرة أو التخلي عن الأسرة و الخروج من البيت لا قدر الله .
عليك أن تتخلى قليلا عن السلطوية في تعاملك مع ابنك و تعمل معه بطريقة رفيقة لإصلاح الوضع دون تشنج أو غضب أو مواجهة وحاول أن تتغلب على بعض مشاعرك الداخلية التي ربما تدفعك للشد معه في الحوار والمناقشة والمعاملة .
إن مكمن الخطأ فيما وقع لولدك ليس هو الحرية النسبية أو تحميل المسئولية بل هو غياب المراقبة و المتابعة ولو بطريق غير مباشر . لهذا فأنا أنصحك بما يلي :
- احذر من أن تقع بينك وبينه خصومة أو مقاطعة أو اعتزال نفسي أو شعوري ولتحرص أن تكون العلاقة ودية قدر المستطاع بعيدا عن أي مؤثر أخر .
- حاول الوصول معه إلى اتفاق أو عقد صفقة بموجبها تعيد له كثيرا مما كان يمتاز به في مقابل أن يسعى إلى علاج المشكلة التي وقع فيها وهي التدخين . بين له أن الإنكار ليس هو السبيل إلى العلاج . إن مشكلة التدخين هي مشكلة حقيقة لها مضاعفات وأثار سلبية كثيرة وكلما تأخر فيها العلاج كلما صعب الشفاء.
- عندما تعطيه ما كان يمتاز به من مميزات لا تغفل عن مراقبته بطريقة غير مباشرة . واسع إلى أن تتعرف على مجتمعه الصغير وعلاقاته وصداقات ووضعه الدراسي .
- ابحث بطريقة هادئة وحكيمة ودون صدام عن أية مشكلات أخرى قد يكون وقع فيها واسع إلى علاجها سريعا قبل أن يتعذر ذلك .
- امنحه مزيدا من المسئوليات في المنزل التي تشغل وقته وتعطيه مزيدا من التقدير الذاتي والرضا الداخلي .
- كن قريبا منه . أكثر الجلوس معه والخروج وإياه . لتكن بينك وبينه صداقة وأحاديث ودية بعيدا عن التوجيهات المباشرة والإملاءات الأبوية والتذكير بجوانب القصور والخلل فيه . اسمعه ما يحب واثني عليه وامدح جوانب القوة فيه وسوف يكون لك مطواعا بحول الله وقوته .
وفقك الله ويسر أمرك