15 شوال 1430

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد:
(من وجد الله فماذا فقد).. أجيبوني كيف أجد الله؟ مع العلم أني شخص انطوائي وغير اجتماعي بكل ما تعنيه الكلمة، وأريد أن أكون عابداً لله وصاحب علم.
الرجاء لا تهملوا سؤالي.. وجزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
د. مبروك رمضان

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أشكرك على ثقتك في موقع المسلم وأسأل الله تعالى لك التوفيق والرشاد
سؤالك يدور حول ثلاثة محاور:
الأول: كيف تجد الله عز وجل.
والثاني: أنك تصف نفسك بأنك انطوائي.
والثالث: سؤالك كيف تكون عابداً وصاحب علم.
وها نحن لا نهمل سؤالك ونتواصل معك:
وفي البداية لا بد من التأكيد على الأثر الذي ذكرته وأن العبد قد فطره الله تعالى على الإسلام والقيم السليمة التي ما إن التزم المسلم بها وجد أن الله تعالى قد شرع لنا ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، وما كانت حياة السابقين من الأنبياء والرسل والصالحين وكذلك العباد المخلصين إلا إتباعاً لمنهج الفطرة التي فطر الله تعالى عليها الخلق، وأما من ناوء وقلب الفطرة فهؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى (فإن لهم معيشة ضنكاً).
ثم إن الإنسان يجد الله تعالى بإتباعه المنهج النبوي وما جاء به من تشريع في الفرائض والنوافل وأدائها والقيام بحقوقها في الإخلاص والإتباع ويذكرنا الله تعالى بقوله جل وعلا (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين) ويقول جل وعلا (فمن اتبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فقد نزع الله الخوف والحزن من قلوب الذين يتبعون هديه جل وعلا.
• كما أنك تجد الله تعالى في كل حياتك من سكون وحركة وعمل وفراغ ونوم ويقظة وذلك بالرجوع إلى الهدي النبوي والسنة الشريفة والعمل بما جاء فيها تجد أن الله تعالى مع العبد أينما كان في عبادته وعمله ولهوه وفراغه وانشغاله بشرطي الإخلاص والإتباع.
• وتجد الله تعالى عندما نؤمن بأن (من كان الله معه لا يخيب سعيه ولا يضل سؤله)، ونؤمن بأن الله تعالى (يراك حيثما كنت) وهذا هو الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).
• أما كونك انطوائي فهذا وصف ليس بمستحق ولا مناسب، فإن كان معنى الانطواء عدم الرغبة في الاختلاط بالأصحاب والأصدقاء والناس فهذا أمر مخالف لم حثنا عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما يوجه بقوله صلى الله عليه وسلم (أحسن الناس أنفعهم للناس)، (الله في عون العبد ما كان الله في عون أخيه...) وغيرها من الأحاديث التي تؤكد على أهمية مخالطة الناس وخاصة الصالحين منهم (الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان من الأصحاب والأحبة وذلك مشهور ومعلوم.
كما أن الانطواء عن الناس وعدم الاختلاط فيما يفيد ويؤثر سلباً على الحالة النفسية للفرد في انفعالاته وتعاملاته إضافةً إلى أن الاختلاط بالناس له فوائد متعددة وفي كل من الحالتين يحرص المرء أن يكون انعزاله أو انخراطه بميزان الشرع وحدود القيم ومصالح الدين والدنيا معاً.
أما كونك تريد أن تكون عابداً وصاحب علم فهذه خطوة طيبة ونية صالحة تحتاج إلى عمل ولا يكون العابد عابداً على الوجه الأمثل إلا إذا كان عالماً بمن يعبد وكيف يعبد لذلك تبدأ بالتعلم للعلم الصحيح من العلماء الموثوقين والدعاة الناصحين والإطلاع حسب قدراتك العلمية، واستيعابك لهذه العلوم تتحول إلى عمل وذلك هي العبادة، فالعبادة الصحيحة تكون عن علم وإتباع ولابد أن يصحبها إخلاص لله تعالى.
وعليك بالدعاء والجد، وفقك الله وسدد خطاك.