25 ذو الحجه 1430

السؤال

السلام عليكم ورحمة لله وبركاته
إخواني أثابكم الله أرشدوني كيف يكون موقفي من أناس تسببوا بطلاق أختي مع العلم أنهم هم إخوة وأخوات الزوج، وحرضوا زوجها على ضربها بسبب الغيرة وكرههم لنا، هل أدعو عليهم أم ماذا اعمل؟

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..
أخي السائل الكريم:
جزاك الله كل خير على ثقتك بإخوانك في موقع المسلم ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنك بنا وأن يهدينا وإياك إلى صالح القول والعمل..
وبعد أخي الكريم:
فإن الله قد قدر على عباده المؤمنين أن يبتليهم بأنواع من البلاءات كي ترتفع درجاتهم عند ربهم وكي تكفر عنهم ذنوبهم فكما في صحيح مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته" وقال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أيضاً: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرّاء شكر؛ فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبر؛ فكان خيراً له" رواه مسلم.
والظلم من الأنواع الشديدة من الابتلاءات على المؤمن , ولقد حرمه ربنا على نفسه وأمرنا بعدم ارتكابه فقال في الحديث القدسي الصحيح "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا...".
ويشتد الظلم مرارة حين يقع ممن يفترض فيه ان يكون موئلا للأمان وواحة للاطمئنان , ألا وهو الزوج الذي جعل الله في علاقته الزوجية بزوجته سكنا ومودة ورحمة فقال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
والطلاق كحكم تشريعي ليس ممنوعا في ذاته فقد لا تصلح حياة زوجين لأي سبب ويستحيل معها دوام العشرة فيكون الطلاق مخرجا شرعيا لأحدهما أو لكليهما بدلا من استمرار علاقة لا يقيمون فيها شرع الله سبحانه.
ولكن الضرر حينما يكون هناك ظلم واقع على أحد الطرفين وفي الغالب على الطرف الأضعف وهي المرأة والتي ربما تهان أو تشتم أو تضرب كما في سؤال سائلنا الكريم.
ولو يعلم الظالم كم أعطى للمظلوم حين ظلمه لضن عليه بما أعطاه فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله حين صحح لهم معنى المفلس "المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" رواه مسلم.
ولابد أن تعلم أخي أن كل الأمور مقدرة عند الله سبحانه , فلايقع فعل إلا بعلم الله سبحانه وتقديره فينبغي الصبر على هذا البلاء واحتسابه لله سبحانه فالصبر شطر الإيمان , والصابر ينال الأجر مضاعفا يوم القيامة بل سيأخذ الجزاء بغير حساب كما وعد ربنا سبحانه.
وللمظلوم أن يدعو الله سبحانه بما يشاء فليس له ملجأ سوى ربه وليس له ملاذ سوى خالقه ومولاه وله إن رفع كف الضراعة مستنجدا بربه محتميا به معتصما بقوته دعوة لا ترد فيحذر النبي الكريم صلى اله عليه وسلم الجميع من دعوة المظلوم حتى لو كان كافرا كي يتجنب الجميع الظلم فقال ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً إلى اليمن وقال له: "اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" رواه البخاري ومسلم.
ولكن الأفضل لك ولأختك أن تدعو الله سبحانه بإصلاح حالكم ورفعة شأنكم وأن يعوضكم خيرا مما أخذ منكم وأن يرفع درجاتكم في الدنيا والآخرة , ويجب أن تعلم أن الدنيا بكل ما فيها من متع لن يساويها لحظة وقوف بين يدي الجبار سبحانه حين يسأل الظالم عن ظلمه.