أنت هنا

نشطاء: إهانة شيخ الأزهر للمنقبة تعكس منظومة القمع*
23 شوال 1430

أثار موقف شيخ الأزهر من طالبة الإعدادي بأحد المعاهد الأزهرية بالقاهرة بشأن ارتدائها الحجاب حفيظة عدد من الناشطين والمهتمين بقضايا المرأة وحقوق الإنسان، واعتبروه تدخلا في حق الفرد في ارتداء ما يشاء من ملابس دون تعنيف أو جبر. وطالبوا الفتاة بمقاضاة شيخ الأزهر على إجبارها على خلع النقاب وإهانتها.

 

واعتبر خبراء أن هذا الموقف هو حلقة في مسلسل "الاستبداد والقمع" الذي يُمارس ضد المواطن العربي ، والذي يتجلى في أشكال مختلفة طوال الوقت، ويعاني منه فئات المجتمع دون استثناء.

 

أنت حر ما لم تضر

أكد المحامي نجاد البرعي الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان سابقا في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": "أن الناس من حقها أن ترتدي وتلبس ما تشاء سواء نقاب أو غيره وهذا حق أكدته المواثيق العامة لحقوق الإنسان المحلية والدولية مادام هذا لم يضر أحدا".

 

وأضاف أن "ما فعله شيخ الأزهر مخالف للقانون وحقوق الإنسان ومن حق هذه الفتاة أن تقاضيه وتطالب بحقوقها أمام القضاء. وللأسف فإن هذه طباع شيخ الأزهر التي عودنا عليها منذ سنين حيث تصدر منه هذه التصرفات التي لا تليق أبدا برجل يعتلي هذه المكانة الدينية والتي من المفترض أنه هو الناصح والمرشد والموجه خاصة لتلميذة صغيرة، فكان يجب عليه أن يفسح صدره لها ويبتسم في وجهها ويوصيها بالحكمة والموعظة الحسنة، بدلا من أن يهينها ويترك في نفسها عقدة لن تخرج من ذهنها ونفسها إلى الأبد".

 

وأوضح البرعي أنه إذا كانت خرجت بعض الأصوات التي تؤكد أن النقاب يهدد الأمن، خاصة أنني لا أعلم من تحت النقاب، فإن مواجهة الفكرة يجب أن تكون بالفكرة والحوار أولا، وليست مواجهة الفكرة بالقمع والشتائم والإهانة وانتهاك حقوق الإنسان.

 

القصة.. اكتملت

أكدت د.فيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان بباريس في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" عبر الهاتف "أن هذا الحدث هو امتداد للمنظومة الإرهابية الرسمية التي تمتلك زمام الأمور في وطننا العربي والتي لم تعد تتحمل حتى وجود شعبها معها على الأرض".

 

وأشارت إلى أن هذه التصرفات إذا صدرت من مسلم ويسمع عنها غير المسلمين فإنها تسبب لهم استياء من المسلمين، ناهيك عن الإساءة للإسلام نفسه الذي يحس على الرحمة، فما بالنا إذا صدرت من رجل مثل شيخ الأزهر؟!

 

واستطردت داغر قائلة: إن المرأة ليست هي وحدها في العالم العربي التي تعاني؛ فإنها منظومة من الاستبداد والقمع يتعرض لها المجتمع المصري خاصة، والمجتمع العربي عامة.

 

وتشير داغر إلى أن الملبس هو على رأس الحقوق والحريات التي أشارت إليها المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وعلى المرأة المصرية خاصة والعربية عامة أن تكون مثلا لمقاومة الظلم وألا يتنازلن عن حقوقهن بالمظاهرات السلمية أو الدعاوى القضائية للحصول على حقوقهن، وإلا فستزداد الانتهاكات يوما بعد يوم، حتى يأتي اليوم الذي لن تجد المرأة لها أي حقوق وستعود إلى عصور الجاهلية.

 

وتساءلت داليا عمارة الحقوقية ومدير مركز الأرض لحقوق الإنسان بمصر: ماذا يبقى بعد أن تنهار منظومة القيم والحقوق على يد شيخ الأزهر؟! فإن ما صدر من شيخ الأزهر إهانة ومهانة وإهدار لأبسط قيم وحقوق الإنسان والأخلاق الأساسية، ويجب ألا يكون الخلاف في وجهات النظر بهذه الأسلوب الفظ والاستبدادي والقمعي والذي غمرت سيوله أوطاننا العربية والتي كانت أكبر ضحاياه المرأة المصرية.

 

إفراز استبداد

وأكد صبحي صالح المحامي وعضو مجلس الشعب المصري عن كتلة الإخوان المسلمين أن مثل هذه الحالة هي إفراز لحالة الاستبداد والقمع التي يمارسها كل من يعتلي سدة المسئولية في بلدنا حتى المؤسسة الإسلامية الرسمية التي كان لها تاريخ ناصع في مقاومة الظلم والاستبداد ومقاومة المستعمر والمحتل، هي نفسها المؤسسة اليوم التي تلتقي بمسئولين صهاينة محتلين وقاتلين لإخواننا في فلسطين، وهم المرافقون للمسئولين السياسيين في كل تصرفاتهم، ولا نسمع لهم صوتا في قضايا الأسعار ولا قتل الناس في الأقسام وعلى الطرق وفي البحار ولا الانتهاكات اليومية والفساد الذي حل على كل شبر على أرض مصر.

 

وأضاف: قيادات المؤسسة الدينية المرافقة للمنظومة السياسية تسب وتقذف تلميذة وتحقرها وتهينها، لتنضم هذه التلميذة إلى الصف الطويل الذي يبلغ عشرات الملايين الذين تنتهك حقوقهم ليل نهار، وللأسف فإن أكثر الناس الضائعة حقوقهم في ظل هذه المنظومة هم كل المخلوقات الضعيفة، بداية من الطفل ومرورا بالمرأة، إلى بقية الضعفاء من أبناء المجتمع الذي أصبح كله ضعيفا بيد منظومة القمع والاستبداد التي تتحكم في أمورنا في مصر والعالم العربي.

 

وعلق الكاتب والسيناريست أسامة أنور عكاشة على موقف شيخ الأزهر بقوله: هذا الأسلوب الفظ الغليظ وضيق الصدر هو أمر مرفوض شرعا وقانونا وأخلاقا.

 

وأشار عكاشة إلى أن الرجل الذي يعتلي مكانة مثل شيخ الأزهر يجب أن يكون ملما بحقوق الناس، وألا في حاجة لمن يذكره بحقوق الناس، وإلا فسيصبح مصدر إساءة ليس لشخصه فقط، ولكن للمسلمين عامة ومؤسسة الأزهر خاصة.

 

وتساءل عكاشة: ماذا إذا أردنا أن نكتب قصة حياة الشيخ طنطاوي اليوم لكي نعرضها في صورة دراما لتسمعها الأجيال؟! فهل نكتب أنه سب تلميذة وقال لها أنا أفهم في الدين أكثر من "اللي خلفوكي"، وأنه قال لها "شكلك وحش آمال لو حلوة شوية"؟! وأضاف: هل هذا يليق بتاريخ رجل يعتلي مكانة شيخ الإسلام وإمام المسلمين؟

 

ويتمنى عكاشة لو يجيبه شيخ الأزهر على هذا التساؤل.. وهل يسمح لنفسه أن تقاضيه هذه التلميذة أمام المحاكم ويحكم عليه بالسب والقذف؟ وهذا حق قانوني لهذه التلميذة لأن الناس أمام القانون سواء، وليس لأحد ميزة على أحد أمام القانون والقضاء.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* محمد أبو العز، صحفي وباحث مهتم بالشأن الاجتماعي، إسلام أون لاين.نت، 9/10/2009م.