النسخة العربية لأردوغان!
29 شوال 1430
زياد آل سليمان

بمواقف شجاعة وواضحة يثبت رجب طيب أردوغان أن هنالك مساحة للتأثير على الأعداء، وأن هنالك مساحة لنصرة المسلمين وقضاياهم، إنه يحمل بصيص الأمل في وسط واقع مظلم يجعل الحليم حيراناً.
عندما تجاوز شمعون بيريز حدوده في مؤتمر دافوس عرف أردوغان كيف يؤدبه، ويذكره من هو؟ ومع من يتكلم؟ وكيف ينبغي له أن يتكلم؟ وما هي قيمة دماء الأبرياء؟ واستطاع أن يزيل القناع عن وجه قاتل أثيم، وأن يجعل القاعة تصفق للحقيقة ..
شعبياً كانت الجماهير بانتظاره في مطار إسطنبول لتعبر عن شكرها له ووقوفها وتأييدها له، بل حتى الشارع العربي حمل العلم التركي مع صورة أردوغان وخرج بعفوية ليعبر عن مشاعره، وأما التاريخ فهو من سيحمل هذا الموقف للأجيال القادمة، وما عند الله خير وأبقى لأردوغان بإذن الله.

 

هذه المواقف الأردوغانية لا تزال تتوالى ولسان حاله لإخوانه العرب أنكم قادرون على الحراك، وقادرون على التأثير، وقادرون على لعب دور أكبر، يحاصر الصهاينة مسرى رسولنا عليه الصلاة والسلام فتخرج الجماهير التركية لتحاصر القنصلية الصهيونية في إسطنبول فالأتراك على دين ملوكهم!
وأما وزير الخارجية التركي أحمد أوغلو فقد أكد في مؤتمر صحفي أن بلاده أرسلت رسائل تحذير إلى الأطراف المعنية حول الحصار الصهيوني المفروض على المسجد الأقصى، ودعا الكيان الصهيوني إلى احترام المسجد الأقصى؛ نظرًا لمكانته في نفوس المسلمين والمسيحيين.
توقف سلطة رام الله مناقشة تقرير غولدستون فيعلن رجب طيب أردوغان أن بلاده ستعمل في مجلس الأمن الدولي لكي تتم مناقشة تقرير القاضي غولدستون، الذي أكد ارتكاب جيش الاحتلال جرائم حرب خلال عدوانه على غزة نهاية العام الماضي من أجل معاقبة المذنبين.

 

وها هي تركيا تلغي مناورات جوية كان من المقرر أن يشارك فيها الكيان الصهيوني بالإضافة إلى طائرات أمريكية وإيطالية و"أواكس" تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكان الشارع التركي قد طالب رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان بعدم السماح لطائرات الجيش الصهيوني التي تقصف بيوت الفلسطينيين بأن تشارك في المناورات الجوية التي تجرى في تركيا، ما أجمل التقاء الإرادتين إرادة الشعب والدولة..

 

وكان وزير الخارجية التركي ربط قرار إلغاء دولته، مشاركة "إسرائيل" في المناورة العسكرية بالوضع الجاري في قطاع غزة، بل تكشف لنا صحيفة "إسرائيل اليوم" أن تركيا أرسلت رسالة إلى الصهاينة طالبت من خلالها بأن تتصرف الحكومة "الإسرائيلية" بحكمة وأن تُوقِف موجة التصريحات الهجومية، بسبب قرار تركيا إلغاء مشاركة "إسرائيل" في المناورات العسكرية، والنتيجة هي أن أمر رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو بعدم الرد أو مواصلة تلك الردود، من أجل إنهاء الأزمة بشكل تام.

 

المواقف الأردوغانية تصرخ في أذن كل حر لكي يفيق من غفلته عما يجري للفلسطينيين في غزة والضفة، ولما يجري لمسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، لقد بلغت وقاحة وجرأة اليهود أن دعوا إلى تفكيك حجارة المسجد الأقصى وقبة الصخرة ونقلها إلى مكة المكرمة، أردوغان يعلن عن شراكة إستراتيجية مع سوريا، الصهاينة ينطلقون بجولة مكوكية إلى الجمهوريات الروسية لعقد تحالفات جديدة وترسيخها، أما البروفسور أميكام لحماني الخبير في العلاقات الدولية ورئيس قسم علوم الدولة في جامعة بار إيلان العبرية فقال: "إن للأزمة الحالية مع تركيا تأثيرا استراتيجيا وسياسيا, وتعد ضربة للعمود الفقري في علاقتنا مع تركيا و هي ضربة قاصمة لأهم شيء ممكن أن نستفيد منه وهو التعاون بين سلاح الجو الإسرائيلي و سلاح الجو التركي " محذراً في الوقت نفسه من استفزاز الأتراك!
فماذا سيستفز العرب أكثر من دماء الأبرياء ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم! ومن لنا بنسخة أردوغان العربية! ولا زال الأمل قائماً رغم كل الآلام والجراح، ورغم كل المؤامرات والمكائد، قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.