9 ذو القعدة 1430

السؤال

الناس في هذا الزمن انفتحت عليهم أبواب كبيرة أصبح يلجها الصغير والكبير، الرجل والمرأة, وهي أمور كثيرة والسؤال هنا هو: إحدى قريباتي أصبحت كل يوم تطلب من أمها أمراً جديداً مثل الجوال والإيميل وهي في بداية سن المراهقة وتقول أمها: إنها ترى قريناتها قد أصبح لديهن جوال وإيميل وغير ذلك من مستجدات العصر.. فلا تدري كيف يكون موقفها من تلك الأمور من ناحية المنع والإجابة!!
وجزاكم الله خيراً

أجاب عنها:
د. سلوى البهكلي

الجواب

بالنسبة لسؤالك عن الموقف الذي نتخذه بشأن الجوال والايميل وهل نسمح للفتاة المراهقة باستخدامه، فهذا الموضوع يعتبر من الموضوعات الشائكة التي لا يمكن أن نتخذ فيه موقفا أو قرارا موحدا في جميع الحالات فكل حالة يجب التعامل معها بشكل مختلف، حيث يؤخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بالفتاة وأهلها، ودرجة وعي الفتاة، وقدرتها على اتخاذ القرارات، وتربيتها، وحاجتها للجوال وغير ذلك من الأمور
فعلى الرغم من فوائد الجوال العظيمة، إلا أنه سلاح ذو حدين، وآثاره السلبية وخطورته لا تقل عن فوائده، خاصة عندما يتاح للجميع بلا ضوابط أو قواعد.
ومهما كان القرار يجب علينا أن نضع نصب أعيننا أن آلاف الأبواب الحرجة قد تفتحت بالفعل أمام أبناءنا وأصبح في متناول الجميع الولوج فيها أينما كانوا ووقتما شاءوا دون رقابة
ومهما حاولنا أن نمنع أبناءنا عن طرق هذه الأبواب، لا بد أن يأتي اليوم الذي سيدخلونه فيه سواء بعلمنا أو دون علمنا. وستكون عندئذ الطامة الكبرى إذا لم يكونوا مهيئين لذلك أو لم تكن بيننا وبينهم الثقة المتبادلة التي تجعلهم يصرحون لنا عما في دواخلهم ويستشيروننا فيما يفعلون.
لذا يجب علينا أن ننمي الرقابة الذاتية داخلهم ونحسن تربيتهم ونستمر في توجيههم ليعرفوا ويميزوا بين الخطأ والصواب، ويراقبوا أنفسهم في كل زمان ومكان. فتطور وتغيرات الحياة والطفرة التقنية والالكترونية الحديثة المستعرة، ساعدت الكثير من الأبناء على الحصول على الكثير من المعلومات الحرجة التي قد يحجبها الآباء عنهم، فأصبح من الصعب فلترة كل المعلومات التي اكتسبوها أو التخلص منها أو من المؤثرات الخارجية
لذا على كل والدة تطلب منها ابنتها الجوال أو الايميل أو غيرهما من التقنيات الحديثة التي يمكن أن يساء استخدامها أن تتحاور وتتناقش معها في الموضوع بهدوء وبأريحية، وبسعة صدر.
عليها أن تستمع إلى طلبات ابنتها باهتمام، لتعرف ما هي وجهة نظرها وما هي الأسباب التي جعلتها تطلب الجوال أو الايميل.
عليها أن تقيم كل ما تطلب لتقرر هل ابنتها فعلا بحاجة إلى الجوال أو الايميل أم لا! وعليها أن تميز هي وابنتها أن هناك فرقاً بين "ما الذي تحتاجه!" و"ما الذي تريده!".
على الأم أن تحذر من رفض الموضوع قبل أن تستمع لجميع معطياته، فعندما ترفض والدتها طلبها بسرعة دون أن تترك لها الفرصة لتعبر لها عما تريد وعن وجهة نظرها، ستتسبب في مشكلة قد لا تظهر على السطح في الوقت الحالي، ولكن ستظهر ولو بعد حين
إذا قررت الأم أن تسمح لابنتها باستخدام الجوال أو الإيميل يجب أن تضع لها حدوداً معينة وتتابعها لتتأكد من تطبيقها لهذه الحدود باستمرار.
يمكنها أن تسمح لها في البداية باستخدام الجوال أو الايميل بالحدود التي تضعها هي، على أن تخبرها أن ذلك سيكون فترة اختبار لها ستقرر بعدها إن كانت ستستمر أم لا.
عليها أن تعزز الثقة بينها وبين ابنتها، مع محاولة توجيهها إلى الطريق السليم وإلى السلوك الجيد وتنمية معلوماتها بالشكل الذي تراه يتناسب مع عمرها.
يمكنها أن تسمح لها باستخدام جوالها، وبذلك يكون عليها رقابة غير مباشرة.
ويمكنها أن تنشئ معها ايميل وتشاركها فيه ويكون معها كلمة المرور الخاصة بحسابها. ويفضل أن تشاركها في علاقاتها وصداقاتها بين الحين والحين، لتتعرف على من تخالط وتعرف كيف وبماذا يفكرون، شرط أن لا تكون ثقيلة الظل عليهم أو تشعرهم بأنها تراقبهم.
عليها أن تخصص وقتاً لابنتها، وتتخذها ابنتها صديقة لها، وأن تكون جاهزة دائماً للإجابة على تساؤلاتها.
الثقة مهمة بين الأم وابنتها، عليها أن تثبت لها أنها تثق بها وبعقلها، وأنها متأكدة بأنها لن تسيء استخدام هذه الثقة، ولكن عليها أن تكون يقظة وتراقبها دون أن تشعر، وتتذكر أن معظم المشاكل تنشأ عند غياب الرقابة الأسرية، وغياب دور الإرشاد والتوجيه.
عليها أن تستخير الله قبل كل شيء وتستشير والد الفتاة ومن تثق برأيهم من أقربائها المقربين الذين على دراية وعلم بشخصية الفتاة وسلوكياتها والبيئة المحيطة حولها وتناقش الأمر معهم قبل أن تتخذ القرار.