يوميات الحاج (2)

أركان الحج، وواجباته، وسننه:

أركان الحج- عند أكثر أهل العلم- أربعة: الإحرام، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة.

وواجباته: الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الغروب، والمبيت بمزدلفة إلى منتصف الليل، والمبيت بمنى، ورمي الجمار، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع.

وسننه ما سوى ذلك من شعائره، مثل: الاغتسال، وطواف القدوم، والاضطباع، والرَمَل في الطواف، واستلام الركنين، وتقبيل الحجر الأسود... إلى غير ذلك(1).

 

مواقيت الإحرام:

أما المواقيت المكانية- وهي لأهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها-، فهي:
1- ذو الحليفة (أبيار علي): ميقات أهل المدينة.
2- الجحفة: ميقات أهل الشام.
3- يلملم (السعدية): ميقات أهل اليمن.
4- قرن المنازل (السيل الكبير): ميقات أهل نجد.
5- ذات عرق: ميقات أهل العراق.

 

محظورات الإحرام:

ويَحْرُم على المُحْرِم عدة محظورات، هي: مس الطيب، حلق الشعر، الصيد، تقليم الأظافر، النكاح، الجماع ومقدماته، وهذه المحظورات مشتركة بين الرجل والمرأة.
ويختص بالرجل ما يأتي: تغطية الرأس، لبس المخيط.
كما يختص بالمرأة ما يلي: الانتقاب (تغطية وجهها)، ولبس القفازين.
ويشترك المحرم والحلال في: قطع شجر الحرم أو نباته الرطب غير المؤذي، التقاط لقطة الحرم.

 

أحكام الفدية:

إذا ارتكب المحرم محظورا مما سبق عامدا مختارا- ولو لضرورة-؛ وجبت عليه الفدية، وتفصيل أحكام الفدية كما يأتي(2):
أولا/ بالنسبة للمحظورات التالية:
حلق الشعر، مس الطيب، تقليم الأظافر، تغطية الرأس، لبس المخيط، الإمناء بنظرة، المباشرة بغير إنزال، الانتقاب، لبس القفازين.
فالفدية فيها على التخيير بين ثلاثة أصناف هي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، [البقرة:196]، ولقوله صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة حين آذاه هوام رأسه: "احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك شاة"(3).

 

ثانيا/ أما بالنسبة لقتل الصيد؛ فالفدية فيه أيضا على التخيير بين الخصال التالية:
1-     ذبح مثل الصيد من النعم.
2-     أو تقويم المثل بمحل التلف، ويشترى بقيمته طعاما- يجزئ في زكاة الفطر-؛ فيطعم كل مسكين مدا من البر، أو نصف صاع من غيره.
3-     أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوما.

 

ثالثا/ أما بالنسبة للجماع، والإنزال بمباشرة أو استمناء، أو تقبيل، أو لمس بشهوة، أو تكرار نظر بشهوة؛ فوقوع ذلك لا يخلو من إحدى الحالتين التاليتين:
أ‌-    أن يكون قبل التحلل الأول: فإنه يفسد الحج- ولو وقع عن جهل أو سهو أو إكراه-؛ ويجب في ذلك بدنة، وقضاء الحج.
ب‌-    أن يكون بعد التحلل الأول: فإنه لا يفسد الحج، ويجب في ذلك شاة.

 

رابعا/ أما بالنسبة لعقد النكاح: فلا تجب الفدية فيه، وإنما يكون العقد فاسدا.

 

خامسا/ وبالنسبة لقطع شجر الحرم، ونباته- الذي لم يزرعه آدمي-؛ فالشجرة الصغيرة تضمن بشاة، وما فوقها ببقرة، ويضمن النبات والورق بقيمته؛ لأنه متقوم، هذا إذا كان مرتكب المحظور متعمدا، أما الجاهل والناسي فلا شيء عليهما(4).

 

زيارة المسجد النبوي بالمدينة المنورة:

يستحب للمسلم زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه(5)؛ لما في ذلك من الفضل العظيم والثواب الجزيل، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"(6). وليتحر الصلاة في الروضة والمكث فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"(7).

 

ثم يزور قبر رسول الله وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقول عند ما يحاذي قبر الرسول صلى الله عليه وسلم: "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته"؛ لما في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله روحي حتى أرد عليه السلام"(8)، ويسلم على أبي بكر وعمر، ويدعو لهما ثم ينصرف(9).

 

ومن الزيارات المشروعة في المدينة المنورة: زيارة مسجد قباء والصلاة فيه، فقد جاء عن سهل بن حنيف أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة"(10).

 

ومنها أيضا زيارة مقبرة البقيع- وفيها عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين- وزيارة شهداء أحد؛ للدعاء لمن دفن فيهما من الصحابة وسلف الأمة الصالحين، والاعتبار بحالهم وتذكر الآخرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة"(11).

 

وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم دعاء زيارة القبور، ومنه: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، إنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية"(12).

 

___________________

(1)    انظر: الشرح الكبير، لشمس الدين ابن قدامة (3/505)، ط/ دار الكتاب العربي- بيروت.
(2)    راجع: كتاب الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، إعداد: نخبة من العلماء (ص:180-181)، ط/1/1424ﻫ/ مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف- المدينة المنورة.
(3)    أخرجه البخاري ومسلم: صحيح البخاري، ح:(1815)، صحيح مسلم، ح:(1201).
(4)    الفقه الميسر، مرجع سابق.   
(5)    وليس للمسجد النبوي ذكر مخصوص، بل يستحب لمن وصل إليه: أن يقدم رجله اليمنى عند الدخول، ويقول الدعاء المشروع عند دخول أي مسجد، وهو: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسوله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، وإذا دخل فليصل ركعتين تحية المسجد، وإن صلاهما في الروضة فهو أفضل، وينبغي للزائر أن يحافظ على أداء الصلوات الخمس فيه، وأن يكثر من الذكر والدعاء.
(6)    أخرجه البخاري ومسلم: صحيح البخاري، ح:(1190)، صحيح مسلم، ح:(1397).
(7)    أخرجه البخاري ومسلم: صحيح البخاري، ح:(1196)، صحيح مسلم، ح:(1391)..
(8)    أخرجه أحمد، وأبو داود: المسند (2/527)، سنن أبي داود، ح:(2041).
(9)    راجع: التحقيق والإيضاح، للشيخ عبد العزيز بن باز– رحمه الله- (ص:88)، وما بعدها.
(10)    أخرجه أحمد، وابن ماجه: المسند (3/487)، سنن ابن ماجه، ح:(1412).
(11)    أخرجه مسلم: صحيح مسلم، ح:(976).
(12)    أخرجه مسلم: صحيح مسلم، ح:(975).