غزة على حافة إبادة بتواطؤ من "المسالمين" العرب!
14 ذو الحجه 1430
ياسمينة صالح

قبل أسبوع، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عرقيات أن الرئيس محمود عباس "توصل" إلى قناعة باستحالة قيام دولة فلسطينية في عهد الحكومة "الإسرائيلية" الحالية بقيادة "بنيامين نتنياهو"! وإن كان هذا "الاكتشاف" المهم والكبير والخطير الذي توصل إليه محمود عباس جاءه بعد استيقاظه من النوم ذات صباح قريب، إلا أنه لم يوضح لنا بشكل يدعو إلى " التفاؤل" عما سيفعله إزاء تلك القناعة، طالما أنه تحول من رئيس "دولة" إلى "محامي" براغماتي للكيان الصهيوني منذ توليه السلطة التي صدق أنها حكما! وإن تبدو هذه السخرية التي ألقاها السيد عريقات دون أن يشعر بالخجل من نفسه بمثابة الدليل القاطع على أن ما يسمى اليوم بمفاوضات سياسية ودبلوماسية مع الكيان الصهيوني ليست أكثر من ذر الرماد في العيون، على اعتبار أن مطالب الفلسطينيين تراجعت من قضية كاملة، إلى مجرد رؤوس أقلام يتفاوض عليها الفلسطينيون ليخسروا أكثرها، بانتظار أن يخسروا السلطة نفسها بقرار "إسرائيلي" رسمي! محمود عباس لا يظن أن الدولة الفلسطينية ستقوم في عهد حكومة نتنياهو، ربما يظن أنه ستقوم في ظل حكومة صهيونية سوف تبدأ ممارستها بإبادة الفلسطينيين من باب تجريب الأسلحة الجديدة التي تحتاج إلى فئران لتجربها عليهم! محمود عباس أصبح أذكى رئيس سلطة في العالم!!

مشروع "سلَـطة" (بفتح السين واللام)

عندما أعلن محمود عباس عن عدم رغبته في الترشح لعهدة رئاسية جديدة كان ـ على الرغم من إنكاره ذلك ـ يسعى إلى المساومة، فقد ردت عليه صحيفة "معاريف" في اليوم التالي لتقول أنه لن يفعلها لأنه لن يترك الكرسي لحركة حماس التي رغم كل ما أحيك ضدها تظل الحركة القومية والتحررية النضالية الوحيدة في زمن أشباه الرجال ورجال الأحضان. كان محمود عباس يساوم شعبه أكثر مما حاول مساومة عدو ينظر إليه " بالناقص" وليس بالزائد، مثلما أراد مساومة الإدارة الأمريكية التي تعرف ألا حل للقضية الفلسطينية سواء جدد محمود عباس عهدته أو انتحر شنقا، على اعتبار أن الوضعية التي توجد فيها القضية في الوقت الراهن تدعو إلى القول ألا طريق للحل سوى عبر إجبار "إسرائيل" إلى التفاوض، وليس إجبار الفلسطينيين إلى طاولة " التنازل" التي مشي أبو مازن فيها إلى درجة أنه في الوقت الراهن لم نعد نعرف هل يتفاوض على حق الأرض والعودة إلى الأرض في سياق دولة فلسطينية مستقلة، أم يتفاوض لأجل حصر كل القضية الفلسطينية بتضحياتها وشهدائها في مجرد قضية "مستوطنات" بإمكان إجبار "إسرائيل" على توقيفها بالمقاومة أيضا، ألم تنجح المقاومة الفلسطينية في السبعينات والثمانينات في جعل "إسرائيل" تفكر ألف مرة قبل الحديث عن توسيع المستوطنات؟ هذا لأن المقاومة جعلتها تبحث عن الحلول السريعة لأجل أن تحتمي بما سوف يتنازل عنه الفلسطينيون فيما بعد بكل أسف، وإن تنازل محمود عباس عن حق العودة، فهو يتنازل يوميا عن حقوق كثيرة وسوف يتنازل قريبا عن فلسطين وفق حدود 67! ضاعت القضية تحت أقدام التفاوض غير المجدي تارة بين السلطة الفلسطينية وبين الكيان الصهيوني الراغب في كسب الوقت لتمديد المستوطنات أطول مما هي عليه، وتارة أخرى بين السلطة الفلسطينية وبين حركة حماس التي تحاول الأطراف العربية الجبانة والخايبة أن تجرها إلى طأطأة الرأس والقبول بالتنازلات لأجل المصلحة العامة التي لن تكون أكثر من دويلة خرابة يعيش فيها الغربان! لقد قال محمود عباس للعالم "لن تكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم" وهي العبارة التي بكل أسف لا تنطبق على قضية في الأول والأخير ليست قضية مستوطنات كما يحاول أبو مازن إقناعنا به، بل هي قضية القدس التي ليست مجرد عاصمة عربية فقط، بل هي عاصمة كل المسلمين، وأعظم بقعة يتوجب على المسلمين الدفاع عنها من باب حفظ كرامة الوجه على الأقل، بعد أن أصبح المسجد الأقصى قاب قوسين أو أدنى من الانهيار أمام أعين المتباكين على كراسيهم، والحالمين بالتوريث لا أكثر ولا أقل!

غزة على حافة المحرقة!

نشرت صحف بريطانية وفرنسية تقارير عن استعدادات "إسرائيلية" لضرب غزة، وإن اعتبر موقع "كونفيدونسيال" الفرنسي أن الضربة هذه المرة لن تكون " تأديبية" بقدر ما سوف يحاول الكيان الصهيوني جعلها تدميرية إلى أبعد حد، لأجل "سرقة" القطاع  وتسليمه "خاليا من المجاهدين" إلى محمود عباس لتحقيق مقولة "رئيس بالوصاية"، على اعتبار أنه أكد للجميع بما لا يدعو للشك بأنه "موظف" لدى الحكومة "الإسرائيلية" يشتغل وفق رزنامة عسكرية وسياسية دقيقة جدا وقد يتنحى عن الحكم بعد تحقيق الجزء الأكبر من عملية الدمار الشاملة في قطاع غزة! ما يبدو جليا أن التحركات "الإسرائيلية" باتجاه القاهرة، واستدعاء احتياطي الجيش "الإسرائيلي" منذ يومين، شبيه بالحرف الواحد بما جرى لغزة نهاية السنة الماضية، لكن العديد من الملاحظين يرون أن العنف هذه المرة لن يأخذ طابعا "وقائيا" كما يمكن أن تسميه "إسرائيل"، بل سوف يأخذ طابعا قمعيا إجراميا مطلقا، بحيث يسعى الكيان الطاغي إلى تصفية حركة حماس من أهم رجالاتها النشطين داخل قطاع غزة، وإبادة تامة للحركة والفصائل الجهادية النشطة في القطاع ، وهو ما يصفه موقع "كونفدونسيال" باحتمال ارتكاب مجزرة حقيقية أخرى ضد المدنيين الذين سوف تصطادهم "إسرائيل" لأجل أن ترهب بقية المواطنين وترهب من خلالهم دول الجوار المنشغلة بالحياة الدنيا الفانية وبإستراتيجية الدفاع عن القومية العربية بخصر الراقصات! يا أمة تقودها قنوات الطبلة والمزمار!!