أسامة حمدان: "إسرائيل" لا تريد عقد الصفقة..أبو مازن يكذب ويصدق نفسه..نحب أن نرى مصر في موقع الداعم..سنرد على استهداف الأقصى
18 محرم 1431
إيمان يس

بعد عام على معركة الفرقان ماذا كسبت حماس من هذه الحرب وماذا خسرت؟ وهل كان بإمكانها أن تتجنب هذه الضربة؟ وماذا عن صفقة التبادل والحوار الفلسطيني؟ وهل سيقضي الجدار الفولاذي على الدور المصري في القضية الفلسطينية؟ وما مصير المشردين من أبناء غزة الذين لا يجدون مأوى حتى الآن؟ هذه الأسئلة وتساؤلات أخرى كثيرة يجيبنا عليها أسامة حمدان ممثل حركة حماس بلبنان في حوار خاص لموقع المسلم فإلى نص الحوار

 

*اغتيال 3 مقاومين في الضفة بعد يومين من تفجيرات لبنان التي استهدفت أحد قادة حماس هناك، هل نحن بصدد مرحلة جديدة من حلقات الصراع مع الكيان الصهيوني،لاستبدال الاعتقالات بالاغتيالات؟
**أعتقد أن الصراع مع الاحتلال لم ينقطع ولم يتوقف فهو مستمر بغض النظر عن تطورات أو تداعيات ما يتعلق بالاغتيالات التي تجري فى الضفة ومن الواضح أنها تجري فى سياق ممنهج هدفه الأساسي النيل من المقاومة الفلسطينية واستكمال مالم تنجح الأجهزة الأمنية التابعة لدايتون في القيام به،فمن يتحمل المسئولية السياسية على اغتيال الشهداء الثلاثة من حركة فتح فى الضفة الغربية هو تحديدا الأجهزة الأمنية المرتبطة بالسلطة والمرتبطة علنياً بالنظام ذاته، الآن كيف يمكن قراءة هذا فاعتقد أن الصراع مع الاحتلال لن ينتهى وأتوقع كل شكل من أشكال الاعتداء والعدوان من الاحتلال،والمسألة الثانية: أن الشعب الفلسطينى في نهاية المطاف هو شعب مقاوم وفي سياق التضحيات هناك إصابات وعلينا ألا نصاب بالإحباط والانتكاسة إذا ما وقع شيء من هذه التضحية .

 

*هل ترى أن هذه السياسة هي استبدال للاعتقالات لتصبح الاغتيالات هي البديل الأمثل للعدوان الصهيونى؟
**سياسة التصفية في الميدان درج عليها الاحتلال، فهذا ليس جديداً عليه فقد تكرر في عدة مناسبات أكثر من مرة وجرى قتل عدد من الشهداء فى لحظات فهي لا تعتبر سياسة جديدة على الاحتلال ولكنها استعادة لسياسة كانت قائمة، اليوم ربما أن هذه السياسة يعاد تفعيلها وتحتاج إلى قراءة دقيقة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية.

 

*هل ترى أن هذا رد من الصهاينة على فشلهم في استعادة شاليط لمدة 4 أعوام، أو هو محاولة جديدة للضغط عليكم؟
**أعتقد أن الصهاينة أدركوا أن شاليط سيظل قيد الأسر حتى يغادرالأسرى الفلسطينيون سجونهم،وهذه المسألة هامة وعلى الاحتلال أن يزداد بها يقيناً وأنا أظن أن الاحتلال فهمها وعلى أي حال فإن الصهيوني يتصرف بطريقة منهجية أكثر من طريقة رد الفعل،وأعتقد أن ما يفعله الصهاينة الآن هو محاولة لضرب المقاومة أكثر من مجرد رد فعل يتعلق بفشله فى استعادة شاليط واعتقد أن فشله فى استعادته له أثره الأساسي على الحكومة وعلى واقع السياسة الفكرية للكيان الصهيونى .

 

*هل هي محاولة لتوسيع دائرة الصراع أوإحراجكم مع دول الجوار؟
**حتى لو كانت هذه المحاولة من قبل الاحتلال اعتقد أن حركة حماس لا يمكن أن تتورط فى مثل هذه القضايا فهى حركة مرجعيتها اتخاذ القرار بشكل غير عفوي أو بشكل قائم على ردود الأفعال بقدر ما تتخذه بناء على تقدير مصالح الشعب الفلسطينى وبشكل يخدم القضية الفلسطينية بشكل عام.

 

*هذا يدفعنا للسؤال عن المعوقات التي تحول دون إتمام صفقة التبادل حتى الآن؟
**بشكل أساسي الموقف الصهيوني هو العائق الآن فنحن لنا موقف ثابت في موضوع التبادل،وعبّرنا عنه وقلنا أن هناك أسرى فلسطينيين بمواصفات معينة لابد أن يغادروا السجون وطرحنا هذا مع كل الوسطاء تباعاً مع الوسيط المصرى ومع الوسيط الألماني، لا يوجد بند بعينه يمكننا القول بأنه مسؤول عن إعاقة الحوار، فهناك جملة من القضايا والصهيونى دائم اصطناع المشاكل، ومن الواضح أن الصهاينة غير مستعدين لإتمام هذا التبادل ويماطلون لكسب الوقت أو دفعنا لليأس ولكن هذا الأمر لن يجدي نفعاً وموقف الحركة في هذا الوضع واضح وثابت والتجربة خير دليل .

 

*ما هو ردكم على خطاب رئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس أمس بأن حماس طلبت منه التمديد عشر سنوات للمجلس التشريعى؟
**ربما هناك مسألة يؤسفنى القول أن أبو مازن يكذب ويصدق الكذبة التى يقولها ويظن أنها حقيقة، أصلاً لم يجر أي بحث بين حركة حماس وبين أبو مازن حول المجلس التشريعي ومدته لأن الانقسام الفلسطينى حدث دون بحث لهذه المسألة وخلال الانقسام لا يمكن طرح هذا الموضوع، وبالتالي أبو مازن علاوة على أنه يكذب فإنه يقلل من قدر الشعب الفلسطينى ويظن أن الشعب الفلسطينى سيصدق كذبته، والنقطة الثانية اعتقد أن هذه الطريقة فى التعاطى مع الأمور تؤكد أن أبو مازن ربما لازال بعيدا كل البعد عن الاتجاه بالمصالحة الفلسطينية،وهذا فى حد ذاته يشعرنا بأن الضغوط الأمريكية والصهيونية التى عرقلت المصالحة لاتزال تترك تأثيرها على أبو مازن ولازالت أذنه تصغي لهذه الضغوط ويعتبرها قاعدة أساسية فى حساباته،على كل الأحوال ستكشف الأيام القادمة إلى أي مدى هذا الإسفاف يضيع الحقوق ويؤثر سلباً على فلسطين لصالح الاحتلال وستكشف الأيام القادمة إلى أي مدى يمكن الوثوق بالذين فرّطوا في الحقوق الفلسطينية، وكنت اعتقد أن أبو مازن سيكون أكثر عقلانية وموضوعية وأن التجربة التي مرت ربما تجعل أبو مازن أكثر استعداداً للنضج على الأقل ولكن من الواضح أنه لازال يستجيب للمطالب والضغوط الأمريكية والصهيونية أكثر من استجابته للمصالح الوطنية الفلسطينية .

 

* وماذا عن تصريحاته بأنكم تريدون التوقيع على المصالحة خارج القاهرة؟هل هى محاولة لإحراجكم مع القاهرة؟
**حتى لو حاول إحراجنا لن يستطيع فخطوط الاتصال مع مصر قائمة، والوضع الفلسطيني يتوقع أن يكشف هذا الكذب، ولن يستطيع أبو مازن أن يواصل طويلاً فى هذا الاتجاه وفى تقديرى أنه يفضح نفسه ويضعها فى دائرة تجعله ليس أهلاً لتحمل أي مسئولية على الصعيد الوطني الفلسطينى وربما خطاباته الأخيرة تزيد من قناعة العديد من الأطراف بشأن هذا الأمر .

 

*بعد عام على الحرب في رأيكم ما هي مكاسب وخسائر هذه الحرب وهل كان بإمكان حماس تجنبها لو توقفت عن قصف المغتصبات مثلا؟
**أعتقد أن قراءة موضوعية بعد عام على الحرب أن هذه الحرب كانت قراراً صهيونيا ولم يكن لها علاقة بقصف المغتصبات، بل على العكس قصف المغتصبات أكد أن المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تخضع للشروط والمطالب الصهيونية، وأعتقد أن تصريحات قادة الكيان الصهيونى لاسيما وزير الحرب مؤخراً والتى تحدث فيها عن حرب ستشن قريباً ضد حماس فى غزة أو ضد المقاومة فى لبنان تؤكد بوضوح أن هذا العدو لا يبيت النوايا فقط بل يعد العدة لعدوان جديد وحرب جديدة فى المنطقة وأن المسألة لا تتعلق بإرادتنا نحن فقط بل تتعلق بقرار يجعله يعتدى علينا وعلى المنطقة، لذلك فالحديث عن تجنب الحرب يمكن أن تكون ذات بعد منطقى أما في حال الاحتلال لا أحد يتكلم عن بعد منطقى، أما بالنسبة لما كسبته الحركة بعد الحرب: أعتقد أن حماس الآن تستطيع أن تؤكد أن خيار المقاومة هو الخيار الاستراتيجي والذى يمكن الاعتماد عليه،وأن المقاومة كانت مستعدة بقدر ما استطاعت وكانت صامدة ومستمرة فى مواجهة الاحتلال، كما أنها كسبت الثقة الشعبية الفلسطينية التي رأت في المقاومة خياراً استراتيجياً ورأت فى مصداقية المقاومة فرصة تاريخية ليس فقط للصمود فى وجه الاحتلال وإنما لتحقيق مصالحة فلسطينية،ولذلك فإن المصالحة انطلقت بعد فشل العدو فى غزة وانطلقت لأن الذين راهنوا في لحظة من اللحظات على نجاح العدو فى استئصال المقاومة في غزة أدركوا أن هذا الرهان خاطىء،واعتقد أيضا ً أن حماس كسبت عندما انحازت الأمة لتدعم المقاومة والجهاد الفلسطيني وعاد للقضية حجمها الحقيقى وعادت القضية إلى حضن الأمة، ولا شك أن هذا مكسب استراتيجي بعد أن حاول الكثيرون إذهابها بعيداً عن الأمة ورميها فى أحضان الأعداء من بينهم العدو الصهيوني ومن يدعمه،و الشعب الفلسطيني رغم حالة الألم القاسية والدمار والحصار إلا أنه خرج من هذه المعركة أقوى من حيث المطالبة بحقوقه ولكن ما يؤلم الشعب الفلسطينى ويؤلمنا أن بعض ذوي القربى وبعض من نحب أن نراهم فى موقع الداعم لنا لازالوا يخطئون تقدير الموقف سواء بقصد أو بغير قصد يبدو وأنهم يدعمون جهد الاحتلال في حصار المقاومة وفي حصار الشعب الفلسطيني هذا يؤلمنا لأننا نعتقد أن الشعب العربي لابد أن يكون داعماً للمقاومة ولا يكون داعماً للاحتلال سواء بقصد أو بغير قصد .

 

*وماذا عن الانتخابات،ما هو تقييمكم لتجربة حماس مع الانتخابات، وهل أنتم مستعدون لانتخابات قادمة؟
**حركة حماس ملتزمة بالانتخابات، ولكن من الواضح أنه لن يكون هناك أية فرصة لعقد الانتخابات ما لم يكن هناك مصالحة فلسطينية،فقاعدة الانتخابات هي المصالحة والحديث عن انتخابات دون مصالحة فى تقديري تكريث للانقسام ومحاولة لتعزيز الأزمة بدلاً من الحديث عن حلها وآمل أن ننجح في هذا العام فى تجاوز الانقسام والذهاب إلى مصالحة فلسطينية قائمة على أساس مشروع المقاومة لا تؤسس فقط لإجراء انتخابات وإنما تؤسس لإعادة ترتيب كامل للبيت الفلسطيني  ليكون من شأنها إدارة برنامج صراع ومواجهة مع الاحتلال وصولاً إلى تحقيق أهدافنا لتحرير أرضنا واستعادة مقدساتنا بإذن الله تعالى،وعندها ستصبح قضية الانتخابات جزء من عملية إدارة الصراع وعندها اعتقد أن المسار الوطنى الفلسطينى سيكون مساراً مضموناً من حيث مصداقيته بغض النظر عمن سيفوز وسيتولى إدارة القضية الفلسطينية .

 

**ماذا عن إعادة الإعمار، أين هي من جدول أولويات حماس، البعض تحدث عن أموال طائلة تنفق على المهرجانات مثلا في حين مازالت آلاف الاسر تعاني البرد القارص بلا مأوى؟
**دعينى أقول وبكل صراحة أن إعادة الإعمار هي أولوية أولى بالنسبة لحماس وأبناء الشعب الفلسطينى في قطاع غزة يدركون ذلك وحماس لم تألُ جهداً في توفير كل ما يعين الفلسطينيين على إعادة الإعمار، لكن لابد أن أكون صريحاً في وجود مشكلة بشأن إعادة الإعمار لا تتعلق بحركة حماس إنما تتعلق بالحصار المفروض على قطاع غزة والذي يمنع وصول مواد الإعمار التى يحتاجها الشعب الفلسطيني لإتمام هذه العملية وفي الوقت نفسه عدم قدرة الجوار العربى على التجاوب مع متطلبات عملية إعادة الإعمار لأسباب لست بصدد الحديث عنها،إنما أقول أن هذا مؤسف ومؤلم هذه هى الأسباب الحقيقية التى تعرقل عملية الإعمار، واعتقد أنه في القريب العاجل سيرفع باب من أبواب الحصار وسيفتح المجال للشعب الفلسطيني في الانطلاق في عملية الإعمار وسيرى العالم نموذجاً في إعادة الإعمار ربما قل نظيره إن لم يسبقه أي مثيل.

 

*تقرير جولدستون ؛وقد أضيف إليه الآن تقرير سرقة أعضاء الشهداء ما سر تمسككم برفع هذه التقارير في حين أنه تقرير جولدستون تحديدا يدين حماس ربما بشكل أكبر من إدانته للكيان الصهيوني؟
**أولاً نحن نعتقد أن حركة حماس تعاملت مع تقرير جولدستون من منطلق وطني عام يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية وليس من منطلق أناني كما يتعامل الكثيرون مع الكثير من القضايا العامة،فنحن خطأنا محاولة التقرير لإدانة حركة حماس ونعتقد أنه في هذه المسألة كان يحتاج إلى مزيد من الدقة لكن لم يمنعنا الحقيقة أن نرى في تقرير جولد ستون فرصة لإدانة الكيان الصهيوني فى جرائمه التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني  نحن ندير صراعاً مع الاحتلال وأي جانب من جوانب مواجهة الاحتلال وإدانته نجد فيه فرصة لا يمكن التفريط فيها، والآن تقرير سرقة أعضاء الشهداء يكشف أيضاً إلى أي مدى يمكن أن تكشف تجاوزات هذا الاحتلال واعتقد أن هذا يدلل بشكل واضح أن شكلاً من الذكاء في مواجهة الاحتلال سيريحنا من الكثير من القضايا التى أدت إلى تنازلات فيما مضى، وعلى هذا الأساس اعتقد أن القوى الفلسطينية المختلفة مدعوة لإعادة النظر فى الكثير من أساليب التعامل مع الاحتلال لاسيما أسلوب المفاوضات الذي لم يؤدِ سوى إلى الكثير من التنازلات التي أدت إلى التفريط.
المسألة الثانية : هذا التقرير وسواه من التقارير هو دعوة مفتوحة لكثير من القوى على المستوى الدولي والإقليمي كي تعيد النظر في طريقة تعاملها مع القضية ومع الاحتلال كي تكون إلى جانب الشعب الفلسطيني.
والنقطة الأخيرة في هذا الجانب: أعتقد أن الشعب الفلسطيني اليوم يعتقد أن هناك بداية حقيقية على المستوى الدولي لتقرأ بوضوح مدى الظلم والعدوان الواقع على الشعب الفلسطيني وهذه بداية معقولة وإن كان يجب أن نقر أن هذه البداية لن تؤدى إلى النتائج المرجوة ما لم يتبعها جهد ومتابعة حقيقية حتى تصل إلى نتائجها المطلوبة إن شاء الله تعالى.

 

*لكن في رأيكم ما جدوى هذه التقارير في ظل ما تعهدت به بريطانيا من تغيير القانون حتى لا يتكرر مشهد ملاحقة ليفنى؟
**أعتقد أن التعهد بتغيير القانون يدين الحكومة البريطانية ويجعلها شريكاً في الجريمة على الشعب الفلسطينى ولا يثبط عزمنا في ملاحقة ليفنى ويجب أن يكون دافعاً لكل الساعين لتحقيق العدل وإدانة المجرم ودافعاً إيجابياً لهم عندما تصل الأمور إلى هذا النحو،وأيضاً بريطانيا الآن يقع على عاتقها مسئولية تاريخية يجب أن لا ينسى أحد أن بريطانيا هي التي كرست الكيان الصهيونى وسعت لإقامته من خلال وعد بلفور واليوم على بريطانيا ألا تكرر نفس الخطأ من خلال اتجاهها إلى تبرئة مجرمي الحرب الصهاينة ونحن نثق أنه فى بريطانيا من سيرفعون صوتهم عالياً ضد هذه الممارسة ولن يقبلوا أن تقع ليس من باب ارتباطهم بحماس والشعب الفلسطينى ولكن من باب حرصهم على تحقيق العدل وإدراكهم أن ظلم الشعب الفلسطيني لن يكون له عواقب إيجابية على الصعيد الدولي أو على الصعيد الإقليمي وبالتالي لا أظن أن الصهاينة سيجدون فكاكاً سريعاً من هذه المسألة، ونحن ومعنا كثيرون ممن يحبون العدل في هذا العالم سنكون حريصين على ملاحقة مجرمى الحرب الصهاينة بكل ما أوتينا من قوة ليدرك هؤلاء أنه ليس من حقهم ارتكاب الجرائم ثم التفكير في أن بإمكانهم النجاة بهذه الجرائم .

 

*الحديث عن الاجراءات القانونية يدفعنا للسؤال :هل هناك نية لاتخاذ إجراءات قانونية بشأن الجدار الفولاذى؟
**اعتقد أن هذا الجدار يشكل نقطة سوداء فى تاريخ المنطقة وتاريخ العلاقات في هذه المنطقة، ونحن في القضايا بيننا وبين أشقائنا العرب لا نلجأ إلى التصعيد بقدر ما نلجأ إلى الحوار لكي تحل هذه المسائل من خلال تفاهم وآمل أن ننجح كفلسطينيين في الوصول إلى تفاهم يؤدي إلى دعم المقاومة الفلسطينية دون الدخول في متاهات تؤثر على علاقاتنا الثنائية.

 

*لكن هل ترون أن الجدار وسيلة للضغط عليكم للقبول بشروط عباس أم أنه أصبح أمر حتمى وأكبر من كونه تكتيك أو مساومة؟
**الكل يعرف أن الضغط على حركة حماس بهذه الطريقة لن يؤدي إلى نتيجة بكل ما تحمله الحركة من واقعية وفهم للظروف المحيطة لا يمكن أن تخضع لأية ضغوط وقرارها دائماً تحكمه المصلحة الوطنية الفلسطينية وبالتجارب أثبتت ذلك، وبالتالى من يفكر أن مثل هذه الطريقة ستجدي فهو مخطيء

 

*هل فقدت مصر في نظرك الورقة الفلسطينية أم لا يمكن في الحقيقة تجاوزها باعتبار الجوار الجغرافي؟
*نحن في حركة حماس نأمل ونطمح ونحب دائماً أن نرى مصر في موقف الداعم لنا ولقضيتنا ولا نتمنى أن يكون المشهد غير ذلك لأي سبب كان ونتألم عندما يكون المشهد ملتبساً أيضاً، فنحن نأمل أن نستعيد مشهد التضامن بشكل أو بآخر، ولاشك أن دعم الشعب الفلسطينى هو الذي يؤثر على المنطقة، لذلك يجب أن يكون المشهد السياسى على المستوى الإقليمى هو مشهد منحاز للقضية اللسطينية، وأنا أقول وبكل صراحة أن الانحياز إلى القضية الفلسطينية هو الذى يؤسس بدور استراتيجى، فإذا ما أدركنا جميعاً أن الكيان الصهيوني لازال يرى أن الخطر الاستراتيجى لازال يأتى من مصر وأن تدريب قادته العسكريون والسياسيون على المستوى الاستراتيجى يركز على أن مصر ـ ورغم معاهدة كامب ديفيد ـ لاتزال تشكل خطراً وأنه يجب أن ينظر إليها كعدو، نستطيع أن نقول أن ضالة الأمن القومي المصري هي من خلال البوابة الفلسطينية وليس من خلال المصالحة مع الكيان الصهيونى .

 

*فى ظل الرعاية المصرية للحوار ولصفقة التبادل ما هو مصير المعتقلين الفلسطينيين فى السجون المصرية؟
**أعتقد أن هذا الأمر تجرى معالجته بطريقة أخرى، ولسنا بصدد الحديث عن تفاصيل هذا الجانب، وأننا نحب أن نرى مصر فى موقع الداعم لقضيتنا وجهادنا وهذا هو الموقف الذى يليق بمصر وبتاريخها ليس من أجل القضية الفلسطينية فقط ولكن من أجل قضايا الأمة بشكل عام.

 

*البعض يقول أن الحرب على غزة نجحت في تحقيق  أهدافها وإلا فماذا قدمت المقاومة خلال عام؟
**الأكيد أن الحرب على غزة لم تنجح، وليس أدل على ذلك من تصريحات قادة الكيان الصهيوني أن حرباً ضد حماس والمقاومة فى غزة هي حتمية وفى زمن قريب، ولو كانت الحرب قد نجحت كما يقولون لما كان هناك مبرر لشن حرب جديدة والمسألة الأخرى أن المقاومة نجحت في تقديم نموذج واضح جداً لما يمكن أن يكون عليه المسار الوطنى الفلسطينى لتبنيه المقاومة خياراً استراتيجياً في مواجهة الاحتلال وفي الوقت نفسه دعم هذه المقاومة لأداء سياسي يخدم المصالح ولا يقدم تنازلات، وأعتقد أن هذا النموذج لطالما افتقدناه في الساحة الفلسطينية وأظن أن البعض يدرك هذه الحقيقة ولازال يكابر .

 

* البعض يقول أن انشغال حماس بالسلطة قد أضعف من قدرتها على الرد على الاعتداءات ضد المسجد الاقصى؟
**لاشك أن وجود اعتداءات على المسجد الأقصى شيء مؤلم، والسبب في رأيي لا يتعلق بالانشغال بالسلطة، وإنما هو وجود فريق أمنى يخدم الاحتلال ويلاحق المقاومة ويفتخر بذلك ويعتبر أن ذلك من الإنجازات وعندما دنّس الصهاينة المسجد الأقصى عام 2000 كانت ردة الفعل الفلسطينية عارمة في مواجهته لأنه إلى حد ما كان هناك إدراك بعدم تصدي الأجهزة الأمنية التي كانت تتعامل مع الاحتلال وكانت ردة الفعل قوية، أما اليوم مع الأسف هذه الأجهزة تتسابق على خدمة الاحتلال وتتنافس في تقديم الاغتيالات والملاحقات واعتبار ذلك جزءاً من حسن النوايا لهذا الاحتلال وهذا في الحقيقة ما يعرقل قدرة المقاومة على الرد على الاعتداءات الصهيونية ويشكل في حد ذاته إدانة لمن يرتكبون هذه الجريمة دفاعاً عن الاحتلال الذي ينتهك كل المقدسات،على أية حال اعتقد أن المقاومة بشكل عام وحماس بشكل خاص كان لها مواقف واضحة وأكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، واعتقد أننا سنجد ردة فعل حول ما يجرى للمسجد الأقصى بطريقة مرضية وفي توقيت أسرع مما يتوقعون.

 

*ما الذي تتوقعه مستقبلاً في ظل الحديث عن تطبيع خليجي قادم مع الكيان الصهيوني؟
 **اعتقد أنه لم يعد هناك ما يغري في العلاقة مع الكيان الصهيوني والذين يظنون أن هناك مغريات في هذه العلاقة واهمون ولا يحسنون قراءة الواقع ولا التاريخ أيضاً، فالكيان الصهيوني لا يريد نوع من أنواع العلاقة الطبيعية مع المنطقة فهويريد أن يهيمن عليها،وأيسر طريقة يستطيع أن ينفذ من خلالها لن يقصر في ذلك،وموضوع التطبيع هو عمل من أجل الهيمنة وليس عملاً من أجل بناء علاقات طبيعية مع المنطقة، ومن زاوية ثانية فإن الكيان الصهيوني ليس كياناً طبيعياً حتى يسعى البعض إلى إقامة علاقات معه لكنه كيان غاصب محتل هذه طبيعته وإذا نجح فى احتلاله لفلسطين لن تكون النتيجة أن يعيش فى سلام ووئام مع جيرانه بل على العكس ستكون النتيجة عدوان جديد ضد الجيران واحتلال  جديد،  وأذكر فقط للتاريخ أن الكيان الصهيوني ما كان ليجرؤعلى اجتياح لبنان فى عام 82 لولا أنه ضمن أن علاقته مع مصر أصبحت باردة بحكم اتفاق كامب ديفيد ولو كان الأمر غير ذلك لما تجرّأ على ذلك.

 

*قيادات حماس تردد دائماً أنه لا حل سوى الحوار في رأيكم ماهي القواسم المشتركة التي يمكن أن تجمع بين جانبين أحدهما يتبنى المقاومة والآخر يتبنى المفاوضات؟
**الحوار مسألة أساسية واستراتيجية في سياق الوضع الفلسطيني الداخلى لا يمكن الحديث عن فرض موقف بالقوة بل لابد من الوصول إلى بناء المشروع الوطني الفلسطيني،  نعم هناك خلل لدى فريق فلسطيني في تصوره للمشروع الوطني وهذا لا يتأتي من خلال صراع ولكن يتأتي من خلال حوار استراتيجي يقود إلى بناء رؤية استراتيجية تحكم المشروع الوطني الفلسطيني، وهذا ما نسعى لتحقيقه بجدية واعتقد أن كل مجريات الحوار كانت تسير بهذا الاتجاه وعملية تعقيد الحوار هي عملية تنشأ من ضغط خارجي لو نجح الفلسطينيون في بناء مشروع وطني فلسطيني قائم على المقاومة سيكون هذا بالنسبة للصهيوني بداية حقيقية فى العد العكسي وسيبذل الصهيوني كل جهده لتعطيل الحوار الفلسطينى ويؤسفنى أنه يجد آذاناً صاغية لدى البعض.

 

*في رأيكم ما الذي يعرقل الحوار حتى الآن وما هي أهم نقاط الخلاف على الورقة المصرية الأخيرة؟
**الإصرار على الرضوخ للإملاءات الأمريكية والصهيونية وأن الحوار يجب أن ينطلق من الرؤية السياسية التى يقدمها الاحتلال والتى تقتضي بتصفية المقاومة، بخلاف ما نراه نحن من أن الحوار يجب أن ينطلق من منطلق حقيقي وهو الرؤية السياسية التى نراها في كيفية إدارة الصراع مع الاحتلال هذا ما يمكن أن يؤسس لمستقبل فلسطينى حقيقى وجاد، الآن هناك تفاصيل فى هذا الجانب  مهمة لكنها ترتبط به فمثلاً: الأمن ما هي مهمته، وما هي عقيدته؟ وهل الأجهزة الأمنية مسئولة عن حماية الاحتلال أم حماية الشعب الفلسطينى، هل المطلوب منها أن تلاحق المقاومة فيما تفعل الآن أم المطلوب منها أن تحمي ظهر المقاومة، إلى أين يمكن الذهاب باتجاه التعامل مع المقاومة؟
 والواقع السياسى يؤكد أنه لا خيار سوى التفاوض هذه قضايا فى حاجة إلى نقاش ونقاش واع وناضج، ويؤسفني أن أقول إن البعض حتى الآن لا يزال يناقش المسائل بعقلية ما قبل عشرين عاماً، ولا يستطيع أن يقرأ المتغيرات التي تجري من حولنا في الموقف الصهيوني والأمريكي وفي المنطقة، ولا يستطيع أن يقرأ المتغيرات الحقيقية داخل الكيان الصهيوني، حتى التجربة التى خاضها الفلسطينيون مع الاحتلال، بل إن البعض يعتبر محاولة قراءة هذه التجربة مما يغضب الإدارة الأمريكية، وبالتالي فإن علينا ألا نفعل هذا! فهذه الطريقة في التفكير أعتقد أنها عقيمة، ولا تؤسس لمستقبل فلسطيني حقيقي.

 

*فلسطينيو الشتات أين هم من برنامج حماس؟
**الفلسطينيون حيثما تواجدوا لهم مكان فى حركة حماس، وربما تركيز حركة حماس في المرحلة الماضية داخل الأراضي الفلسطينية كان ناشئاً من إهمال لهذا الكم الفلسطينى الهائل وبدوره كان ناشئاً من ضغط المواجهة مع الكيان الصهيوني، أعتقد أن حماس في الفترة الأخيرة أطلقت جملة من البرامج لاستعادة الدور الفلسطينى على المستوى الوطني لصالح القضية الفلسطينية، المرحلة القادمة بإذن الله ستشهد تفعيلاً لأن حرصنا على هذا الدور كان واضحاً، وعندما طالبنا بأن يكون هناك مجلس وطنى فلسطينى منتخب لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينى على قاعدة الشراكة وعلى قاعدة إعادة الدور الفلسطينى بالخارج، وقناعتنا بأن إمكانات شعبنا الفلسطينى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة هي إمكانات كبيرة، وكان لها دور في النضال ضد الاحتلال ولا يمكن الاستمرار في إهمال هذا الجسم الفلسطيني الموجود خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

*قمتم بزيارة آلاف الأسر الفلسطينية الشهر الماضى.. ما هى أهداف الزيارة وماذا كانت نتائجها؟
**هذا جزء من عمل الحركة والهدف الحقيقى من هذا البرنامج أن نلمس على أرض الواقع احتياجات الناس ومعاناتهم ومطالب الشعب الفلسطيني، وألا يكون هناك بعد بين الحركة والشعب وحاجاته، وأعتقد أن البرنامج كانت له نتائجه الطيبة وكان حجم التجاوب الشعبي الفلسطيني معه واضحاً وكبيراً .

 

*تردد في فترة سابقة أن ثمة تطوراً للعلاقة مع الأردن، لماذا توقف الحديث عن تنشيطاً للعلاقات بين حماس والقصر الأردني؟ وهل يمكن أن نسمع عن مكتب لحماس مرة أخرى في عمّان؟
**نحن حريصون على علاقة إيجابية مع كل الأطراف العربية، وربما هذه سياسة مميزة لحركة حماس، ورغم الكثير مما شاب بعض العلاقات في أحيان مختلفة؛ـ ولم يكن هذا بسبب حركة حماس أو لأن حماس اختارت ذلك ـ لازلت آمل أن تكون هناك فرصة حقيقية لتطوير العلاقة ليس فقط مع الأردن بل مع الدول العربية كلها ولاشك أن الأردن له مكانته فى قلوب الفلسطينيين، وهو بأحزابه وعشائره وفصائله محل تقدير من جانبنا.