4 رجب 1431

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة وعندي بنت منذ سنتين، ومشكلتي أن زوجي عندما يخطئ بحقي لا يعترف، وقد عوَّدته أن أقوم أنا بالإرضاء والاعتذار حتى تعوَّد على ذلك.. والآن نحن في خصام، ولا أريد أن أعتذر حتى يعتذر هو، ونحن على هذا الحال منذ أيام طويلة.. فماذا أفعل؟ وهل أنا آثمة؟!

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أختي السائلة الكريمة، أهنئك على هذا العطاء الذي تبذلينه لزوجك، وعليك أن تشعري بالفخر أنك أنت من تقبلين على مصالحة زوجك حتى لو كان هو المخطئ لأسباب كثيرة أهمها:أنك تطيعين الله بطاعة زوجك وإسعاده وإرضائه.
ولكن أنبهك لمسألة هامة لا تعودي زوجك مستقبلا على أشياء ثم بعدها تتذمرين منها، وتشعري بالندم أو التعب من فعلها، عوديه على المشاركة في العطاء، وقدمي له من التضحيات والتنازلات بقدر ما تأخذين منه ما يرضيك أنت كذلك، لا تكوني دائما في موقف الذي يعطي بدون ما يأخذ، لأنك بذلك تعلمين زوجك أن يكون أنانيا، حينها ليس من حقك أن تحاسبينه على بخله في العطاء، لأنك أنت كنت السبب الرئيسي في ذلك ولو ما قصدت إلا خيرا، فحاولي أن تضعي الميزان بالعدل والإنصاف في الأخذ والعطاء، فلا تظلمي نفسك ولا تظلمين زوجك.
أما بالنسبة لمشكلة أنك دائما أنت من تصالحين زوجك متى وقع بينكما خصومة، حتى أنه تعود على ذلك، وأنت الآن ترفضين أن تعتذري له كالسابق حتى يعتذر لك.
لا أرى أن حل المشاكل الزوجية يكون هكذا بالعناد، إنما بالحكمة والتروي ورجاحة العقل، والنظر للعواقب، وأنا أتوسم فيك هذا، فلا تجعلي نفسك ندا لزوجك، فتبدئي تقارني بينك وبينه وتقولي مع نفسك كما أصالحه أنا عليه أن يصالحني كذلك، ثم لماذا أنا من علي أن أصالحه، فلأدعه حتى يصالحني هو.
أنتما زوجان بينكما رحمة ومودة، فلا مشكلة لو أنت تنازلت هذه المرة وصالحته كما تعودت على ذلك، قولي لنفسك لن أخسر شيئا لو كنت أنا السباقة للخير والإحسان لزوجي، فأنت بهذا الفعل ترضين الله وتتقربين إلى الله، فأنت تزرعينا نباتا طيبا، ولا بد أن ينمو ويثمر ويخضر، ولكن عليك أن تجلسي مع زوجك وتحاولي أن تعرفي منه لماذا لا يحاول أن يصالحك إذا ما أخطأ في حقك، كما تفعلي أنت معه، اعترفي له بشعورك بالضيق من تصرفه هذا، ولكن بالكلمة الطيبة واختاري الوقت المناسب الذي يمكن أن تفتحي معه هذا الموضوع، وطبعا ليس الآن الوقت المناسب، ما عليك الآن فعله هو مصالحة زوجك حتى لو كان هو المخطئ، وبعد مرور مدة كافية، اختاري المكان والزمان الذي ترين أن زوجك يستطيع أن ينصت إليك بهدوء ويتفهم مشكلتك، وفي كل الحالات حتى لو استمر في رفضه، لا تتذمري من هذا الطبع، ولا تنسي أنه رجل قد يرى أن إقباله على مصالحتك فيه إهانة لكرامته، أو مس لرجولته أو إضعاف لشخصيته بالبيت، فلا تحاربينه من هذه النقطة بالذات، فهذا طبع متجذر وموروث أبا عن جد، وتاريخ طويل لا يمكن أن تمحيه في لحظة، وعنادك له هنا إنما عناد في غير محله، وقد يؤثر سلبا على حياتك الزوجية معه، فلا بأس لو تنازلت عن هذا الحق، فقد يكون هو أيضا يضحي ويتنازل لك في مواطن أخرى، ولا يطالبك بحقه في المساواة معك، فانظري للجانب المشرق في شخصية زوجك، وتغاضي عن الجانب الآخر كرامة له، لا تنسي أن من يزرع خيرا لا يحصد إلا خيرا.
وختاما: نصيحتي لك أن تكوني دائما سكنا لزوجك، يشعر كلما دخل بيته أنه وجد نفسه وراحته وسعادته، وهذا الشعور لا يأتي هكذا فجأة، إنما بالعطاء وبالحب وبالتضحيات.
وفقك الله ورعاك وهداك لما فيه طاعة الله ورضاه.