12 ربيع الأول 1432

السؤال

زوجي يريد تنظيم الولادات، أي جعل وقت بين ولادة وأخرى من أجل تربية الأولاد، وحسن تربيتهم ويخشى أن لا يستطيع أن يهيئ لهم ما يكفي حسن تربيتهم فما رأيكم في ذلك؟

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

السائلة الكريمة، إن الثقة بالله سبحانه، والإيمان بربوبيته عز وجل وألوهيته سبحانه يقتضيان الإيمان بكونه هو الرزاق لكل خلقه، فلا يغفل عن أحد منهم، وأن لكل أحد منهم رزقه، ونصيبه من هذا الرزق.
لكننا للأسف نسيء فهم الأرزاق، ونتصور أنها الأموال التي تأتينا فقط, ونقيس على ذلك الأمور فنخطئ في قياسها.
فرزق المرء هو ما قدر له أن ينتفع به من دنياه في لحظته التي يعيشها ويحياها مما قدره الله له، فقد يأتيه من المال الكثير ولا يستطيع أن ينتفع به فيصيبه مرض أو يمنعه منه مانع، وقد يأتيه من المال القليل لكن يبارك الله له فيه فينتفع به كثيرا، حتى إننا لنرى أن انتفاع بعض الفقراء من أموالهم القليلة أكثر من انتفاع بعض الأغنياء من أموالهم الكثيرة.
الأمر الآخر، أن الأسرة المسلمة يجب أن تعلم أن من أهم أدوارها هو تخريج أبناء مؤمنين صالحين، متعلمين لدينهم, يمثلون نموذجا صالحا لغيرهم، ويصلحون أمتهم وينافحون عنها.
ولكي يتم ذلك ينبغي الاستعداد لهذا الإنجاب، والترحيب بكل مولود جديد والاهتمام به والاستعانة بالله في تربيته.
والوالدان إن كمل توكلهما على الله ربهما واستعانا به دوما في تربية أبنائهما واستقاما في حياتهما، بورك لهما في أولادهما وأنبتهم الله نباتاً حسناً ورعاهم برعايته وحفظهم بحفظه سبحانه وهذا مما يجب أن يفهمه كل أبوين ويدركانه.
أما عن الوجهة الشرعية في سؤالك فيمكنني اختصار آراء العلماء في ذلك كما أوردته هيئة كبار العلماء بالقول أنه إذا كان تنظيم النسل لمصلحة شرعية اقتضته، كإرهاق الأم بسبب الولادات المتتابعة بأن أخبرها الأطباء أن في تتابع الولادة خطرا على حياتها أو إضعافًا لبنيتها فالصحيح إن شاء الله أنه لا مانع من تنظيم النسل، فقد ثبت بالحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه الله عنهما أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل. لكن الجواز مشروط بألا يكون هناك قطع كامل للنسل.
فتنظيم النسل إذا كان لغرض صحيح، ولعذر شرعي كأن تكون الزوجة لا تتحمل متابعة الإنجاب أو كانت مريضة أو نحو ذلك فلا بأس به.
أما إذا كان لغير عذر شرعي فنرى أن الإنسان يترك هذا الأمر لله عز وجل، وهو سبحانه وتعالى يخلق الذرية وهو يتولى رزقها وتربيتها ونحو ذلك، ولا يجوز لأي من الزوجين في مثل هذه الحالة أن يؤخر النسل لغير ضرر، وبدون عذر شرعي.
وإن كان بعض العلماء يرى التساهل في مثل هذا، لكن هو على المدى البعيد موجه ضد الأمة الإسلامية، وهو ما يسمى بتحديد النسل، وأحياناً يكون عن طريق التنظيم ونحو ذلك، أما إذا كان التنظيم بغير أدوية، كأن يختار أوقاتاً معينة لمواقعة زوجته ونحو ذلك، بما لا يضر كلاً من الزوج والزوجة، فهذا أمر مباح متروك لهم ذلك، ما لم يكن هناك قصد لقطع الذرية، وليس للزوجة أن ترفض الحمل ما لم يكن لها عذر شرعي.