حملة التحريف والإسقاط لفتاوى الاختلاط
7 ربيع الثاني 1431
عبدالمجيد بن صالح

مازالت سلسلة الحروب الضروس التي تشنها بعض الصحف بشأن موضوع الاختلاط وغيره مستمرة مستخدمة أسلوب إسقاط الرموز بتحريف كلامهم تارة، وتحويره بأسلوب ساخر تارة أخرى، بطريقة تروج لمقالهم بأنه يعبر عن رأي المجتمع، وأن ذلك الشيخ خالف رأي الجمهور.

 

كانت بداية الحملة بفتوى الشيخ د: سعد الشثري، التي جندوا ضدها كبار الصحفيين، وصغار طلاب العلم المتطاولين على فتاوى الكبار، فحرفوا وحللوا كلامه ودخلوا في النوايا، ومن ثم ألّبوا عليه...

وبعد عدة حملات ظهرت الحملة الشعواء الحمقاء الكبرى على العلامة الشيخ عبد الرحمن البراك التي أقضّت مضاجع الشهوانيين، وبعض (الجهال) المنتسبين للعلم، والتي انكشف بعدها فضيحة بعض الجرائد في التحريف، ابتداء من تحريف كلام الشيخ، وانتهاء بدبلجة كلام سابق للشيخ النجيمي في صورة كأنه يخالف الشيخ البراك، والذي فضحهم بعد ذلك، وصرح أنه يوافق الشيخ البراك في رأيه، ومع ذلك لم يعتبروا رأيه هذه (المرة)، ولكن كعادتهم أخفوا عبارات مخالفيهم بين السطور-كأنهم بذلك التزموا منهج حرية التعبير والرأي الآخر- وسطروا الرأي الموافق لهواهم في رؤوس العناوين، كأنها هي الحق الذي لاريب فيه، وأنها هي التي تُمثِّل رأي جمهور العلماء وكبارهم، وجميع العامة.

 

وفي معمعة الضجيج الإعلامي حول هذه الفتوى جاءت فتوى الشيخ الطريفي في الاختلاط، ورد فيها على الزاعمين بأن لفظ (الاختلاط محدث)، وعلّم "الجاهلين" القائلين بأنه "لادليل على منعه" فأبرزها من متون الصحاح، واستخرجها من وعاء الكتب الفقهية الطافحة بلفظ "الاختلاط" بالمعنى المشهور الآن، وأثبت أن الخلاف هو المحدث والمبتدع، وأن الإجماع منعقد ومعلوم صراحة عند العلماء السابقين في منعه.

 

ولقد فَلَقت هذه الفتوى رؤوس الشهوانيين فلم يستطيعوا إسقاطها أو الوقوف عندها وتحريفها لصراحتها وقوتها في الدلالة والأسلوب (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه)، ولما لم يكن للشيخين(البراك، والطريفي) ما يدعو أولئك (لتّأليب عليهما)، ولما لم يستطع أحد من كبرائهم أو صغار (جهالهم) الرد عليهما علمياً، لجأوا إلى حجب موقعهما (حيلة العاجز)، حتى لاتعكر عليهم تلك الفتاوى (أهدافهم) المعروفة والمشهودة في (معرض الكتاب).

 

ولما يئسوا أن يجدوا من العلماء الكبار في هذه البلاد المباركة من يفتيهم بما يوافق شهواتهم، انطلق ملأ منهم يبحثون عنها في بلدان أخرى، كأن هذه البلاد قد خلت من العلماء وليس لهم رأي في المسألة.

ووالله إن كتب وفتاوى الحي منهم والميت طافحة بما يخالف شهواتهم، ويوافق الحق، ولم يزل كبار العلماء رأيهم ثابت وظاهر في المسألة.

 

وبين تلك الحملة وقبلها حملات أخرى في مواضيع مختلفة لإسقاط العلماء وتحريف كلامهم وتهويش العامة عليهم،  ومنها الحملة على الشيخ العلامة صالح اللحيدان بشأن القنوات الفضائية، والحملة على الشيخ صالح المنجد بشأن قتل الفأر، ومن آواخراها الحملة التحريضية على فتوى الشيخ العريفي بشأن الرافضة، تنادوا لإسقاطها وتواصلوا مع علمائهم (المختصين) للتنديد بها، ونشروا آرائهم، وسط تجاهل ظاهر لفتوى عشرات العلماء المؤيدين لفتاويهم، (فأين الرأي الآخر).

 

ولقد ظهر من قبل زيف شعاراتهم وأقنعتهم التي ينادون بها من قبيل (حرية الرأي والتعبير)، (والرأي الآخر)، وظهرت أن معانيها (وقفٌ) لمصالحهم وأهدافهم، ولمن يوافق هواهم وشهواتهم، ويكون (ذلولاً يرُكب) لهم من المنتسبين للعلم، وإلا فلا حرية ولا رأي، ولكنها الحرب التحريضية، والإسقاط و(سياسة التأليب) التي أصبحت مكشوفة للعالمين...

 

ألم يأن لبعض المنتسبين للعلم أن يعرفوا أن المنافقين لم يقصدوه بالاتصال وإبداء رأيه إلا لأن قوله يوافق شهواتهم وهواهم؛ لأنه (سهل فيرتقى)، ولم يقصدوا الكبار؛ لأنهم على (رأس جبل) لايَصِلُهم إلا من رام الحق.

تلك سياسة المنافقين إزاء الحق ومن يخالف شهواتهم، ولم يكونوا يوماً طلاب حق وأزكياء نفوس يبحثون عن الدليل ويخضعون له.
ولقد عرف تلك السياسة الحذاق من العلماء وطلاب العلم، وانخدع بها ثلة على غرة، وعما قليل يرمون بهم في (سلة المهملات)، إذا لم يستمروا معهم في تقديم التنازلات.

 

وهذه السياسة الزَبَديّة وإن طفت و علت، وانتفخت وبدت رابية طافية فإنها بإذن الله سوف تذهب جفاء مطروحة لاحقيقة لها ولا نفع، ومتمزقة لا تماسك فيها،  {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} الرعد [17]، والله المستعان.