أنت هنا

نجاح المقاومة في الانتخابات العراقية
7 ربيع الثاني 1431
موقع المسلم

في ظل انقسام سياسي واضح بالعراق في أعقاب الإعلان عن نتائج معظم الأصوات العراقية بما يجاوز 95% من الأصوات، وبروز اسم قائمة "العراقية" بزعامة إياد علاوي متفوقة على قائمة "ائتلاف دولة القانون" التي يتزعمها رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي بنسبة ضئيلة من الأصوات، وهو ما أوجد أزمة بين أنصار القائمتين تمثلت في تهديدات مبطنة من المالكي بتدخل الجيش العراقي، وعودة العنف عبر مطالبته المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات بإعادة عد وفرز الأصوات يدوياً بدعوى "الحيلولة دون انزلاق الوضع الأمني في  البلاد وعودة العنف"، منوها، أو مهدداً بالأحرى، بأنه إنما يطلب ذلك بصفته "المسؤول التنفيذي المباشر عن رسم وتنفيذ سياسة البلد وبصفتي القائد العام للقوات المسلحة"، على حد قوله.

 

ومعركة كسر العظم الدائرة حالياً في العراق بين فريقين أحدهما تابع بشكل مباشر لإيران، والآخر يمثل الخيار الأمريكي إلى حد ما، وبينهما بطبيعة الحال مشتركات لجهة الولاء والتوجه، ويقودهما شيعيان أحدهما كان مشرفاً على حسينية في السابق وقيادي في حزب طائفي معروف، والآخر "علماني" له تاريخ عريق في التعامل مع أجهزة الاستخبارات المختلفة في العالم، لا يمكن التكهن بمصيرها في ظل ارتباطها بعدة ملفات خارجية تتماس فيها الاستراتيجيات الإقليمية والدولية.

 

في ظل انغلاق السبل أمام الوصول لمراكز التأثير في البلاد من خلال تركيبة نظام المالكي، لم تجد بعض القوى والزعامات السنية التي قبلت بالمشاركة في العملية السياسية القائمة تحت مظلة الاحتلال بدا من التوافق مع قائمة علاوي، وهو اختيار قيل إنه يهدف إلى عودة السنة إلى المسرح السياسي، والإفادة من التناقضات بين القوى الشيعية المهيمنة على المشهد العراقي.

 

ومهما يكن من أمر؛ فإن المفارقة الأبرز فيما تقدم أن تهديدات المالكي لخصومه كشفت عن الفاعل الحقيقي وراء كثير من أحداث العنف غير المشروعة التي تتفجر أحياناً بتوقيتات مدروسة في العراق، بخلاف عمليات المقاومة الراشدة التي تستهدف الاحتلال الأمريكي والإيراني بشكل مباشر؛ فإذا الصورة واضحة، كتلك التي يبديها الصراع بين لصين على مسروقات!!

 

إيران إذن، يقول المالكي بشكل مبطن أنها سوف لن تقبل – عبره وكتلته – نتائج الانتخابات إن جاءت بغير مرشحها، وسوف تعاود تفجير عمليات العنف في الأسواق وغيرها، وهو ما فطنت إليه المقاومة في الحقيقة؛ فنأت بنفسها عن الدخول في العملية الانتخابية ولو من خلال تفجيرها وشن هجمات عليها، وارتأت بحكمة أن تترك الأتباع يختصمون ويتبدى جلياً من هم عرائس المسرح السياسي العراقي، ومن هم "وطنيوه" بحق.

 

نعم، فلم تكن المقاومة شيفونية، ولم تستهدف شعبها المهيض، ولم تعارض بقوة السلاح اجتهادات البسطاء في التصويت لمن تظن أنه سيكون أقل وطأة عليها، وأشد بأساً في قمعها، وتركت الناس يقولون – برغم كل ألوان التزوير والتوجيه غير البريئة وقوانين الاجتثاث والإجراءات غير الديمقراطية التي واكبت الانتخابات – حجم التعاطف مع النموذج الطائفي، وكراهية البعض لهذا النموذج حتى لو كان بديله "علمانياً"!!

 

لقد نجحت المقاومة في العراق، حينما أخلت الساحة من عملياتها واستأنفتها بعد الانتخابات ليكشف المالكي نفسه أمام شعبه ويقول بشكل موارب: سأفجر الوضع وأحيي العنف إن لم أفز في الانتخابات.. فشلت العملية السياسية برغم ظاهرها الديمقراطي، وأصابت المقاومة في قراءة المستقبل منذ فترة طويلة.