1 جمادى الأول 1432

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ إخواني.. أتمنى منكم المساعدة، وسؤالي هو: لدي مجموعة من الطلاب اهتممت بأمرهم كثيرًا، وفي الفترة الأخيرة ابتعدت عنهم قليلا، ومع النظر لحالهم وجدت أنهم قد تغيروا لكن للأسوأ وليس للأحسن، وعندما أقترب منهم يكثر القيل والقال عني وعنهم، وأنتم تعلمون حساسية ذلك في بلادنا، خاصة مع ما يقع من حوادث التحرش وغيرها، رغم أن علاقتي مع أولياء أمورهم فوق الممتازة. أفيدوني.. جزاكم الله خيرًا.. أنتظركم.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الحبيب:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
بداية أشكر لك حرصك على هؤلاء الطلاب الذين تعهدتهم بالتربية والتعليم والتوجيه، من أن تلوكهم ألسنة الناس، وتمس ثيابهم البيضاء الناصعة شبهة سوداء، تؤثر على كرامتهم ومستقبلهم، كما أشكر لك خوفك من تردي حالهم فهذه نيات طيبات، يثيبك الله عليها الأجور والحسنات، إن علم في قلبك الصدق وإخلاص النيات.
وأود أن أوضح لك أن الأصل في ديننا أن يترفع المسلم بنفسه فوق الشبهات، ورحم الله رجالا كانوا يدعون تسعة أعشار الحلال مخافة أن يقعوا فى الحرام، وطالما أنك تقول: (عندما أقترب منهم يكثر القيل والقال عني وعنهم)، وتعترف بالواقع الذي تعيش فيه بقولك: (أنتم تعلمون حساسية ذلك في بلادنا، خاصة مع ما يقع من حوادث التحرش وغيرها)، فإنني أنصحك بالابتعاد عن هؤلاء الطلاب، حتى تحافظ على سمعتهم وسمعتك وسمعة الحلقات بشكل عام، ويمكنك أن توكل أمرهم لغيرك من الإخوة الذين يُعْرَفون بحسن الخلق، ويشهد لهم الجميع بحسن السيرة وطيب الخلال، ليواصل ما بدأته، ويكمل ما شرعت فيه من أمر تعليمهم وتحفيظهم وتربيتهم.
وليس هذا الذي أنصحك به من عندي؛ وإنما هو من صميم ديننا العظيم وشرعنا الحنيف؛ وسياحة مباركة في سيرة سيدي وسيدك وسيد الخلق أجمعين محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم)؛ تكشف لك عن ذلك، فعن النعمان بن بشير (رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما)، قال: سمعت رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم) يقول: "إن الحلال بين، وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه؛ ألا وإن لكل ملك حمىً، ألا وإن حمى اللَّه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب". (متفق عَلَيهِ. وروياه من طرق بألفاظ متقاربة).
وعن الحسن بن علي (رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ)، قال: حفظت من رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم): "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح). ومعناه: اترك ما تشك فيه وخذ ما لا تشك فيه. وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم): "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس". (رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ).

وختامًا؛ أود أن أوضح لك- أخي السائل- أن الفضل لمن صدق لا لمن سبق، وإذا كانت العبرة لديك بالحرص على مستوى هؤلاء الطلاب، والخوف من تغيرهم للأسوأ، وأن الهدف هو إنقاذهم واستمرارهم في مسيرة التربية والتقويم، فلا يهم من يقوم بهذا الدور، وربما كان الخير في تولي غيرك أمرهم، ليصمت أصحاب هذه الإشاعات، وتخرس ألسنتهم، ولتحرص أنت على علاقتك الطيبة بأولياء أمورهم، بأن تعتذر لهم عن الاستمرار في تعليم أولادهم نظرا لظروف عائلية أو خاصة بعملك، وأن ترشح لهم من سيخلفك في هذه المهمة.
نسأل الله (عز وجل) أن يصلح فساد قلوبنا، وأن يهدنا إلى الحق، وأن يخلص أعمالنا ونياتنا لله عز وجل، وأن يصرف عنا وعنكم كيد الشيطان ومكره.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.