عندما ينكر صحفيون الاختلاط على الشيوخ
29 ربيع الثاني 1431
إبراهيم الأزرق

صدق أولا تصدق إبليس يعظ آدمي! كاتب صحفي ينكر الاختلاط على صاحب الفضيلة الشيخ..! وإليكم القصة:
كالعادة شنَّ بعض الفارغين من كتاب الصحافة أنصاف المثقفين حملة على الأستاذ الدكتور عضو المجمع الفقهي الشيخ محمد النجيمي –حفظه الله- وحاصل الحملة إنكارهم اختلاط الشيخ بالنساء في قاعة ولو لمرة واحدة في العام بل العمر! فلله ما سر تلك التقوى؟ وهل نحن حقاً أمام نوع من الحرص على صيانة أهل الإسلام؟!

 

إذن كيف تفسر تحجر عقول تلك الشرذمة هنا فتمنع إلحاق مثل صنيع الشيخ بما يحصل حال الطواف حول الكعبة وكذا الصلاة وترفض حتى القياس على شراء الحاجيات من الأسواق! مع أنها تقحم هذا النوع من القياس في تسويغ كل اختلاط مستغرب مشبوه هتكت بأمثاله في مجتمعاتنا المسلمة -ناهيك عن الغربية- أعراض وخدش بسببه الحياء!

 

إن هذا التناقض دليل ظاهر على أن هذه الحملة على الشيخ الموقر كغيرها من الحملات: مهاترات تشغيبية ومغالطات صبيانية يحاولون بها تسويغ واقع الاختلاط المحرم، ووصف الأفاضل بممارسة ما يمارسه المقصرون منه لغير ضرورة، وقد ذكَّرني هذا مقالاً كتبه الشيخ الناقد إبراهيم بن عمر السكران، عن (أقيسة الاختلاطيين) فهم يريدون أن يقولوا للشيخ ما حاصله: إن كنت تجوز النظر للمرأة وهي حاسرة عن رأسها مبدية ساعديها لغرض خطبة الخاطب زمناً يسيراً.. فكذلك يلزمك أن أن تطرد إباحة ذلك مع كل امرأة وإن رُتِّب بصورة متكررة كل يوم ثمان ساعات، وإن تضمن خلوة، وجلوساً بجوارها وتبادلاً للحديث والابتسامات.... إلخ!

 

وفي نظري أن كثيراً من هؤلاء ليس بتلك الدرجة من الغباء أو الغفلة بحيث يحتاج إلى من يوضح له الفرق بين الاختلاط العابر كإلقاء محاضرة على جمهرة نساء مرة في السنة! لحاجة معتبرة شرعاً.. وأن هذا النوع من الاختلاط لا علاقة له بالاختلاط المتكرر المستمر الذي تتكرر فيه دواعي الفتنة حتى تألفها القلوب، وإن لم يتضمن محرمات ظاهرة كالتبرج والخلوة ونحوهما، فكيف إذا كان يتضمن الإذن في ذلك بل هو الواقع كما في الاختلاط في المستشفيات والمؤسسات والمدارس والجامعات وبصفة يومية!

 

لكن هؤلاء يريدون أن يقولوا للناس: هذا الشيخ الجليل جوز الاختلاط الذي يتضمن محرماً وهو وجود نساء متبرجات، فيلزم منه جواز كل اختلاط وإن تضمن محرمات..!
لكن الشيخ قطع عليهم بذكاء هذه الحجة يوم قال: "كنت على دراية وارتكبت أخف الضررين وما حدث ليس حجة على الله وإنما اجتهاد مني فأنا أعتقد اعتقاداً جازماً بحرمة الاختلاط".

 

يعني بعبارة أخرى: الحجة في الأدلة التي منعت الاختلاط وللعلامة محمد بن إبراهيم –رحمه الله- المفتي الأسبق للديار السعودية رسالة حشد فيها جملة من تلك الأدلة، وكذلك للعلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز المفتي السابق للمملكة العربية السعودية –رحمه الله- رسالة في تحريم الاختلاط، أورد فيها من أدلة ذلك ذلك طرفاً، فتلك هي الأدلة التي يقاس عليها لا فعلي! وذلك حاصل شرح الجزء الأول من متن الشيخ السابق الذي عسر على فهم بعض الصحفيين!

 

ثم بين الشيخ وجه فعله وأنه اجتهاد يرى فيه أنه ارتكب أخف الضررين، وهو المحاضرة المتضمنة لاختلاطٍ عابرٍ محرمٍ لعدم التزام بعضهن بقيود الشريعة، والذي يبين لك أن اجتهاد الشيخ محتمل ما قرره كثير من العلماء في شهود الزور أو مجالس المنكرات بغرض الإنكار، فهذا شأن غير حضورها للمتعة والتفرج! أو لغرض أجنبي عن الإنكار، وفرق بين من يذهب إلى حفل غنائي ليرقص ويطرب أو يردد ويستمع، أو حتى ليأكل ويشرب ويهنئ، وبين من يذهب منكراً ناصحاً حتى وإن قدرنا أن اجتهاده غير مناسب! فهل صنيع الشيخ يخرج عن هذا وهو الذي حاضر فحث على الحجاب وأمر به، وبين مفاسد الاختلاط وسماحة تعاليم الشريعة، فأنكر المنكر وقرر حقاً، ومع ذلك لم يصادر رأي من يخالفه من العلماء لكون المشاركة في ذلك السياق وفي ما ينظمه نحو أولئك النسوة مرفوضة عند كثير من أهل العلم، وإن كان أكثرهم لوجه رفضه دواع أخرى غير قضية الاختلاط العابر الذي ينكر فيه المنكر الحاضر فنحو هذا شارك فيه كثير من المشايخ خارج هذه البلاد؛ في الشرق والغرب، وهو من جملة الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما استلزم أحياناً تقديم الأولويات في خطاب المدعوين إلى غير ذلك مما للاجتهاد فيه مجال واسع، مع تحريم سائرهم للاختلاط المستغرب غير العابر المتضمن للتبرج الحرام والنظرة الحرام والكلمة الحرام والمتيح للخلوة المحرمة بإجماع العلماء.. والفرق بين النوعين كالفرق بين الجامعة المختلطة التي تتكرر فيها الخلطة ويتزامل فيها الجنسين ويتصنع فيها الزوجين، وبين السوق وما يقع فيه من اختلاط عابر بقيد الحاجة، وكالفرق بين الخلطة التي تكون في نظر الخاطب، والخلطة التي تمارس في بعض النوادي والملاعب!

 

وأخيراً يا ناقدي صاحب الفضيلة الذي شهد الزور فأنكره!.. انتقدوا الاختلاط المستغرب في الجامعات وأماكن العمل، ثم انتقدوا الاختلاط العابر الذي لا تدعو إليه حاجة دينية أو دنيوية، ثم بعد ذلك تعالوا فحدثونا عن اختلاط الشيوخ!