الجامعات الشيعية التبشيرية- كندا نموذجاً
3 جمادى الثانية 1431
الهيثم زعفان

تحاول الفرقة الشيعية النفاذ إلى كافة التجمعات البشرية لنشر ضلالاتها العقدية بكل الوسائل التبشيرية المتاحة، وتعد الجامعات الشيعية من أهم المؤسسات التبشيرية التي يعتمد عليها الشيعة في نشر ضلالاتهم، فمجال التعليم وإكساب المعارف التربوية لا يخّرج فقط متشيعين فاقدين للبوصلة العقدية الصحيحة، ولكن يصنع مبشرون جدد يسهمون في نشر الضلالات الشيعية في كافة المناطق والتجمعات التي ينتمون إليها.

بدورنا سنحاول إلقاء الضوء على آلية الجامعات الشيعية، وطبيعتها التبشيرية والانتشارية، وذلك من خلال دراسة الحالة الكندية والجامعات الشيعية فيها.
فقد حرص الشيعة على إنشاء الجامعات الشيعية خارج العالم الإسلامي حيث يتم استثمار المسلمين الجدد في تعليمهم المذهب الشيعي على أنه هو الإسلام الصحيح، ولما كان الشخص حديث عهد بالإسلام، فإن معرفته بالفروق العقدية بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة ضعيفة إن لم تكن معدمة، وعليه فهو يتلقى تعليمه في الدراسات الإسلامية على يد الشيعة ظناً منه أنه يتعمق دراسياً في فهم أصول الدين الإسلامي.

 وهذا الأمر له أهمية وثقل في الميدان العقدي لأن معظم المسلمين الجدد خارج العالم الإسلامي يوجهون قسطاً من عمرهم بعد إسلامهم نحو برامج الدراسات الإسلامية في الجامعات الإسلامية عندهم، ومن هنا ينفذ الشيعة.   
فعلى سبيل المثال نجد "أكاديمية التعليم الإسلامي بكندا"، وهي مسجلة بكندا كمنظمة غير حكومية، تقوم على التبرعات والمساهمات ورسوم الطلاب.

فالجامعة تقدم نفسها للمجتمع الكندي على أنها كيان تعليمي يقدم خدماته لكل من يريد التعرف على الإسلام على المستوى العقدي والتاريخي، كما تقدم الأكاديمية أيضاً خدماتها التبشيرية لكل من يواجه صعوبات في حياته اليومية وما أكثر الصعوبات والتعقيدات الحياتية والأزمات النفسية التي يمر بها نصارى كندا.
كما تقدم تلك الأكاديمية أيضاً منح استكمال الدراسات العليا بالحوزات العلمية بإيران.

وعلى نفس الدرب التبشيري تسير جامعة "دار الحكمة الكندية" وهي أيضاً مسجلة بكندا كمؤسسة غير حكومية، وقد تبنى إنشائها زين العابدين الحسيني الشهرستاني النجل الأكبر لآية الله عبد الرضا الحسيني الشهرستاني. وهذه الجامعة تأسست عام 2005 في مدينة مونتريال بكندا.

والطالب في هذه الجامعة هو الذي يختار المواضيع، وساعات دراسته بحيث لا تتعارض مع برامجه اليومية ومتطلباته الحياتية الأخرى. 
ولغات التدريس في هذه الجامعة هي اللغة العربية، الفارسية، الانجليزية، واللغة الفرنسية وذلك حسب رغبة الطالب والبرامج والمناهج المتوفرة لكل لغة.

فعلى مستوى البرنامج العربي تعطي الجامعة البكالوريوس في العلوم الإسلامية (علم الحديث) حيث قامت الجامعة بالتعاون والاتفاق مع جامعة علوم الحديث في إيران من أجل إعداد برنامج دراسي مشترك. حيث تسمح اتفاقية التعاون لجامعة دار الحكمة الكندية باستخدام برامج جامعة دار الحديث الأكاديمية الإيرانية والاستفادة من خبرات أعضائها.

وتتعهد جامعة علوم الحديث بحسب الاتفاقية بمنح خريجي جامعة دار الحكمة الكندية المفتوحة درجات علمية مماثلة لما تمنحه لطلابها في إيران بعد إنهائهم مراحل التخرج؛ وكأن الطالب يدرس في إيران.
أما على مستوى البرنامج الفارسي فإن جامعة دار الحكمة الكندية المفتوحة قامت بعقد اتفاقيتين مع جامعتي طهران وقم في حقول الدراسات العليا في الفلسفة والقانون وإدارة الأعمال.

علماً بأن البرامج الموضوعة تأتي من قبل الجامعتين المذكورتين سابقاً وبنفس الوحدات الدراسية المقررة لجامعتي طهران وقم بإيران، وعليه فإن شهادة الماجستير تمنح للدارس من قبل تلك الجامعتين.
وعلى مستوى البرنامج الانجليزي فإن الجامعة تمنح البكالوريوس في العلوم الإسلامية.

وتأسيساً على دور الجامعة التبشيري القائم على المرجعية الشيعية الإثنى عشرية فإن جامعة "دار الحكمة الكندية" عقدت إضافة للاتفاقيات المشار إليها أعلاه، جملة من اتفاقيات التعاون المشترك وتبادل المعلومات والمناهج والدروس مع الجامعات والمراكز العلمية الآتية بصورة مباشرة ومنها:

(جامعة مفيد بقم، جامعة باقر العلوم بقم، مؤسسة حوار الحضارات والثقافات بطهران، مجمع أهل البيت العالمي، جامعة الإمام جعفر الصادق ببغداد، جامعة أهل البيت بكربلاء، جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة ببيروت، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس بالمغرب، ومركز البحوث والتحقيقات في الأديان والمذاهب بطهران).
وهذه الجامعة لها عدة مكاتب في دول العالم وهي كالآتي:
 ( مكتب طهران بإيران - مكتب مدينة قم بإيران- مكتب ديترويت بالولايات المتحدة الأمريكية- مكتب مدينة نوتينكهام بانجلترا- مكتب الرباط بالمغرب- مكتب بيروت بلبنان- مكتب مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية- مكتب بغداد بالعراق).
ومن أبرز أعضاء المجلس العلمي الأكاديمي لجامعة دار الحكمة الكندية:
(عدد من أساتذة الحوزات العلمية بإيران- الدكتورة ليندا كلارك، أستاذة ورئيسة قسم المذاهب والأديان في جامعة كونكورديا مونتريال بكندا-الدكتور عبد الحسن زلزله، السفير والوزير العراقي الأسبق-الدكتور محمد الاسدي أستاذ جامعة لاف بروف، بريطانيا- الدكتور حسين مرعي، أستاذ وعضو المجلس العلمي في جامعة كونكورديا، كندا-الدكتور كمال الدين شيخ الإسلام، أستاذ وعضو المجلس العلمي في جامعة مكيل، كندا- رئيس جامعة طهران-رئيس جامعة أهل البيت بكربلاء- رئيس جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة بلبنان-رئيس مجلس أمناء جامعة الإمام جعفر الصادق ببغداد-رئيس جامعة الكوفة بالعراق).
أما أعضاء المجلس العلمي الاستشاري لجامعة دار الحكمة الكندية فمن أبرزهم:
( محمد خاتمي رئيس إيران الأسبق-عباس الزنجاني، رئيس جامعة طهران السابق- رئيس كنيسة دير يسوع الملك بلبنان- الدكتور علي الغزيوني أستاذ جامعات المغرب-  الدكتور علي صقلي حسيني عميد كلية الشريعة في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بالمغرب- الدكتور عبد الله جعفر علي جاسبي، رئيس جامعة آزاد طهران- هاشم حسيني بوشهري. رئيس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة- آية الله مهدي قاضي، رئيس جامعة قم – محمد علي الابطحي، نائب رئيس إيران سابقاً ورئيس مؤسسة حوار الأديان–  رئيس مجمع أهل البيت- رئيس جامعة شيراز بإيران- نائب رئيس جامعة الفردوسي بمشهد بإيران– نائب رئيس جامعة مفيد بقم –محمد جامعي أستاذ الحوزة العلمية وسفير إيران في الفاتيكان سابقاً-الدكتور إدريس هاني أستاذ جامعي ومدير مكتب الجامعة بالمغرب-الدكتورة لويزا بولبرس، الشاعرة العربية والأستاذة في كلية الآداب في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بالمغرب-الرئيس السابق لجامعة باقر العلوم بقم- الدكتور فايز الاورفلي، مستشار منظمة الثقافة العالمية اليونسكو في الدول العربية سابقاً- الشيخ حسين شحادة، الشاعر والأديب والمفكر دمشق- الدكتور علي أسعد علي رئيس الاتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية وأستاذ جامعي بدمشق- السفير المغربي الدكتور محمد الوفا- الدكتور عصام عباس مدير مجلة النجمة المحمدية بدمشق- الدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة السوري).

بعد أن استعرضنا هذا النموذج الكندي سنحاول تقديم مجموعة من الملاحظات والتساؤلات والتوصيات حول سياسات وأدوار الجامعات الشيعية وتأثيرها على أهل السنة والجماعة، وذلك بالصورة التالية:

أولاً الملاحظات:
يلاحظ على سياسات الجامعات الشيعية خارج دائرة العالم الإسلامي والتي تناولناها من خلال النموذج الكندي الآتي
1- يلاحظ على الجامعات الشيعية الموجودة خارج العالم الإسلامي أنها برعاية شبه تامة من إيران، وهي تتحرك بوفرة مالية ضخمة داخل المناطق التي تتواجد بها ومباني ومساحات تلك الجامعات في قلب مونتريال تعكس هذه الوفرة المالية، وهذا يسلط الضوء على الأدوار التبشيرية للدولة الفارسية.
2- التواصل مع شيعة كل الدول العربية وفتح مكاتب بداخل تلك البلدان، وإقامة نوع من العلاقات المتينة مع بعض أساتذة الجامعات في المنطقة العربية رغم أن ميدان عمل الجامعات هذه هو كندا.
3- ربط الطالب مباشرة بالحوزات العلمية والجامعات الشيعية في إيران وكأن قطاع التعليم الإيراني تم نقله إلى مونتريال، رغم الحظر المفروض على دراسة أبناء الغرب في إيران.
4- تشكل تلك الجامعات التبشيرية ميدان تنافسي يعرقل جهود الدعوة الإسلامية الصحيحة لأهل السنة والجماعة.

ثانياً... التساؤلات:
1- ما الذي يضمن لنا ألا تكون هذه الجامعات الشيعية بمثابة بوابة خلفية للاستخبارات الإيرانية داخل المجتمعات الغربية، بما يحقق المصالح الاستراتيجية الإيرانية والتي منها ما يأتي ضد مصالح أهل السنة والجماعة محلياً ودولياً؟.
2- ألا تمثل تلك الجامعات الشيعية آلية لتحرك الأموال بين إيران وأماكن تواجد الجامعات ومكاتبها؛ وذلك خارج نطاق العملية التعليمية؟.
3- في ظل تواجد مجموعة من الأسماء الإيرانية الكبيرة ضمن المجالس العلمية للجامعات الأمر الذي يوفر لها حرية الانتقال الدوري بين طهران ومونتريال ذات التواجد اليهودي المؤثر؛ أليس من الممكن أن تكون هذه الجامعات بوابة خلفية لعقد الصفقات السرية بين الغرب وطهران والعكس؟.
4- في ظل تواجد مكاتب لتلك الجامعات الشيعية في بعض بلداننا العربية بصورة غير مبررة، ما الذي يضمن لنا ألا تحقق تلك المكاتب المصالح والأهداف الاستخباراتية الإيرانية؟ خاصة وأن هذه المكاتب تعد بمثابة قنوات اتصال بين طهران ومعاونيها في العالم العربي ولكن عبر مونتريال.
5- ما هي أسباب هذا التعاون السوري الإيراني الملفت في تلك الجامعات الشيعية التبشيرية؟.

ثالثاً.... التوصيات
1- ضرورة إنشاء جامعات سنية في خارج دائرة العالم الإسلامي وفي مناطق تواجد الجامعات الشيعية التبشيرية، وذلك بصورة مستقلة وليس ضمن برامج فرعية في الجامعات الغربية والشرقية، ومن ثم يكون هناك  نوع من التوازن قبالة الجامعات الشيعية التبشيرية، على أن تخضع هذه الجامعات السنية المأمولة في مناهجها الدراسية لإشراف الجامعات الإسلامية العريقة مثل جامعة الأزهر الشريف والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
2- ضرورة مراجعة مكاتب الجامعات الشيعية التبشيرية الموجودة بالبلدان السنية؛ فتواجدها على أراضيها غير مبرر، خاصة في ظل ارتباطها غير المباشر بطهران.