الأسر المسلمة في استراليا و الفكر العلماني
15 جمادى الثانية 1431
علا محمود سامي

أكثر من 800 ألف مسلم في استراليا يواجهون خطر شراسة الإعلام الصهيوني الذي يستعدى الحكومة الاسترالية ضد الأقليات المسلمة في تلك القارة الحديثة. وعلى الرغم  من ذلك فان الأقليات المسلمة في استراليا تحاول مواجهة هذا التحدي , بعد أن طالبت الحكومة الاسترالية بأن تتاح لها فرصة الحضور الإعلامي على القنوات الرسمية .

ويتمركز المسلمون في مدينتي ( سيدنى, مالبرون) ، ويتمثل أكبر الجاليات الإسلامية في الأفغان واللبنانيين ويصل عدد المساجد  والمراكز الى نحو 112 مركزا اسلاميا ومسجدا.
وتسبب الفكر والمجتمع العلماني الذي يسود استراليا ، في تهديد حقيقي للأسر المسلمة المقيمة هناك . الا أنه وفي المقابل ، فاذا كانت هذه البلاد تعيش كمجتمع علمانى , الا انها تتمتع بحرية سمحت للجاليات المسلمة باستخدام  أجهزة اعلامها لعرض وجهة النظر الاسلامية.

ولكن نتيجة للفكر العلمانى المسيطر على المجتمع الاسترالى, وهذه الحرية الواسعة التى يتمتع بها كانت لها سلبيات قام عليها قانون البلاد ومن أخطرها منع قوامة الاسرة وإنهاء دورها إذا ما بلغ الشاب أو الفتاة سن السادسة عشر عاما حيث يمنح كلاهما الحق فى الانفصال عن الاسرة  ومعاش كل اسبوعين لهما.

ويعد هذا من أخطر الامور التي تواجه الأسر المسلمة , حيث وقع المسلمون فى هذا الشرك السرطانى الذى يدمر هوية الجيل الثانى الذى يتعرض حقيقة لمخاطر الذوبان فى الهويات الاخرى وهو ما يشكل تهديدا لقوامة الأسر المسلمة وتماسكها.

وإن كان هذا لم يمنع وجود عناصر اسلامية مازالت متمسكة بدينها وحريصة على ابرازه بنفس التقاليد والعادت العربية والاسلامية وحتى المسلمون الذين هاجروا الى استراليا من دول غير اسلامية، فانهم يقبلون على تطبيق الاسلام وابراز تعاليمة فى ذلك المجتمع المنفتح.

وفي زيارة لقارة استراليا ، يجد الزائر حال المسلمين في القارة الحديثة هناك ، كحال غيرهم فى بلاد الغرب،  يتعرضون لحملة عنيفة منذ أحداث سبتمبر الشهيرة ، في الوقت الذي استغل فيه اللوبي الصهيوني هذه الاحداث, للسيطرة بقوة على الحياة السياسية والاقتصادية ، وراح إعلامة يوجة دعاياتة ضد المسلمين, ويكيل بالاتهامات ضدهم .

** تأثير اللوبي الصهيوني
تعامل الحكومة الاسترالية هذا اللوبى وكأن ما يزعمة ضد المسلمين صحيح, حتى تدارك المسلمون الأمر، عندما قامت الجالية المسلمة هناك بتشكيل لجنة من المسلمين فى مدينة "بيرث" بغرب استراليا، وتقابلوا مع رئيس الوزراء، وطلبوا منه ضرورة إحداث توازن اعلامى مع هذا اللوبى، وتقديم وجهة النظر الاسلامية الصحيحة، فضلا عن عرض الاسلام الحنيف في مختلف جهاز الاعلام الرسمي.

ووقتها وجد رئيس الوزراء الأسترالي نفسة أمام ضرورة الاستجابة لمطالب الجالية المسلمة , ووافق بالفعل على مشاركة هذه الجالية فى أجهزة الاعلام لتقديم صورة الاسلام الصحيحة، واستثمرت الجالية الأمر بمطالبة الحكومة والاعلام فى استراليا بعدم الازدواجية فى تطبيق الديمقراطية وعرض الاسلام بكل وضوح دون خجل من حملات التشوية التى كان ولايزال المسلمون يتعرض لها من جانب الاعلام الصهيونى.

وكان من مردود هذا التواجد الاسلامي في أجهزة الاعلام الأسترالية أنهم لاحظوا أن هناك اقبالا كبيرا على الاسلام من جانب الجنسيات المهاجرة الى استراليا وهى متنوعة ، حتى يقدر بعض أفراد الجالية عدد الذين اشهروا إسلامهم بعد هذه الاحداث بنحو ألفي شخص، الامر الذى يؤكد أن توفيق الله كان حليفا في دعوتهم ، على الرغم من شراسة الاحداث وتداعيتها، على حد تأكيد أبناء الجالية المسلمة هناك.

**   دور المراكز الاسلامية
و على الرغم من هذا الحضور، فان التساؤل الذي يطرح نفسه . لماذا لا يقوم المسلمون فى استراليا بتنشيط المراكز الاسلامية لحماية الأسر المسلمة وانشاء المدارس الاسلامية لحماية الجيل الثانى من خطر الذوبان؟
واقع الجالية المسلمة هناك يؤكد أن هناك تحركا بالفعل على كافة المستويات من خلال المراكز الاسلامية القائمة  وإنشاء المدارس الاسلامية  ، وفى غرب استراليا إحدى المدارس التى تسعى الى إبراز دور الخصوصية الاسلامية، وتأكيد دور الحضارة الاسلامية وعطائها عبر العصور المختلفة.

كما تسعى  الجالية المسلمة الى انقاذ ما يمكن انقاذه عن طريق إقامة المعسكرات الاسلامية والتوجية الدينى والاذاعات العربية والاسلامية  والاستفادة منها فى نشر الدعوة الاسلامية . ولذلك قاموا بتأجير ساعتين أسبوعيا على احدى القنوات التلفزيونية فى استراليا لتقديم الدين الاسلامى بشكلة الصحيح بعيدا عن حملات التشوية التى يمارسها البعض.

و على الرغم من وجود وانتشار كثيف للمدارس الاسلامية في استراليا ، الا أنهم يعانون هناك من عدم وجود الدعاة والمدرسين بالشكل الكاف باستثناء عدد قليل ممن يدرسون المواد الشرعية سواء فى أمور العقيدة أو الفقة أو الشريعة.

و الجالية المسلمة في استراليا تعاني من قلة الوافدين اليهم من الأزهر الشريف وتكاد تكون زياراتهم للمسلمين هناك سنوية، وإن كان هذا الأمر – في المجمل- ينبغى ألا يغيب عن العلماء فى دول العالم الاسلامى بايفاد الدعاة المتميزين والمؤهلين للقيام بواجب الدعوة الاسلامية أو التدريس فى المدارس الاسلامية.

وعلى الرغم من محاولات الهدم التي تمارس بحق الجيل الثاني من أبناء الأسر المسلمة هناك ، الا أن الصورة ليست سوداوية بالمرة ، في ظل وجود جيل يقبل على تعلم المناهج الشرعية , حتى من أبناء الاستراليين أنفسهم الذين هم من غير المسلمين ويدرسون بالمدارس الاسلامية  وهو ما يعكس اشراقة أمل للدين الاسلامى فى وسط هذا الجيل لحمايتة من المخاطر .

 ويذكر أحد ابناء الجالية  المسلمة في  استراليا أنه جاء اليه شاب استرالي وحيد الأم والأب ولدية من العمر 17 عاما وطلب منه مساعدته في اعتناق الاسلام، فطالبه بدراسة موقفه والتريث  حتى يلتحق بالجامعة ليكون لديه القرار المناسب الذى لا يندم علية مستقبلا، لأن اعتناق الاسلام له واجبات وعلى صاحبة حقوق ينبغى أن تؤدى الى الله سبحانة وتعالى وأن يستشير مع ذلك كلة والدية .

 وكان لكلام الشيخ تأثير في نفس هذا الشاب وعلى والدية الذين أتياه فيما بعد يعربان عن فرحتها باسلام ابنهما بدين جديد، وقيامه بتغيير اسمة من "جيمى" الى عبد الرحمن .
هذا الحوار يعكس رغبة الاستراليين على الاسلام بالرغم من الأجواء المادية التى يعيشون فيها, فضلا عن التنوع السكانى، حيث تضم استراليا مهاجرين من أجناس تتتباين أفكارهم وطبائعهم.