عقد التصريف.. توصيفه، وحكمه (2/2)
24 جمادى الثانية 1431
د.عبد الله السلمي
ثانياً: أدلة القول الثاني:
استدل القائلون بصحة التعليق في عقد البيع بأدلة منها:
الدليل الأول: قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) (القصص: من الآية27).
وجه الاستدلال من الآية:
قال ابن القيم رحمه الله: "وتعليق النكاح بالشرط في تزويج موسى بابنة صاحب مدين، وهو من أصح النكاح على وجه الأرض، ولم يأت في شريعتنا ما ينسخه"(1).
المناقشة: ونوقش هذا الاستدلال بهذه الآية من وجوه عدة، أهمها الآتي:
الوجه الأول: قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: قوله تعالى: (إِحْدَى ابْنَتَيَّ) يدل على أنه عرض لا عقد، لأنه لو كان عقداً لعين المعقود عليها له، لأن العلماء وإن كانوا قد اختلفوا في جواز البيع إذا قال: بعتك أحد عبديَّ هذين بثمن كذا، فإنهم اتفقوا على أن ذلك لا يجوز في النكاح، لأنه خيار، وشيء من الخيار لا يلصق بالنكاح(2).
ويمكن مناقشة هذا الاعتراض بأمرين:
الأول: أما قوله رحمه الله: "إنهم اتفقوا أنه لا يجوز في النكاح الخيار" فلا يسلم حكاية الإجماع، فإن أبا العباس ابن تيمية رحمه الله ذهب إلى أن خيار الشرط يثبت في كل العقود(3).
الثاني: ثم إن رد دعوى جواز التعليق بدعوى إجماع أمة محمد على عدم جواز الخيار في النكاح محل نظر، لأنه ذلك وارد أن يكون جائزاً في شريعة موسى عليه السلام.
الوجه الثاني: أن هذا الاستدلال من الآية لا يتحقق إلا على قول من قال: إن موسى ما دخل على زوجه إلا حين سفره وإمضائه المدة التي علق عليها وهي ثماني حجج فعلى هذا يكون التعليق متحققاً، حيث علق النكاح على إتمام المدة، أما على القول بأن موسى دخل على زوجته حين عقد عليها، فلا دلالة فيها على جواز التعليق، لأنه يكون حينئذ من باب الشروط في النكاح(4) والدليل إذا تطرّق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
الوجه الثالث: أنه ليس في الآية ما يدل على تعليق الإيجاب في صيغة عقد النكاح، وإنما هو عقد بشرط أن يكون المهر هو الإجارة ثماني حجج.
الدليل الثاني: من الأثر:
أ – أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عامل الناس على أنه إن جاء بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا(5).
ب – ما رواه نافع بن عبد الحارث أنه اشترى داراً للسجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، فإن رضي عمر، فالبيع له، وإن لم يرض عمر فأربعمائة لصفوان، فأخذه عمر رضي الله عنه(6).
وجه الدلالة من الأثرين:
قالوا: فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمير المؤمنين، قد فعل ما يدل على صحة التعليق في البيع، فقد علَّق عقد المزارعة بالشرط، واشترى له دار السجن معلّقاً برضاه، وقد كان ذلك بمحضر من الصحابة، ولم يُعْرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين(7).
الدليل الثالث: قالوا: إن تعليق البيع بالشرط أمر قد تدعو إليه الحاجة أو المصلحة، فلا يستغني عنه المكلف، ومعلوم أن الضرر على الناس بتحريم المعاملات أشد عليهم مما قد يُتخوف فيها من تباغض، أو أكل مال بالباطل، لأن الغرر فيها يسير، والحاجة إليها ماسة والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضها حاجة راجحة أبيح المحرم، فكيف إذا كانت المفسدة منتفية(8).
الراجح: يظهر – والله تبارك وتعالى أعلم – أن الراجح بعد عرض القولين وأدلة كل فريق ومناقشة ما يحتاج إلى مناقشة، هو القول الثاني القاضي بجواز تعليق البيع بالشرط، شريطة أن يكون التعليق مقيداً بزمن معلوم صراحة أو عرفاً، لقوة أدلتهم، ولأن كل ما ينفع الناس لم يحرمه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الحلال الذي ليس لأحد تحريمه(9).
وقد أشار إلى هذا القول بقيده صاحب كتاب مطالب أولي النهى(10) وهو اختيار شيخنا محمد ابن عثيمين رحمه الله، إذ قال: "والصحيح أن البيع المعلق جائز، وأنه لا بأس أن يقول: بعتك إن جئتني بكذا، لكن يجب أن يحدد أجلاً أعلى، فيقول: إن جئتني بكذا في خلال ثلاثة أيام مثلاً أو يومين أو عشرة أيام، لئلا يبقى البيع معلقاً دائماً" ا.هـ(11).
المبحث الثالث: حكم البيع مع خيار الشرط.
وتحته أربعة مطالب:
المطلب الأول: حكم البيع مع خيار الشرط.
ذهب عامة الفقهاء من الأئمة الأربعة وغيرهم(12) إلى مشروعية خيار الشرط، وعدم منافاته للعقد، وقد حكى بعضهم الإجماع على جواز ذلك، منهم النووي رحمه الله، إذ قال: "وهو جائز بالإجماع"(13) وكذلك الكمال ابن الهمام الحنفي، فقال رحمه الله: "هذا وشرط الخيار مجمع عليه"(14).
والواقع أنه ليس ثمة إجماع في المسألة، فقد خالف في ذلك ابن حزم الظاهري رحمه الله فقال: "وكل بيع وقع بشرط خيار للبائع أو للمشتري، أو لهما جميعا، أو لغيرهما، خيار ساعة أو يوم، أو ثلاثة أيام، أو أكثر من ذلك أو أقل، فهو باطل، تخيرا إنفاذه، أو لم يتخيرا، فإن قبضه المشتري بإذن بائعه، فهلك في يده بغير فعله، فلا شيء عليه، فإن قبضه بغير إذن صاحبه، لكن بحكم حاكم، أو بغير حكم حاكم، ضمنه ضمان الغصب، وكذلك إن أحدث فيه حدثاً ضمنه للتعدي(15).
وقد استثنى ابن حزم صورة واحدة في جواز خيار الشرط وهي: "من قال حين يبيع أو يبتاع: "لا خلابة"، فله الخيار ثلاث ليال، بما في خلالهن من الأيام، إن شاء رد بعيب أو بغير عيب، أو بخديعة، أو بغير خديعة أو بغبن أو بغير غبن، وإن شاء أمسك، فإذا انقضت الليالي الثلاث بطل خياره ولزمه البيع.. ثم قال: "فإذا لم يقدر على أن يقول: لا خلابة، لآفة بلسانه أو لعجمة قالها كما يقْدِر، فإن عجز جملة قال بلغته ما يوافق معنى (لا خلابة).. فإن قال لفظاً غير (لا خلابة)، كأن يقول: لا خديعة، أو لا غش، أو لا كيد، أو لا مكر، أو لا عيب، أو لا ضرار، أو على السلامة، أو لا داء، أو لا غائلة، أو لا خبث، أو نحو هذا، لم يكن له الخيار المجعول لمن قال (لا خلابة)"(16).
واختلف النقل عن سفيان الثوري(17) وعبد الله بن شبرمة(18) وأياً كان ذلك، فالراجح جواز ذلك لأمور:
1 – أننا أثبتنا صحة الشروط المقترنة بالعقد ولا يُبْطل منها إلا ما ثبت تحريمه أو مخالفته لكتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في المطلب الأول من هذا المبحث، والأصل في الشروط الصحة.
2 – لورود النص الشرعي على جواز مثل ذلك، كما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يُخْدع في البيوع، فقال له صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بايعتَ فقل: لا خلابة"(19).
وهذا الحديث وإن كان ظاهره لا يدل صراحة على المقصود، إلا أنه يفيد أن وجود الشرط لا ينافي مقصود العقد.
3 – ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد، فإنه بخير النظريين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر"(20).
4 – وفي لفظ: "من ابتاع محقَّلة أو مصرّاة، فهو بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أن يمسكها أمسكها، وإن شاء أن يردها ردها، وصاعاً من تمر لا سمراء"(21).
وجه الدلالة من الحديث: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لمشتري المصرّاة الخيارَ ثلاثة أيام بعد أن يحلبها، فهذا دليل على أن العقد يبقى بيعاً مع وجود الخيار، قال الشافعي: "وأصل البيع على الخيار – لولا الخبرُ – كان ينبغي أن يكون فاسداً، لأنا نفسد البيع بأقل منه مما ذكرت، فلما شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصراة خيار ثلاث بعد البيع، ورُوي عنه عليه الصلاة والسلام أنه جعل لحبّان بن منقذ خيار ثلاث فيما ابتاع، انتهينا إلى ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيار ولم نجاوزه..."( 22).
وهذا القول من الشافعي رحمه الله مع أنه يرى أن الأصل في الشروط الجعلية في البيع الفساد.
وأما ما ذهب إليه ابن حزم رحمه الله، فإنما هو لأجل مذهبه، في أن كل شرط ليس في كتاب الله نصاً، ولا في شيء من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"(23) فكان اشتراط الخيار المذكور شرطاً ليس في كتاب الله.. فوجب بطلان الشرط المذكور يقيناً، وإذ هو باطل فكل عقد لم يصحح إلا بصحة ما لم يصح، فلا صحة له بلا شك، فوجب بطلان البيع الذي عقد على شرط الخيار(24).
وقد تمت مناقشة رأي ابن حزم رحمه الله في ذلك مناقشة مستفيضة، في مسألة حكم البيع مع الشرط المقترن بالعقد، فأغنى ذلك عن إعادته.
المطلب الثاني: حكم اشتراط الخيار في رد المبيع من غير تحديد مدة.
إذا قال المشتري: اشتريت منك هذه السلعة، على أن الخيار لي في رد المبيع من غير تحديد أمد معين، وذلك ليقوم بتصريفها، فإن استطاع وإلا ردها، فهل يصح شرط هذا الخيار مطلقاً أم لا يصح إلا إذا شرط الخيار مدة محددة؟ على قولين سنذكرهما إن شاء الله بعد بيان أن هذه المسألة تختلف عن مسألة ما إذا اشترط أنه إن نفق المبيع وإلا رده، لأن مسألتنا هذه جُعل فيها الخيار من غير تحديد ولا بيان ولا اشتراط التصريف، أما المسألة الأولى في المطلب الأول فلجعل الشرط لأجل التصريف من عدمه، وبين المسألتين فرق كبير.
إذا ثبت هذا فإن أهل العلم اختلفوا في خيار الشرط من غير تحديد مدة محددة، كأن يشترطا الخيار أبداً، أو متى شئنا، أو شاء المشتري، أو يقول: ولي الخيار، ولا يذكر مدتها، أو شرطاه إلى مدة لا يعلم وقت تحققها كقدوم زيد أو زوال الموسم فهل يصح العقد، أم يبطل، أم ثمة تفصيل، على أقوال:
القول الأول: بطلان العقد والشرط إذا كان من غير تحديد مدة معلومة، وهذا مذهب الحنفية(25)، والشافعية(26)، ورواية عند الحنابلة(27)، إلا أن الحنفية يقولون بفساد العقد، والشافعية والحنابلة يقولون ببطلان العقد، بناء على الاختلاف بين الفساد والبطلان في المعاوضات المالية(28).
ومن الفروق بين الرأيين، أن الحنفية يقولون: إن وقع البيع في ثلاثة الأيام التي تلي العقد جاز العقد، وإن مضت الأيام الثلاثة فسد البيع(29)، والشافعية والحنابلة يقولون بوجوب تصحيح العقد من جديد.
القول الثاني: صحة العقد إلا أن خيار الشرط المطلق أو المجهول يخوّل القاضي إلى أن يضرب فيه أجلَ مثله، ويختلف ذلك ويتفاوت بتفاوت المبيعات، فقالوا: مثل اليوم واليومين في اختيار الثوب، والجمعة وخمسة الأيام في اختيار الجارية، والشهر ونحوه في اختيار الدا(30)، وقد اختار أبو العباس ابن تيمية رحمه الله أن العاقدين إن أطلقا الخيار ولم يوقِّتاه بمدة توجه صحة العقد وثبوت الخيار إلى ثلاثة أيام، وللبائع الفسخ في مدة الخيار إذا رد الثمن، وإلا فلا(31).
القول الثالث: أن العقد صحيح، والشرط باطل، ولمن فات غرضه بسبب إلغاء الشرط الفسخ.
وهذا القول رواية عند الحنابلة اختارها صاحب الإقناع(32) وهو قول ابن أبي ليلى(33).
القول الرابع: صحة العقد وشرط الخيار المجهول مطلقاً، ويبقيان على خيارهما أبداً أو يقطعانه، وهذا القول رواية عند الحنابلة(34)، وهو قول ابن شبرمة(35)، وعزاه ابن رشد الحفيد إلى سفيان الثوري(36).
الأدلة:
أولاً: أدلة القول الأول:
استدل القائلون بفساد العقد والشرط بأدلة أهمها، ما يلي:
الدليل الأول: قالوا: إن جواز البيع مع شرط الخيار في الأصل، ثبت معدولاً به عن القياس، لأنه شرط يخالف مقتضى العقد بثبوت الحكم للحال، وشرط الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم، ومثل هذا الحكم مفسد للعقد في الأصل، إلا أنا عرفنا جوازه بالنص، فيبقى على ما ورد وهو ثلاثة أيام ولا يُخرج به عن النص(37).
وأجيب: بأن هذا الاستدلال مبني على أن الشرط المقترن بالعقد مما فيه منفعة للمتعاقدين شرط يخالف مقتضى العقد، وأن شرط الخيار مثله، ونحن لا نسلم بأن الشرط المقترن بالعقد يخالف مقتضى العقد.
الدليل الثاني: قالوا: ولأن الخيار في البيع في أصله غرر، وإنما جوّزته السنة لحاجة الناس إلى ذلك، لأن المبتاع قد لا يجيز ما ابتاع، فيحتاج إلى أن يختبره ويعلم إن كان يصلح له أم لا؟ وهل كان يساوي الثمن الذي ابتاعه به؟ ونحو ذلك، فجعل له الخيار رفقاً به، وفي الخيار بلا تحديد مدة جهالة فاحشة، وقد "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر"(38)(39).
الدليل الثالث: قالوا: ولأن اشتراط الخيار أبداً يقتضي المنع من التصرف على الأبد، وهذا ينافي مقتضى العقد، فلا يصح كما لو قال: بعتك بشرط ألا تتصرف(40).
وأجيب: بأن الراجح أن المِلْك زمن الخيار للمشتري، وعلى هذا يجوز له التصرف بالمبيع إذا كان له الخيار(41)، وقولكم هذا بناء على رأي رأيتموه في المسألة، ولا يلزم الخصم بذلك، لأنه يرى خلاف رأيكم ثم إن امتناع التصرف فيما لو كان الخير لهما أو للبائع، أما إذا كان للمشتري فيجوز، ويكون تصرفه بالبيع أو الهبة دليلاً على قبوله البيع وتركه لشرط خياره.
الدليل الرابع: ودليل الحنفية على ما ذهبوا إليه من صحة العقد، إن وقع البيع في ثلاثة الأيام التي تلي العقد أو أسقط الشرط.
قال: لأنه بإسقاط الخيار المخالف أصلاً، أو المدة الزائدة عن ثلاثة الأيام، يصير الشرط الفاسد كأن لم يكن في الأصل، ولأنه تبين بالإسقاط أنه ما شرط الخيار إلا إلى هذا الوقت، ولأن المفسد ليس هو شرط الخيار، بل وصله باليوم الرابع، وهو يعرض الفصل قبل مجيئه، فإذا أسقطه فقد تحقق زوال النهي المفسد قبل مجيئه، فالفساد ليس في صلب العقد(42).
المناقشة: نوقش هذا الاستدلال:
فقالوا: بأن قولكم مبني على أن المفسد ليس هو الشرط، بل وصله باليوم الرابع الزائد عن الثلاثة الأيام، وهذا لا يصح، فإن المُفْسد هو الشرط، وهو مقترن بالعقد، ولأن العقد لا يخلو من أن يكون صحيحاً أو فاسداً، فإن كان صحيحاً مع الشرط لم يفسد بوجود ما شرطاه فيه، وإن كان فاسداً لم ينقلب صحيحاً، كما لو باع درهماً بدرهمين ثم حذف أحدهما(43).
ثانياً: دليل أصحاب القول الثاني:
قالوا: إن المفهوم من الخيار والقصد منه هو اختيار المبيع، وإذا كان ذلك كذلك وجب أن يكون ذلك محدوداً بزمان إمكان اختيار المبيع، وذلك يختلف بحسب المبيع، فكأن النص إنما ورد تنبيهاً على هذا المعنى، فهو من باب الخاص الذي أريد به العام(44).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن قولكم: يرد إلى العادة لا يصح، فإنه لا عادة يُرجع إليها في الخيار(45) ومن شرط اعتبار العمل بالعادة أو بالعُرف، أن تكون مطردة أو غالبة بمعنى أنها شائعة مستفيضة بحيث يعرفها جميع الناس في البلاد كلها، أو في الإقليم الخاص، أو بين أصحاب المسلك، أو الحرفة المهنية، ومعنى معرفتها للناس، كما يقول بعض رجال القانون: أن يتبعها الأفراد المعنيون بها، فلا يلتزمونها حيناً ويهملونها حيناً آخر(46).
الوجه الثاني: أن العمل بالعادة والعرف إنما يكون حجة إذا لم يكن مخالفاً لنص أو شرط لأحد العاقدين(47)، فإذا كان العرف والعادة بين الناس على العمل باختيار المبيع على مدة محددة، فإن اشترط أحدهما على أن له الخيار متى ما أراد، يعد شرطاً مخالفاً للعادة والعرف فلا عبرة بهذا العرف، وعُمل بهذا الاتفاق والشرط.
وأما دليل أبي العباس رحمه الله من أن العاقدين أو أحدهما إن اشترطا الخيار من غير تحديد مدة معلومة، فإن العقد يصح، ويثبت الخيار إلى ثلاثة أيام فقط، فهو ما روى ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رجلاً من الأنصار، وكانت بلسانه لوثة يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يُغْبَن في البيع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بايعت فقل: (لا خلابة) ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فاردد"(48).
وجه الدلالة من الحديث:
هو أن لفظة "لا خلابة" في الحديث عبارة عن اشتراط الخيار ثلاثة أيام لقوله صلى الله عليه وسلم: "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال"، فإذا أطلق المتعاقدان هذه اللفظة أو ما يتضمن معناها من اشتراط الخيار المطلق أو المجهول، فإنهما يردان إلى ثلاثة أيام كما في الحديث السابق(49).
ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال.
بأن يقال: إنما يصلح هذا في حق المتعاقدين اللذين أطلقا هذه اللفظة، أو ما يتضمن معناها، وهما عالمان بمعناها، فكان المعروف عُرْفاً كالمشروط شرطاً، فإن كانا جاهلين بالحكم لم يثبت الخيار قطعاً – كما يقول النووي –(50) فإذا كان في الجاهل لا يثبت، فالعالم القاصد ما فوق ثلاث الليالي من باب أولى.
ثالثاً: دليل أصحاب القول الثالث:
استدل القائلون بصحة العقد وبطلان الشرط بأدلة أصحاب القول الأول، إلا أنهم قالوا: إن هذه الأدلة دليل على فساد الشرط، لأن فيه جهالة فاحشة، وغرراً كبيراً، إلا أن العقد لا يفسد لأمول:
1 – لحديث عائشة رضي الله عنها في قصة شرائها بريرة، وقد سبق ذكر وجه الدلالة من الحديث، ومناقشته فليراجع.
2  وقالوا: ولأن العقد تم بأركانه، والشرط زائد، فإذا فسد وزال سقط الفاسد، وبقي العقد بركنيه، فصحَّ، كما لو لم يشترط(51).
المناقشة: وناقش المخالفون هذا الاستدلال.
فقالوا: هذا محل نظر، وذلك أن المشتري إنما رضي ببذله الثمن مع الخيار في استرجاعه، والبائع إنما رضي ببذله بهذا الثمن لأجل خيار المشتري في فسخه، فلو صححناه لأزلنا مِلْك كل واحد منهما بغير رضاه، وألزمناه ما لم يرض به، ولأن الشرط يأخذ قسطاً من الثمن، فإذا حذفناه وجب رد ما سقط من الثمن من أجله، وذلك مجهول، فيكون الثمن في الكل مجهولاً، وجهالة الثمن في البيع تفسد العقد(52).
ويمكن الإجابة عن هذه المناقشة:
بأن يقال: إن عدم رضى مَن فاته الشرط الفاسد الذي اشترطه، يمكن تداركه بإثبات الخيار له بالفسخ، ولهذا قالوا: ولمن فاته غرضه بسبب إلغاء الشرط الفسخ(53) وعليه لم نُزِل ملك كل واحد منهما عنه بغير رضاه.
رابعاً: دليل أصحاب القول الرابع:
استدل القائلون بصحة العقد مع خيار الشرط المجهول بأدلة منها:
الدليل الأول: عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرّم حلالاً، أو أحلَّ حراماً"(54).
وجه الدلالة من الحديث:
قالوا: إن مثل هذه الشروط التي يشترطها المتعاقدان أو أحدهما، ليست محرّمة؛ لأنها لا تخالف نصاً من قرآن ولا سنة، فتكون جائزة، وما اشترط المتعاقدان إلا لأنه يعود عليهما بالنفع والفائدة، والأصل في الشروط الصحة.
المناقشة: ونوقش هذا الاستدلال من وجوه.
الوجه الأول: قالوا: إن الحديث ضعيف، لأن في سنده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، قال فيه الإمام أحمد: منكر الحديث ليس بشيء_55) وقال الشافعي: ذاك أحد الكذّابين، أو أحد أركان الكذب(56).
وأجيب: بأن الترمذي قد صحح هذا الحديث، وقال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله عند الكلام على هذا الحديث وأسانيده وما يعضده من الأحاديث: "وهذه الأسانيد، وإن كان الواحد منها ضعيفاً، فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضاً"(57)، وليس كلام بعض الأئمة حجة على كلام بعض.
وأجيب: عن هذا الاعتراض، بأن الرجل إنما يُقبل فيه اختلاف الأئمة في تعديله وتجريحه إذا كان غير متهم بالكذب – أو ليس بكذاب – وكثير بن عبد الله قد اتهمه الأئمة بالكذب، فقال الشافعي وأبو داود: "ركن من أركان الكذب(58)، وقال أبو زرعة الرازي: أحاديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده واهية(59)، بل قال ابن عبد البر رحمه الله في كثير هذا: "مجمع على ضعفه"(60).
وأما تصحيح الترمذي لحديث كثير فقد نوقش في تصحيحه، واتهم بالتساهل في التصحيح لأجله.
قال الذهبي رحمه الله: "وأما الترمذي فروي من حديثه، الصلح جائز بين المسلمين وصححه، فلهذا لا يعتمد على تصحيح الترمذي"(61).
وقد اعتذر الحافظ ابن حجر للترمذي في تصحيحه لحديث كثير بقوله: "وكأنه اعتبر بكثرة طرقه"(62).
الوجه الثاني: أن الحديث لو صحَّ، فليس دليلاً على صحة شرط الخيار المجهول، لأنه غرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر، فيكون الحديث لو صحَّ دليلاً على منع هذا الشرط، لا تجويزه.
الدليل الثاني: أن الناس محتاجون إلى مثل هذه البيوع بشروطها، والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع لأجل نوع من الغرر، بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك كما أباح بيع الثمار قبل بدو صلاحها مبقاة إلى الجذاذ(63).
المناقشة: ويمكن مناقشة هذا الاستدلال بأن يقال: نحن نسلم بأن ما يحتاج إليه الناس من البيوع لا ينبغي أن يحرم عليهم لأجل نوع من الغرر اليسير، لكن ما الحيلة إذا كانت مثل هذه البيوع يحصل فيها غرر كثير، ومنازعات ومخاصمات لأجل عدم تحديد هذا الخيار؟ ولربما تغير سعر السلعة، إلى أقل ما كانت عليه وقت إبرام العقد بينهما.
الراجح: بعد عرض الأقوال والأدلة ومناقشتها، يتبين – والله تبارك وتعالى أعلم – أن الأظهر هو القول الثالث القاضي بصحة العقد وبطلان الشرط، ولمن فاته غرضه بسبب إلغاء الشرط الفسخ، إلا أنه لا بد من بيان أن من الواضح أن مشترط خيار الشرط المطلق أو المجهول هو المشتري، فلو أبرم مع البائع سلعة، واشترط الخيار من غير تحديد مدة، ثم جاء يطلب الفسخ بعدما تغير سعر السلعة، أو كسدت، أو رغب عنها الناس مثلاً وطالت المدة طولاً يتغير معها المبيع، فلو قلنا بصحة العقد وبطلان الشرط، ولمن فاته غرضه بسبب إلغاء الشرط الفسخ بناء على القول الثالث، لكان الشرط حاصلاً للمشتري، إما بإعمال الشرط، وإما بإعمال القيد وهو قولهم: "ولمن فات غرضه بسبب إلغاء الشرط الفسخ"، ولهذا أرى – والله أعلم – أن هذا القيد ليس على إطلاقه، بل يقال: إذا كانت المدة قريبة عرفاً لا يتغير بها المبيع ولا يتضرر بذلك البائع ضرراً غير مستساغ شرعاً، فإنه يُعمل بهذا القيد، وإلا فيصحح العقد ويُبْطل الشرط، لأن دعوى ضرر المشتري بإلغاء الشرط ليس بأولى من ضرر البائع بفسخ العقد، والقاعدة الفقهية تقول: "الضرر لا يزال بمثله"(64)، مع أن الراجح كما سبق أن المِلك زمن الخيار إنما هو للمشتري، والخراج بالضمان(65).
المطلب الثالث: مدة خيار الشرط.
اختلف أهل العلم الذين قالوا بجواز خيار الشرط في مدته على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه ثلاثة أيام ولا يجوز أكثر من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة(66)، والشافعي(67)، والأوزاعي(68)، وابن شبرمة(69)، وزفر من الحنفية(70) رحمهم الله جميعاً.
القول الثاني: أنه يُقدّر بقدر الحاجة إلى اختلاف المبيعات، وذلك يتفاوت بتفاوت المبيعات، ففي الثوب يكون خيار الشرط اليوم واليومين، وفي اختيار الدار يكون شهراً ونحوه، ولا يجوز الخيار الطويل الذي فيه فضل عن اختيار المبيع، وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله(71).
القول الثالث: يجوز اشتراط الخيار إلى مدة معلومة يتفقان عليها قلّت هذه المدة أو كثرت، وهذا مذهب الحنابلة(72) وقال به أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية(73).
الأدلة: استدل أصحاب القول الأول والثاني بأدلة سبق أن ذكرناها وناقشناها في هذا البحث نكتفي بالإحالة إليها – خشية الإطالة – فلتراجع.
والراجح: هو القول الثالث، لأمور:
1 – أن الأصل في الشروط الصحة واللزوم، ما لم يأت نص يحرم، ومثل هذه الشروط مما وسّع الله فيه على المتعاقدين.
2 – وأنه إذا جاز خيار الشرط ثلاثة أيام، جاز ما زاد على ذلك، لأن الحكمة في شرعيته وجوازه حاجة الناس إلى ذلك، لأن المبتاع قد لا يجيز ما ابتاع فيحتاج إلى أن يختبره، ويعلم إن كان يصلح له أم لا، وقد يحتاج في ذلك إلى رأي غيره، فيستشيره، فجعل له الخيار رفقاً به، وإذا كان ذلك كذلك، فلربما لا يعلم مدى صلاحية المبتاع إلا بعد مضي ثلاث ليال، وتحديد ذلك بمدة محدودة لا يجوز تجاوزها، يحتاج معه إلى نص صريح يعول عليه، ولا دليل.
3 – ولأن هذه مدة ملحقة بالعقد، فكانت إلى تقدير المتعاقدين كالتأجيل(74).
المطلب الرابع: حكم اشتراط الخيار في أحدهما لا بعينه.
يلجأ الناس في عقد التصريف إلى اشتراط الخيار في أحد الأعيان المبيعة لا بعينه، لأن المشتري في أحيان كثيرة لا يستطيع تصريف كل ما ابتاعه، فهل يحق له أن يرجع على البائع لأجل شرط الخيار، في بعض المبيع دون بعض، أم الخيار إنما هو لجميع الصفقة؟ وسواء اشترط ذلك أم لم يشترط؟
المسألة محل خلاف بين أهل العلم على قولين:
القول الأول: أن شرط الخيار في أحدهما لا بعينه، شرط فاسد يفسد العقد، وهذا مذهب الحنفية(75)، والشافعية(76)، ورواية عن أحمد (77)، إلا الحنفية فقد خصّوا الفساد بأن يكون المبيعان قيميين، فإن كانا مثليين، جاز(78).
ومع أن الحنفية(79) منعوا ذلك إذا لم يعين المبيع المردود بالخيار، أو لم يُفصّل الثمن على كل واحد منها فإنهم جوّزوا المثلي استحساناً بشرط ألا يزيد على الثلاثة.
القول الثاني: أنه يجوز أن يشترط الخيار في أحدهما إذا فصّل ثمن كل واحد من المبيع، وهذا مذهب المالكية(80) ويمكن أن يقال: وهو مذهب الحنفية في المثليات(81).
القول الثالث: يبطل الشرط ويصح العقد، وهذا هو المذهب عند الحنابلة رحمهم الله(82).
الأدلة:
أولاً: أدلة القول الأول:
استدل القائلون بفساد الشرط والعقد بما يلي:
1 – قالوا: لأن المبيع مجهول، لأن المبيع أحد السلعتين وهي متفاوتة في نفسها، وجهالة المبيع فيما يتفاوت يمنع صحة العقد(83).
2 – قالوا: ولأنه يفضي إلى التنازع والاختلاف، وربما طلب كل واحد من المتعاقدين ضد ما يطلبه الآخر، ويدعي أنني المستحق للخيار، أو يطلب من له الخيار رد أحد المبيعين، ويقول الآخر: ليس هذا الذي شرطتُ لك الخيار فيه(84).
ثانياً: أدلة أصحاب القول الثاني:
استدل المالكية القائلون بجواز مثل هذا الشرط.
1 – قالوا: لأنه بمنزلة ما لو بعت أحدهما وأخرت الآخر إلى آخر مدة الخيار بالثمن المعلوم(85) والجهالة هنا غير مؤثرة، لأن الغرر فيها يسير، والحاجة إليها ماسة، "فقد يشتري الإنسان لعياله ثوباً، ولا يعجبه أن يحمل عياله إلى السوق، ولا يرضى البائع بالتسليم إليه ليحمله إلى عياله بغير عقد، فيحتاج إلى مباشرة العقد بهذه الصفة"(86).
2 – ولأن المبيع هنا ليست جهالته جهالة كبيرة لأن الصفة والقيمة هنا معلومة، وتفاوت المبيع مع العلم بالصفة والقيمة، يُعدُّ يسيراً كمبيع الموصوف في الذمة.
3 – ولأن غالب سلع الناس في أسواقهم بمثابة المثليات، التي تتماثل آحادها أو أجزاؤها، بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض، دون فرق يعتد به، فإذا اشترى ملابس أطفال واشترط الخيار شهرين أو ثلاثة مثالاً، وأراد أن يعيد بعض المبيع قبل مضي المدة، فإن تلك المنسوجات لا تختلف في الغالب، ويحتاج الناس إلى مثل ذلك، ومعلوم أن الضرر على الناس بتحريم هذه المعاملات، أشد عليهم مما قد يتخوف فيها من تباغض، أو أكل مال بالباطل، والشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا عارضها حاجة راجحة أبيح المحرم، فكيف إذا كانت المفسدة منتفية(87).
ثالثاً: دليل أصحاب القول الثالث:
استدل الحنابلة على فساد الشرط بمثل أدلة أصحاب القول الأول، إلا أنهم قالوا: إن فساد الشرط لا يلزم منه فساد العقد لأدلة ذكرناها أكثر من مرة، فأغنى عن إعادتها.
الراجح: والراجح – والله أعلم – هو القول الثاني القاضي بصحة هذا الشرط والعقد، لقوة أدلتهم ورجاحتها على أدلة القولين.
المبحث الرابع: حكم التفويض بالبيع بثمن معلوم مع إعطاء المفوَّض ما زاد عليه.
مثال هذه الصورة هو أن يقول صاحب السلعة أو السلع لبعض أصحاب المحلات: بع هذه السلعة بكذا "بمائة مثلاً" وما زاد فهو لك، بحيث تكون الأجرة ما زاد على المسمى من ثمن المبيع.
ومثلها في الحكم ما لو قال: بع السلعة بعشرة، وما زاد فهو بيني وبينك، بحيث تكون أجرة السمسار، بجزء مما زاد عن المسمى.
وقد اختلف أهل العلم في حكم هذه الصورة على قولين:
القول الأول: عدم الصحة ولا يستحق المفوَّض "السمسار" إلا أجرة المثل، وهذا مذهب الحنفية(88)، والمالكية(89)، ونسبه ابن قدامة للشافعي(90)، ونسبه ابن حجر للجمهور(91)، وهو قول إبراهيم النخعي(92)، والحسن البصري(93)، وطاووس(94) وغيرهم من السلف.
القول الثاني: أنها تصح.
وهذا مذهب ابن عباس(95) رضي الله عنه، وابن سيرين وعطاء وشريح والشعبي(96)، وهو مذهب الحنابلة(97) وإسحاق بن راهوية(98).
الأدلة:
أولاً: أدلة القول الأول:
استدل القائلون بالمنع، بقولهم:
إن الأجر مجهول، لأنه يحتمل الوجود والعدم، ولأنه إن باع بأكثر كان له أجر وهو مختلف لا يعلم قدره، وإن باع بنفس القيمة فلا أجر له(99)، ومن شروط الإجارة معرفة الثمن قدراً وجنساً وصفة(100).
ثانياً: أدلة القول الثاني، استدل القائلون بالجواز بما يلي:
1 – ما رواه عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما "أنه كان لا يرى بأساً أن يعطي الرجلُ الرجلَ الثوب، فيوق: بعه بكذا وكذا، فما ازددت فلك"(101).
وجه الدلالة: أن هذا قول صحابي ولا يُعرف له في عصره مخالف(102).
2 – ولأنها تنمَّى بالعمل فيها وهو البيع، أشبه دفع مال المضاربة، فالمضارب إن حصل على ربح بعد عمله استحقه بما شرطاه، وإن لم يحصل على ربح، فليس له شيء، فكذلك هنا(103).
الراجح: يظهر – والله أعلم – أن سبب الخلاف في توصيف هذه الصورة، فمن وصفها على أنها إجارة، لم يصححها، لأن من شروط الإجارة معرفة الثمن، وأما مَنع وصفها على أنها جعالة أو وكالة فقد اختلفوا أيضاً بناء على اختلافهم في صحة الجعالة، مع جهالة الجُعْل، وعدم معرفته(104).
والأقرب – والله أعلم – أن هذه الصورة إلى الجعالة والوكالة، أقرب منها إلى الإجارة، لأنها سمسرة مقدرة بالعمل، وليس من شروط الجعالة أن يكون العمل المجعول فيه معلوماً، فيجوز في المعلوم والمجهول(105)، ووجه كونها وكالة، أن صاحب السلعة يوكل أصحاب المحلات، أو يفوِّضهم بإجراء العقد، على أن الوكالة إذا كانت على عوض فإنها تفقد هذا الاستدلال، وترجع إلى عقود أخرى عند بعض أهل العلم، لأن العوض فيها قد يكون أجرة، أو يكون جُعْلاً، فإن كان أجرة رجعت إلى الإجارة، وإن كان جعلاً رجعت إلى الجعالة(106).
والأقرب أيضاً صحة الجعالة مع الجهل بالعوض، إذا كان الجهل لا يمنع التسليم، وهذا وجه عند الحنابلة(107) ولعل قول ابن عباس رضي الله عنهما في مسألتنا يقوي هذا القول.
والراجح في هذه المسألة الجواز لأمور:
1 – أن الناس محتاجون إلى مثل هذا التعامل، لتشجيع منتجات أصحاب ومُلاّك السلع، والجهالة والغرر مغتفران، يؤيد ذلك اغتفارهم في عقد الجعالة جهالة العمل لحاجة الناس لذلك، مع أن جهالة العمل ربما تكون أكثر من جهالة العوض إذا كان لا يمنع التسليم، ولا أدلّ على احتياجهم إلى مثل هذه الصورة من وجودها في عهد الصحابة إلى يومنا هذا.
2 – وقد ورد اغتفار الغرر في عدد من عقود منافع الأبدان كالمساقاة والمزارعة، وما يخشى من النزاع فيما لو زاد الثمن على البيع كثيراً، كأن يبيع بمقدار الثمن المسمى أضعافاً، فهذا دليل على جشع وأنانية صاحب السلعة، لأنه اتفق معه على ذلك، والمسلمون على شروطهم، ثم إنه ليس كل ما يخشى منه النزاع والاختلاف يُمنع، لأن ذلك ربما يكون من أسباب ضعف الوازع الديني وعدم احترام الاتفاقيات والعهود، والضرر على الناس بتحريم هذه المعاملات أشد عليهم مما يد يُتخوّف فيها من تباغض، أو أكل مال بالباطل، لأن الغرر فيها يسير(108).
أما لو قال: بع هذه السلعة بكذا (بمائة مثلاً) ولك عشرة، بأن تكون الأجرة بمبلغ معين قدراً ونوعاً فهذا جائز عند عامة أهل العلم(109) إلا الحنفية رحمهم الله فإنهم قالوا: لا يستحق المسمى وإنما يستحق أجر المثل(110) وهذا مبني على عدم صحة استئجار الدلال على العمل(111) وأنه إذا استأجره يكون العقد فاسداً، وللدلالة أجرة المثل وهم بناء على أصلهم في منع عقد الجعالة.
الخاتمة:
وفي نهاية هذا البحث أسجل أهم ما توصلت إليه من خلال دراسة مباحثه ومطالبه وفروعه وهي:
1 – أن عقد التصريف له أربع صور وهي:
أ – الصور الأولى: البيع مع الشرط التقييدي المقترن بالعقد.
والمراد بالشرط التقييدي ما يضعه الناس بعضهم على بعض في عقودهم، وتصرفاتهم من التزامات زائدة تعدل آثار العقد، أو التصرف.
ب – الصورة الثانية: البيع مع الشرط التعليقي في المستقبل.
والشرط التعليقي في عقد البيع – ويُعَبَّر عنه عند الفقهاء بتعليق البيع على شرط – هو من صور الإيجاب في عقد البيع، وهو ضد العقد المنجَّز.
3 – ويحصل التعليق في عقد التصريف بأحد أمرين:
الأول: بأداة من أدوات الشرط، مثال ذلك: أن يقول المشتري إن بعت السلعة وصرفتها وإلا فلا بيع بيننا، أو يقول: اشتريت السلعة إن استطعت بيعها أو تصريفها، وإلا فلا بيع بيننا.
فربط المشتري حصول البيع الأول بحصول البيع والتصريف على الغير بأداة من أدوات الشرط وهي (إن).
الثاني: دلالة سياق الكلام، كأن يقول البائع للمشتري: البضاعة أو السلع التي لم تصرِّفها وتبعها على الغير فهي لي أو هي غير مبيعة.
4 – من أهم الفروق بين الصورة الأولى (صورة البيع مع الشرط التقييدي المقترن بالعقد) وصورة البيع مع الشرط التعليقي في العقد:
1 – أن تعليق البيع على الشرط لا بد فيه من أداة من أدوات الشرط كـ(إنْ) أو إحدى أخواتها، بخلاف الشرط في البيع فيستخدم فيه "على أن" أو "بشرط إن".
2 – أن البيع المعلّق على شرط لا ينعقد قبل وقوع الشرط المعلق عليه فيكون أصل العقد غير المنجَّز موقوفاً إلى حين حصول الشرط المعلق عليه، فقول المشتري: إن بعت السلعة وصرفتها وإلا فلا بيع بيننا، قد علق عقد البيع مع البائع إلى حين حصول جملة الشرط وهي بيع السلعة وتصريفها.
أما الشرط مع البيع، فإنه يتم ويوجد العقد، وتترتب عليه أحكامه وآثاره منذ صدور صيغته.
3 – أن التعليق في البيع لا عمل له في آثار العقد وأحكامه المستقبلية، فعند تحقق الشرط الذي علق عليه العقد يصبح العقد كأنه لم يكن به شرط، وينتج جميع آثاره وأحكامه.
أما الشرط في البيع فإن عمله يكون في آثار العقد وأحكامه، ويكون عمل هذا الشرط إما تقييد الأحكام والآثار، بعد أن كان العاقد له الحرية في التصرف في المبيع، كما لو شرط البائع سكنى الدار المبيعة شهراً، أو ركوب الدابة إلى مكان معين، أو يكون عمل الشرط توكيد وتوثيق ما يقتضيه العقد من الوفاء بالمعقود عليه، كما لو شرط البائع بالثمن المؤجل رهناً أو كفيلاً، أو زيادة بعض الأمور التي لا يقتضيها العقد مثل شراء الحطب بشرط تكسيره.
5 – الصورة الثالثة: البيع مع خيار الشرط.
ومثال هذه الصورة التي يتم تداولها بين الناس: أن يتبايع المتعاقدان سلعة، على أن يكون للمشتري الخيار في ردها أو رد بعضها، وبعضهم يحدد وقتاً لهذا الخيار، أسبوعاً أو أكثر ليقوم بتصريف السلعة أو البضاعة، فإن استطاع وإلا ردها.
وبعضهم يحدد وقتاً غير منضبط كأن يقول: اشتريت البضاعة ولي الخيار في رد المبيع أو بعضه إلى نهاية الموسم.
وبعضهم لا يحدد وقتاً ويجعل الخيار بلا مدة معلومة، كأن يقول اشتريت على أن لي الخيار في رد المبيع أو بعضه.
6 – الصورة الرابعة: التفويض بالبيع بثمن معلوم مع إعطاء المُفوض ما زاد عليه.
ومثال هذه الصورة: أن يقول البائع لبعض أصحاب المحلات بع هذه المبيع بمائة وما زاد فهو لك، وهذه الصورة من أكثر الصور تعاملاً في عقد التصريف بعد الصورة الأولى، وتكثر عند الوكلاء الموزعين المعتمدين لعلامة تجارية في منطقة من مناطق العالم، أو لبعض محلات السجاد بحيث يرغب أصحاب العلامات التجارية تسويق منتجاتهم، فيطلبون من بعض المحلات بيع منتجاتهم بهذه الطريقة.
7 – أن القول الراجح في حكم البيع مع الشرط التقييدي هو القول الثالث القاضي بصحة العقد والشرط، لكن لا بد من إضافة قيد أراه من الأهمية بمكان، وهو أن يقيد هذا الشرط بزمن معلوم.
8 – أن القول الراجح في حكم البيع مع الشرط التعليقي في المستقبل هو صحة العقد، إذا كان في ذلك منفعة للناس، ولم يكن متضمناً ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه.
9 – مشروعية خيار الشرط، وعدم منافاته للعقد، وقد حكى بعضهم الإجماع على جواز ذلك.
10 – أنه إذا قال المشتري: اشتريت منك هذه السلعة على أن الخيار لي في رد المبيع من غير تحديد أمد معين، كأن يشترطا الخيار أبداً، أو متى شئنا، أو شاء المشتري، أو يقول: ولي الخسار، ولا يذكر مدته أو شرطاه إلى مدة لا يعلم وقت تحققها كقدوم زيد أو زوال الموسم فقد اختلف أهل العلم في حكم الشرط والعقد على أقوال أرجحها القول الثالث القاضي بصحة العقد وبطلان الشرط، ولمن فاته غرضه بسبب إلغاء الشرط الفسخ، إلا أن هذا القيد ليس على إطلاقه، بل يقال: إذا كانت المدة قريبة عُرفاً، لا يتغير بها المبيع ولا يتضرر بذلك البائع ضرراً غير مستساغ شرعاً، فإنه يُعمل بهذا القيد، وإلا فيصحح العقد ويبطل الشرط، لأن دعوى ضرر المشتري بإلغاء الشرط ليس بأولى من ضرر البائع بفسخ العقد، والقاعدة الفقهية تقول: "الضرر لا يزال بمثله" مع أن الراجح كما سبق أن المِلْك زمن الخيار إنما هو للمشتري والخراج بالضمان.
11 – اختلف أهل العلم الذين قالوا بجواز خيار الشرط في مدته على ثلاثة أقوال أرجحها القول الثالث القاضي بجواز اشتراط الخيار إلى مدة معلومة يتفقان عليها قلّت هذه المدة أو كثرت.
12 – اختلاف أهل العلم في حكم اشتراط الخيار في أحدهما لا بعينه، هل يحق له أن يرجع على البائع لأجل شرط الخيار في بعض المبيع دون بعض؟ أم الخيار إنما هو لجميع الصفقة؟ وسواء اشتراط ذلك أم لم يشترط، والراجح هو القول الثاني: أنه يجوز أن يشترط الخيار في أحدهما إذا فصّل ثمن كل واحد من المبيع.
13 – أن الراجح في حكم التفويض بالبيع بثمن معلوم مع إعطاء المفوَّض ما زاد عليه هو الصحة وهو قول ابن عباس ولا يُعرف له في عصره مخالف.
14 – أنه أما لو قال: بع هذه السلعة بكذا (بمائة مثلاً) ولك عشرة، بأن تكون الأجرة بمبلغ معين قدراً ونوعاً فهذا جائز عند عامة أهل العلم رحمهم الله جميعاً.
.
__________________
(1) ينظر: إعلام الموقعين 3/387.
(2) ينظر: الجامع لأحكام القرآن 13/272.
(3) ينظر: الاختيارات للبعلي ص 125.
(4) ينظر: الجامع لأحكام القرآن 13/274.
(5) أخرجه البخاري في صحيحه معلقاً، كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة بالشرط ونحوه 2/820، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار من كتاب المزارعة والمساقاة 4/114، وكذا البيهقي في السنن الكبرى، كتاب المزارعة، باب من أباح المزارعة بجزء معلوم مشاع 6/135، كلاهما موصولاً، والحديث إسناده صحيح.
(6) ذكره البخاري في صحيحه تعليقاً، كتاب الخصومات، باب الربط والحبس في الحرم 2/853، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع دور مكة وكرائها 6/34، وابن حزم في المحلى 7/260.
(7) ينظر: إعلام الموقعين 3/388.
(8) ينظر: إعلام الموقعين 3/387، القواعد النورانية، ص 155.
(9) ينظر: قاعدة في العقود ص 227، وراجع سبب ترجيح القول بجواز البيع بشرط التصرف، فإنها تصلح أن تكون من أسباب ترجيح جواز التعليق في العقود.
(10) ينظر: مطالب أولي النهى 3/78.
(11) ينظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع 8/250، ط. دار ابن الجوزي.
(12) ينظر: المبسوط 13/38، تبيين الحقائق 4/14، المنتقى للباجي 5/55-56، مواهب الجليل 4/409، الأم 7/105-106، أسنى المطالب 2/50، المجموع 9/233، المغني 6/38، الإنصاف 4/372.
(13) ينظر: المجموع 9/233.
(14) ينظر: فتح القدير 6/300، وابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع 2/213.
(15) ينظر: المحلى 7/260.
(16) ينظر: المحلى لابن حزم 7/316-317.
(17) ينظر: بداية المجتهد 3/399، المحلى 7/264.
(18) ينظر: المراجع السابقة.
(19) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب البيوع، باب ما يكون من الخداع في البيوع 2/745، ومسلم في صحيحه كتاب البيوع، باب من يخدع في البيع 3/1165.
(20) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب النهي للبائع ألا يحفل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة 2/755، ومسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم النجش وتحريم التصرية 3/1155.
(21) أخرجه أبو داود في سننه كتاب البيوع، باب من اشترى مصراة فكرهها 3/271، والنسائي في المجتبى، كتاب البيوع، باب النهي عن المصراة 7/254، واللفظ له، وحديث أبي داود رواه ابن عمر وفي سنده جميع بن عمير، فيه ضعف، وإسناد النسائي جيد، ينظر: تحفة المحتاج 3/231، التلخيص الحبير 3/23.
(22) ينظر: الأم للشافعي 7/106.
(23) سبق تخريجه.
(24) ينظر: المحلى 7/270.
(25) ينظر: بدائع الصنائع 5/174، الفتاوى الهندية 3/38-39.
(26) ينظر: روضة الطالبين 3/444-445، المجموع 9/191، أسنى المطالب 2/50-51.
(27) ينتظر: المغني 6/43، الإنصاف 4/373، الشرح الكبير 11/287.
(28) ينظر: بدائع الصنائع 5/303، 305، تبيين الحقائق 3/113.
(29) ينظر: المبسوط 13/42، بدائع الصنائع 5/174، 178.
(30) ينظر: المقدمات لابن رشد 5/420، مع المدونة، بداية المجتهد 3/401.
(31) ينظر: الاختيارات لعلاء الدين البعلي ص 125.
(32) ينظر: كشاف القناع في شرح الإقناع 3/202-203، الشرح الكبير 11/288.
(33) ينظر: المغني 6/43، الشرح الكبير 11/287.
(34) ينظر: المغني 6/43، الشرح الكبير 11/287، شرح الزركشي 3/404.
(35) ينظر: المغني 6/43.
(36) ينظر: بداية المجتهد 3/401.
(37) ينظر: بدائع الصنائع للكاساني 5/174، المجموع 9/191، المبسوط 13/40-41.
(38) سبق تخريجه.
(39) ينظر: المقدمات لابن رشد مع المدونة 5/418، أسنى المطالب 2/50-51، المغني 6/43.
(40) ينظر: المغني 6/43، الشرح الكبير 11/287.
(41) ينظر: المبدع 4/71، روضة الطالبين 3/448.
(42) ينظر: بدائع الصنائع 5/178، فتح القدير 6/303، وبعض الحنفية كالكرخي يرى أن البيع هنا مع شرط فاسد كالعقد الموقوف، فإن أسقط الشرط أو أمضيا العقد قبل انتهاء ثلاثة الأيام صح العقد، ينظر: المراجع السابقة.
(43) ينظر: المغني 6/43.
(44) ينظر: المقدمات لابن رشد 5/418 مع المدونة، بداية المجتهد 3/402.
(45) ينظر: المغني 6/43.
(46) ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي، ص 94، قاعدة العادة محكمة "دراسة نظرية تطبيقية" د. يعقوب الباحسين، ص 63-64.
(47) ينظر: درر الحكام 1/62.
(48) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب البيوع، باب الدليل على أنه لا يجوز شرط الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام 5/273، وكذا الدارقطني في سننه 3/55، ونحوه عند الإمام أحمد في المسند 10/283، والحميدي في مسنده في الحديث 6622، وغيرهم كلهم من طريق محمد بن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر به، ومحمد بن إسحاق حسن الحديث إذا صرح بالسماع، وقد صرح بالسماع هنا، فالحديث إسناده جيد، ينظر: التلخيص الحبير 3/12.
(49) ينظر: المجموع 9/224.
(50) ينظر: المرجع السابق.
(51) ينظر: المغني 6/44، الشرح الكبير 11/288.
(52) ينظر: المصدران السابقان.
(53) ينظر: كشاف القناع 3/203.
(54) أخرجه الترمذي في جامعه، كتاب الحكام، باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح 3/634، وأخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الأحكام، باب الصلح 2/788، كلهم من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج نحوه أبو داود من طريق آخر عن أبي هريرة، كتاب البيوع، باب الصلح 3/304، وفي سنده الوليد بن رباح.
(55) ينظر: موسوعة أقوال الإمام أحمد في رجال الحديث وعلله 3/197، دار عالم الكتب.
(56) ينظر: تهذيب التهذيب 3/462.
(57) ينظر: مجموع الفتاوى 29/147.
(58) ينظر: ميزان الاعتدال 3/407.
(59) ينظر: الجامع في الجرح والتعديل 2/405.
(60) ينظر: تهذيب التهذيب 3/463.
(61) ينظر: ميزان الاعتدال 3/407.
(62) ينظر: بلوغ المرام من أدلة الأحكام، ص 183، ط. مؤسسة الكتب الثقافية، تحقيق: محمد حامد الفقي.
(63) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 29/227.
(64) ينظر: الأشباه والنظائر لابن السبكي 1/41، شرح القواعد الفقهية لأحمد الزرقا، ص 195، مجموع الفتاوى 29/189، 30382.
(65) ينظر: قواطع الأدلة في الأصول للإمام منصور السمعاني 1/194، التمهيد لعبد الرحيم الأسنوي 1/410.
(66) ينظر: بدائع الصنائع 5/174، 178، الفتاوى الهندية 3/38-39، المبسوط 13/40-41.
(67) ينظر: المجموع 9/191، أسنى المطالب 2/50-51.
(68) ينظر: المجموع 9/191.
(69) ينظر: المرجع السابق.
(70) ينظر: بدائع الصنائع 5/174، المبسوط 13/141.
(71) ينظر: بداية المجتهد 3/400-401.
(72) ينظر: المغني 6/38-39، كشاف القناع 3/202.
(73) ينظر: المبسوط 13/41، بدائع الصنائع 8/174.
(74) ينظر: المغني 6/39.
(75) ينظر: المبسوط 13/67-68، تبيين الحقائق 4/20، البحر الرائق 6/23، حاشية ابن عابدين 4/584-585.
(76) ينظر: روضة الطالبين 3/445، الغرر البهية شرح البهجة الوردية 2/430.
(77) ينظر: المغني 6/40، 43، لأنه عندهم إذا فسد الشرط فهل يفسد البيع فيه روايتان.
(78) يراد بالقيمي في الاصطلاح الفقهي: ما اختلف آحاده وتفاوتت أفراده بحيث لا يقوم بعضه مقام بعض، بلا فرق، أو كان من المثليات المتساوية الآحاد التي انعدم نظيرها في السوق، ومن أمثلته: كل الأشياء القائمة على التغارير في النوع أو القيمة أو فيهما معاً كالحيوانات الآحاد من الخيول والإبل والبقر وكذا الدور والمصنوعات اليدوية.
وأما المثلي: فهو ما تماثلت آحاده أو أجزاؤه بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض دون فرق يعتد به، وكان له نظير في السوق، وهو في العادة إما مكيل أو موزن أو مذروع أو معدود، ويدخل في ذلك جميع المصنوعات التي تنتجها المصانع اليوم، ويلتزم فيها بالتوحيد النوعي وعدم تغيير النموذج من الملابس، وأدوات ومحركات السيارات، ينظر: المصباح المنير 2/629، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء، د. نزيه حماد، ص 280-298.
(79) ينظر: المبسوط 13/55، حاشية ابن عابدين 4/584.
(80) ينظر: المدونة 3/208، ونحوه في شرح الخرشي 5/123.
(81) ينظر: حاشية ابن عابدين 4/584.
(82) ينظر: المغني 6/40، كشاف القناع 3/205.
(83) ينظر: المبسوط 13/55، الغرر البهية 2/430، المغني 6/40.
(84) ينظر: المغني 6/40.
(85) ينظر: المدونة 3/208.
(86) ينظر: المبسوط 13/55.
(87) ينظر: القواعد النورانية ص 155.
(88) ينظر: الفتاوى الهندية 4/451 والفتاوى الخانية بهامش الهندية 2/326، عيون المسائل 2/241.
(89) ينظر: المدونة 3/421، حاشية الزرقاني على مختصر خليل 7/9، موجود بحاشية البناني على شرح الزرقاني.
(90) ينظر: المغني 8/71.
(91) ينظر: فتح الباري 4/569.
(92) ينظر: المصنف لعبد الرزاق 8/235.
(93) ينظر: المصنف لابن أبي شيبة 10/582.
(94) ينظر: المرجع السابق.
(95) ينظر: المصنف لابن أبي شيبة 10/582، المغني 8/71.
(96) ينظر: المرجعان السابقان، ففيهما قول هؤلاء السلف وغيرهم.
(97) ينظر: المغني 8/71، مطالب أولي النهى 3/488، شرح منتهى الإرادات 2/204.
(98) ينظر: المغني 8/71.
(99) ينظر: المغني 8/71، فتح الباري 4/569.
(100) وقد حكى الغجماع على ذلك ابن قدامة رحمه الله، ينظر: المغني 8/14، بدائع الصنائع 4/193، البحر الرائق 7/297، شرح مختصر خليل للخرشي 7/3، حواشي الشرواني على تحفة المحتاج في شرح المنهاج 6/121، مطالب أولي النهى للرحيباني 3/587.
(101) أخرجه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم كتاب الإجارة، باب أجرة السمسرة، فتح الباري 4/568، وابن أبي شيبة في المصنف، كتاب البيوع والأقضية 10/581، وإسناده صحيح.
(102) ينظر: المغني 8/71.
(103) ينظر: المغني 8/71، وقد اشترط بعضهم لجواز هذه الصورة أن يعلم الناس في ذلك الوقت أن ثمن السلعة يساوي أكثر مما سمي له حتى يندفع الجهل، ولكن تعقب بأن الجهل بمقدار الأجرة باق، يراجع: فتح الباري 4/569.
(104) شرح مختصر خليل للخرشي 7/76، أسنى المطالب 2/441، الإنصاف 6/390.
(105) ينظر: المقدمات لابن رشد مع المدونة 5/484، التاج والإكليل 7/595، أسنى المطالب 2/440، الإنصاف 6/390.
(106) ينظر: الوساطة التجارية في المعاملات المالية، ص 120.
(107) ينظر: الإنصاف 6/391.
(108) ينظر: القواعد النورانية ص 155.
(109) ينظر: المدونة 3/466، المنتقى للباجي 5/111، كشاف القناع 4/11، مطالب أولي النهى 3/612، وما بعدها.
(110) ينظر: الفتاوى الهندية 4/450.
(111) ينظر: المبسوط 15/115، الفتاوى الهندية 4/441.