27 رجب 1433

السؤال

يا شيخ.. تقدم لأختي شابٌ ملتزم، وأختي في بداية الأمر وافقت عليه، وقالت له قبلت، بشرط أن تترك لنفسها فرصة التعرف عليه هاتفيًا، واشترطت عليه أن لا يكلم الأهل حتى ترى نفسها هل يمكنها أن تكون له كزوجة أم لا؟، لكن الشاب أخبر الأهل، وقد ترك هذا في نفسها شيئًا منه، حيث اتصل على والدي، وأخبره بموافقتها، ووالدي قال ما دام هي وافقت خلاص ما في مشكلة، وربنا يقدم ما فيه الخير.
المشكلة أنها لم توافق عليه بعد، وبعد عدة مكالمات بينهما قالت له إنها لا تستطيع أن تكمل معه، وبدأت تلح عليه أنها لا تستطيع ذلك، لكنه بدأ يصر، ليجبرها على الزواج منه، فذهب واتصل على الوالد، وقال له إن ابنتك أخبرتني أنها لا تستطيع أن تكمل معه، فغضب والدي، وأصر على أنها لن تتزوج إلا ذلك الشاب.
وعلى الرغم من أنها بكت لوالدي؛ إلا أنه حلف بالطلاق أنها لن تتزوج إلا هو، وهي تقول إذا تزوجته سأكون ضحية، وكلمت ذلك الشاب أكثر من مرة، لكنه مُصر على أنه سوف يتزوجها رغمًا عنها، وذلك بموافقة أبي، وقول أبي أنه أعطى كلمة للرجل، ولا يريد أن يكسر كلامه أمام الشاب وأبيه. علمًا بأنها تدرس الطب، وتتبقى لها سنة واحدة على البكالوريوس، وقد أصبحت هذه المشكلة معضلة لها، حيث بدأت تؤثر على دراستها، للأسوأ.
وأنا كان رأيي من بداية الأمر أني كنت رافضاً له، ليس من سلوكه بل لأنه أكبر منها سنًا، بـ15 سنة، كما أني أرى أنه لا يمكن أن تتفاهم معه، لأنها تربت في بيئة مختلفة جدًا عنه، والحاجز بينهما كبير، من حيث العمر، والتعليم، والمشكلة أني حاولت التدخل أكثر من مرة، ووالدي منعني من التدخل، أو التحدث إليه في هذه النقطة، وحذرني إذا تدخلت أنه لن يعفو عني، علمًا بأنني أكبر منها سنًا.
فما هي إفادتكم يا شيخ؛ لأن هذا الموضوع يشغلني كثيرًا، وأصبح هاجسًا بالنسبة لي أيضًا، خصوصًا أني لا أستطيع أن أفعل شيئًا، وهي تبكي بين الفينة والأخرى.. فجزاكم الله خيرًا، أرجو أن تفيدونا.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الحبيب:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
كان حريًا بأختك ألا تبدي له ولا لأبيك أية موافقة على الزواج من هذا الشاب؛ وأن تطلب مهلة للتفكير والاستشارة والاستخارة، وهذا حقها الذي كفله الإسلام لها، وفي هذه الحالة لم يكن بمقدور هذا الشاب أن يجبرها على الزواج منه، لكنها أخطأت بداية عندما أعلنت له موافقتها "المبدئية" على الزواج، وإن كانت قد اشترطت عليه أن يمهلها بعض الوقت؛ لكن أما وأنها تيقنت من أنها لا ترغب في الزواج منه، والارتباط به؛ فإنني أنصح أختك بالآتي:-
1) أن تستعين بالله (عز وجل)، وتطلب منه سبحانه العون والمساعدة، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء في ساعات السحر، بأن يحل لها مشكلتها، وأن يلين لها قلب أبيها.
2) أن تطلب من أبيها أن يؤجل الحديث في هذا الأمر لنهاية العام الدراسي، لتتفرغ لدراستها، خاصة وأنها في السنة النهائية بكلية الطب، وهي كلية عملية تحتاج إلى التفرغ التام والتركيز الشديد.
3) أن توجه كل جهودها وتركيزها للحصول على بكالوريوس الطب، لأنه مستقبلها، ولأنه سيكون نقطة فارقة في حياتها العملية، وسيفتح أمامها أبوابًا للعمل والاستقلال المادي.
4) بعد انتهائها من الدراسة؛ تجلس مع والدها جلسة منفردة؛ تبلغه خلالها بحبها الشديد له، واحترامها لكلمته، وأنه في النهاية أبوها؛ ولا يرضى لها أن تتزوج من إنسان لا ترغب في الارتباط به، خاصة وأنه أكبر منها سنًا، بـ15 عامًا، وأنها تربت في بيئة مختلفة جدًا عنه، وأن الحاجز بينهما كبير، من حيث العمر، والبيئة ومستوى التعليم، وأنها استخارت واستشارت وانتهت إلى أنها لن تتزوج من هذا الشاب.
5) أن تطلب من أمها التدخل في الأمر؛ وتوظيف ما لها من مكانة عند زوجها، وعشرة طويلة، ومعرفة بطريقة التعامل معه، لإقناعه بالاعتذار لوالد هذا الشاب، طالما أن ابنتها لا تريده زوجًا لها، وأنه ليس من مصلتنا أن نرغم ابنتا على الزواج بمن لا ترغب.
6) أن تجتهد في توسيط بعض الأشخاص ممن يحبهم والدها ويحترم رأيهم، ويعرف قدرهم، من أرحامكم (عم/ خال/ قريب)، أو من جيرانكم، أو من أصدقائه المقربين، أو من أهل العلم والدين في الحي الذي تقيمون فيه، لإقناع الوالد بالعدول عن رأيه.
7) ويمكن لأحد هؤلاء الوسطاء أن يعافونه من الحرج، فيقوم الوسيط بإبلاغ هذا الشاب أو والده بأن (الزواج قسمة ونصيب)، وأن الفتاة لاترغب في الزواج منه، وأنه لا يرضى أن يرتبط بإنسانة لا ترغب في الزواج منه.
8) في كل الأحوال؛ احرصي على بر أبيك، ولا تصعدي الخلاف معه، واعلمي أن لكل إنسان (مهما كان) مفتاح شخصية، فابحثي عن مفتاح شخصية أبيك، واعلمي أنك ابنته، وفلذة كبده، وأنه لن يقبل مطلقًا أن يكون سبب تعاستك، أو أن يجبرك على الزواج ممن لا ترغبين، لكنه ربما يشعر بالحرج لأنه أعطى كلمة للرجل، لكن لا بأس أن يرجع الإنسان إلى الحق وأن يغير ما قطعه من أمر إن رأي ما هو أفضل منه، فقد روى أبو هريرة (رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ) أن رَسُول اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قال: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خيرا". (رواه مُسْلِمٌ).
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يختار لك الخير، وأن يلين لك قلب أبيك.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.