أنت هنا

خلاصة القول في حكم الاختلاط
7 شعبان 1431
اللجنة العلمية

 

 

إن علة خطأ المبيحين: أنهم لا يعرفون كيف تبنى الأحكام الشرعية. فالأحكام بناء كبناء البيت، لايكفي جمع مواده ليصلح للسكنى، إنما بمعرفة وضع كل مادة مكانها، هنالك يكون مأوى وملاذا، وعند عامة الناس علم عام بمواضع البناء، من دون إحكام، لا يحكمه إلا المهندس الخبير. كذلك بناء الأحكام الشرعية لا يحكمه إلا العالم الراسخ.

والذين تكلموا في إباحة الاختلاط أبانوا عن جهل بطريق بناء الحكم، بظنهم أن مجرد وقوفهم على نص ظاهره أو حتى باطنه مبيح، يكفي في استخراج حكم بالجواز.
ولو صح ظنهم لكان لازمه الذي لا ينفك، إباحة الخمر حيث إن فيه نصوصا ظاهرها وباطنها جواز شربه، كقصة حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم لما شرب الخمر وصار يقول للجمع، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنتم إلا عبيد أبي".
وإباحة أشياء أخرى فيها مثل ما في الخمر، ولأجله لا يصح – ديانة - لمن لم يعرف الطريق أن يتطفل عليه، حتى يتفقه ويعرف طرق التأويل والاستنباط والقياس، ويتعلم الأصول والقواعد الفقهية، ويحيط بالناسخ والمنسوخ وما كان أصلا أو استثناءا، وحال الضرورة والسعة، ومراتب الأوامر النبوية.
والاختلاط فيه نصوص متعارضة، وليس هو بدعة في هذا، بل لو نظرت في سائر الأحكام الشرعية لوجدت فيها من التعارض ما في الاختلاط بل أشد، فلو أعملت نصوص الإباحة، عطلت نصوص التحريم. ولو أعملت التحريم عطلت الإباحة. فكان لا بد من الجمع والدراسة. فكيف ذلك؟
ويظهر من عرض أدلة تحريم الاختلاط وما ذكره المبيحون أن الاختلاط بني تحريمه وتأسس وتأصل وفق أنواع منوعة من النصوص، وهي نصوص في غاية الرسوخ والثبوت والقوة، محكمة قطعية: قولية، وفعلية مؤيدة بالقولية، متأخرة ناسخة، أصل وأساس وقاعدة، لا يملك أحد تبديلها ولا تحريفها.
وهي نصوص دالة على التحريم، إما بالمطابقة، أو التضمن، أو اللزوم، فقد احتوت على أنواع الدلالات الثلاث كلها.
فأما الإباحة فبنيت على نصوص متشابهة ظنية: فعلية لا قولية، استثناء، وحالة ضرورة، متقدمة منسوخة، وبعضها ليست مصدرا للتشريع؛ كونها ليست صادرة من صاحب الشريعة، بل ممن يؤخذ من قوله وفعله ويرد([1]).


([1])   كيف بني الاختلاط للدكتور: لطف الله بن ملا عبدالعظيم خوجه