6 صفر 1432

السؤال

أنا شاب عمري 28 سنة، تزوجت قبل سنتين وخُدعت في عُمْر زوجتي، واكتشفت أنها أكبر مني بثمان سنوات، وأشعر بحزن عندما أرى غيري متزوجاً صغيرة وأشعر بشفقة إخوتي علي! وهي على خلق ودين وتتألم لألمي ولا أستطيع طلاقها لوجود طفلة رضيعة بيننا.. ماذا أفعل بنفسي المتهالكة؛ فوالله لا يمر يوم من الأيام إلا وهذه المعاناة تشغل بالي.. ماذا أعمل؟ ما الحل؟ جزاك الله عني وعن من كنت عونا له خير الجزاء.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نشكر لك أخي الكريم ثقتك بإخوانك في موقع المسلم كما نسأله أن يجزينا وإياك خير الجزاء وأن يديم علينا الأخوة الصادقة والمحبة الخالصة لوجهه تعالى.
أخي الفاضل:
إنني أشعر بكل ما تشعر به من معاناة وألم , ومعك كل الحق في ذلك , فلك الحق أن تتألم لأنك خُدعت , ولك الحق في أن تتألم لأنك كريم الخلق واستحييت أن تهين أحدا وتكسر خاطره وخاصة في يوم عرس وفرح , وأيضا لا أستطيع أن ألومك على شعورك هذا , ولكني أحب فقط أن أُلفت نظرك لأمور قد لا تستطيع رؤيتها في حال حزنك أو غضبك , فالحزن والغضب قد يأخذان بعين صاحبهما عن كل حسن ويصوران كل شئ على أنه واقع مر.
وسأحدثك في نقاط موجزة:
- ذكرت أخي الكريم أن زوجتك فيها من الصفات ما تقر به عينك , ففيها دين وجمال وخلق , وهذه الثلاثة هي من مقومات نكاح المرأة كما ذكره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) , وزوجك أخي الكريم قد جمعت بين ثلاثة منهن وإن كان دينها لكافيا لكي يُرغب الرسول صلى الله عليه وسلم في نكاح مثلها.
- وذكرت أنك في خلال عشرتك معها لم تنقم من خلقها شيئا وإلا كنت أرسلت به فمعنى ذلك انها تحافظ عليك وعلى مشاعرك وتؤدي حقك كزوج عليها كما يرضي ربنا سبحانه , فهذه أيضا ميزة تُحمد لها , فكم من زوجة لا ترعى حق زوجها فلا يرى ميزة أبدا في صغر سنها
- ذكرت أيضا أنها تشعر بمعاناتك تلك التي ليس بيدها شيئ حيالها – وإن كانت مخطئة في المشاركة في إخفائها سنها الحقيقي عنك – ولكنها بذلت وتبذل كثيرا لإرضائك فيما تقدر عليه وتقول لك فيما لا تقدر عليه كما ذكرت " هذا نصيبنا ولا أدري ماذا أفعل لك كي ترتاح " وكم من زوجة لا يهمها إلا شان نفسها فقط فلا تلتقت لزوجها ولا تشعر بمعاناته في أي شيئ , فهل يرى ذلك الزوج ميزة في صغر سن زوجته حينئذ؟
- ما العيب في كونها كبيرة إن كانت نفسك تستريح معها وتود عشرتها؟ ما العيب وقد تزوج من هو أفضل منك بمن هي أفضل منها وكانت أكبر منه بضعف الفرق بينك وبين زوجك؟
- إن العيب الحقيقي والوحيد والذي يؤرقك هو التدليس عليك والغش والكذب في بداية حياتكما الزوجية , وكان من حقك وقتها أن ترفض هذا الغش والتدليس ولكنك بكرم خُلق منك قبلت الاستمرار ولم تفاتح أحدا في ذلك ولم تفاتحها هي أيضا ولم تعتب عليها , فأكمل أخي الكريم وتجاوز عن هذه النقطة ليصفو عيشك وتهنأ بزوجك ويستريح بالك ولتنشأ ابنتكما في جو نفسي سليم صالح.
- حاول أخي الكريم أن تلتمس لها ولأخيها عذرا فيما فعلوه – وإن كان مافعلوه خطأ لاشك – فأنت يا أخي لم تدرك شعور الأسرة كاملة بالتعاسة وهم يرون أن أختهم ذات الدين والخلق والجمال وأيضا الأهل قد اقتربت من العنوسة المرة وقد وفارقت الثلاثين بأربع سنوات , فلاشك لو شعرت بذلك وأنت رجل حيي لا تحب أن تكسر الخاطر لاشك أنك ستسامحهم فيما فعلوه وستلتمس لهم عذراً.
- وأخيرا: اعلم أخي أن معك كنزا من كنوز الدنيا فعن بن عباس رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر: ((ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ , المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته)) (رواه أبو داود) , فحافظ على كنزك واسعد به واهنأ بقسمة الله لك واعلم أن لك متسعا غير ضيق أحله الله سبحانه لكل رجل مسلم وأباح له التعدد بلا ضرر ولا ضرار.
وفقك الله أخي الكريم ورزقك مع زوجك البر والتقوى ورزقكما الذرية الصالحة التي تسعد قلبكما وتجمع بينكما.