أنت هنا

استعمال المرأة حبوب منع الحيض لصيام شهر رمضان
24 شعبان 1431
اللجنة العلمية

سبق أن تطرقنا لطروء الحيض عند المرأة عند حديثنا عن بعض المسائل التي "تعم بها البلوى"([1]، وأنه يمنعها من الصلاة والصيام، والطواف بالبيت، و مع تطور الطب الحديث، وظهور موانع تمنع نزول دم الحيض؛ نجد كثير من النساء يتجهن لتناولها، حِرصًا منهنَّ على إتمام شهر الصوم، وصيامه مع المسلمين، وعدم فوات كثير من الأجور عند انقطاعها فترة نزول دم الحيض، من قراءة للقرآن، وصلاة تراويح، وطواف بالبيت، فلو رأت المرأة أن تستعمل الأدوية والطرق التي تمنع الحيض لتتمكن من ذلك فهل هذا جائز؟)

         وبما أن هذه المسألة من النوازل المعاصرة والمستجدة حديثًا، لم أجد كثير كلام لدى الفقهاء الأقدمين –رحمهم الله- في التطرق لمثل هذا الموضوع، إلا أني حاولت أن أبحث لهم عن بصيص يتطرق لمثل هذا الموضوع، ومما وجدت ما يلي:
المذهب الحنفي
         صرّح الحنفيّة بأنّه إذا شربت المرأة دواءً فنزل الدّم في أيّام الحيض فإنّه حيض، وعليه لو شربته لترفع به الحيض فإنه لا يُعد حيضًا([2]).
المذهب المالكي
         وجدت بعض المالكية يذكرون كلامًا عند شروط اعتبار دم الحيض، وأنه يشترط أن يخرج من نفسه، وأما خروجه بدواء ففي باب العدة لا يدل على براء الرحم وانقضاء العدة؛ لاحتمال أنه لم يأتي إلا بالدواء، وأما في باب العبادات فإن استعجاله لا يُخرجه عن كونه حيضًا، ولعل كلامهم هذا يدل على أن المرأة إذا شربته لمنع نزول الحيض في باب العبادات فإنها لا تتوقف عن الصلاة والصيام والطواف بالبيت، إذا لم ينزل بطبيعة الحال، وقد جاء في منح الجليل لو أن امرأة أرادت العمرة، وخافت الحيض قبل تمامها؛ فشربت دواء لتأخيره، فعندهم أنه يكره لها ذلك؛ مخافة إدخالها ضررًا في جسمها([3])، ومفهومه جواز شربه إذا لم يلحق ضررًا في جسمها.
المذهب الشافعي
         وكذلك نجد الشافعية يذكرون أنه لو استعملت المرأة دواء حتى حاضت كان ذلك بلوغًا، تُكلف بالتكاليف الشرعية، فتصلي، وتصوم....إلخ، وأنها لو شربت دواءً لتمنع الحيض لم يلزمها قضاء([4])، فهم بذلك يثبتون الأحكام وينفونها بسبب أخذها الدواء الذي يُدر الدم، ومفهوم حديثهم هذا: أنه لو شربت دواء لمنعه؛ فامتنع؛ كان ذلك دليلاً على عدم تركها الصلاة والصيام.
المذهب الحنبلي
         وصرّح الحنابلة بأنّه يجوز للمرأة شرب دواء مباح لقطع الحيض إن أُمن الضّرر، وذلك مُقيّد بإذن الزّوج. لأنّ له حقًّا في الولد. وجاء في منار السبيل([5]): "ويجوز للرجل شرب دواء يمنع الجماع لأنه حق له ، وللأنثى شربه –أي الدواء- لحصول الحيض ولقطعه، لأنه الأصل حتى يرد التحريم ولم يرد"([6]).
 
الخلاصة والترجيح :

          يظهر مما سبق الاتفاق على جواز شرب الدواء الذي يمنع نزول دم الحيض، وهذا الجواز مشروطٌ بعدم الضرر، فقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن هذه المسألة فأجاب بقوله: "لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحيض تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان حتى تصوم مع الناس وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن أعمال الحج، وإن وجد غير الحبوب شئ يمنع الدورة فلا بأس إذا لم يكن فيه محذور شرعًا ومضرة"([7]).





([1])  كما في الفصل الأول في مبحثه الثاني ص (77)، والمبحث الخامس ص (101-103)، والمبحث السادس ص (104-108)، ومن الفصل الثاني المبحث السادس ص (172-178).
([2])   البحر الرائق (2/303).
([3])  منح الجليل (1/166)، وانظر: مواهب الجليل (1/365).  
([4])  انظر: المجموع (3/10)، مغني المحتاج (3/385)، روضة الطالبين (1/191).
([5]) ص (92).
([6]) الروض المربع (1/117).
([7]) مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، (5/110)، وانظر: منح الجليل (1/166).