عداء الغرب لنا لن ينتهي!!
15 ذو القعدة 1431
منذر الأسعد

 الدكتورة زينب عبد العزيز أستاذ الحضارة بكلية الآداب /جامعة المنوفية في مصر.
وهي صاحبة فكر نيّر وحجة ناصعة وقلم غزير ، وقد سخّرت تلك النعم التي حباها الله بها في الذود عن محاسن الإسلام في وجه الافتراء والتشويه، واستثمرت رصيدها العلمي ومخزونها الفكري في إماطة اللثام عن الوجه الحقيقي للغرب، وبخاصة حقده الدفين على الإسلام والمسلمين.

 

الكتاب الذي نقرؤه معاً اليوم يحمل عنوان: ( محاصرة وإبادة/ موقف الغرب من الإسلام)، وهو يتكون من 280صفحة، وقد صدّرته بقول الحق تبارك وتعالى: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) سورة آل عمران/الآية 64.وهو استهلال معبّر لأنه يوجز القضية بكلام رب العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

 

المؤلفة الفاضلة لا توارب في الجهر بقناعاتها ولا تلجأ إلى لغة "دبلوماسية"تحتمل المعنى ونقيضه، وإنما تطلق حكمها منذ مقدمة كتابها، بأن الهدف الرئيس للغرب الصليبي هو اقتلاع الإسلام من جذوره، لكنه بطبيعته النفعية وتركيبته المخاتلة لا يصدع برغبته الدفينة، التي تفضحها سيرته البشعة معنا، منذ الحروب الصليبية حتى الوقت الحاضر بلا انقطاع!!

 

وهي تعرض شواهد جمة تثبت إثباتاً قاطعاً أن مفتريات الغرب على الإسلام، لا تنبع من جهل-مثلما يمكن وقوعه في فهم الغرب لأي ملة وثنية آسيوية أو إفريقية!!-، بل إنها تنطلق تعصب أعمى وغليان قاتل، لأن الإسلام هو الوحيد الذي صمد في وجه محاولات الاقتلاع الغربية، حتى إن منظّريهم الكبار صرحوا بعد انهيار الكتلة الشيوعية في عام1991م أن الإسلام هو العدو الوحيد للغرب، بما يمثله من تحديات أهمها استعصاؤه على التذويب والتزييف وتجفيف المنابع.

 

تخصص الكاتبة الكريمة الفصل الأول من كتابها لنظرة الغرب إلى النبي صلى اله عليه وآله وسلم بخاصة وللإسلام بعامة، حيث تناولت الأعمال الأدبية ذات الصلة من روايات وشعر ومسرحيات وأدب رحلات وقواميس وموسوعات وبحوث تاريخية ولغوية واجتماعية....وفي الخط الموازي، رصدت الدكتورة زينب أباطيل الغربيين في حق الإسلام ونبيه عبر ترجماتهم المحرفة لمعاني القرآن الكريم إلى لغاتهم!!وتبرهن على مدى السقوط الذي يرتضيه الغرب فقط عندما يتعلق الأمر بالإسلام، فهنا تداس جميع المعايير الموضوعية والمنهجية حتى لو كان الثمن فضائح مخزية، وهي تقدم مثالاً عظيم الدلالة، إذ يكتب الفرنسيون اسم النبي محمد بعشرات الصور التي يجمع بينها خيط واحد ، هو: البعد عن الاسم الفعلي ومحاولة الانتقاص بصورة صبيانية شديدة الإسفاف وهي تزري بمقترفها وليس بالشخص الذي تُوَجه إليه، فكيف إذا كان خير خلق الله كافة؟وما يجزم بثبات كراهيتهم العمياء للإسلام فحسب، أن هذه الممارسة الشائنة في طرق كتابة اسم النبي الكريم لم تتبدل بين حقبة سيطرة الكهنة والقسس على السلطة السياسية وبين حقبة العلمانية المتشددة!!

 

وعلى مدى صفحات كثيرة تعرّي المؤلفة ترجمة المستشرق جاك بيرك لمعاني القرآن إلى الفرنسية، وتوثق جرائمه فيها بالتفصيل وتدحض مفترياته واحدة فواحدة.
الفصل لثاني يحمل عنوان: الدين والدنيا، وهو ينسف بمنطق سديد  مساعي الغرب المحمومة لفصل الإسلام عن السياسة-بل عن الحياة!!-، من خلال جولة مفصلة في مجامع النصارى التي لا تكف عن دس أنف الكنيسة في الشأن العام، بالرغم من نهي المسيح عليه السلام وفقاً للأناجيل المحرفة!!

 

أما الفصل الثالث(الأصول والتحريف) فتعقده لعرض الأدلة القاطعة على تحريف الكتب المقدسة لدى القوم، لتتناول في الفصل الرابع أهداف هذا التحريف وأهمها طمس البشارات بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ثم برز في العصر الحديث هدف جديد يتلخص في تبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام-بحسب عقيدة النصارى الباطلة أنهم صلبوه وقد أبان ربنا سبحانه كذبهم في كتابه العزيز-.

 

وفي الفصل الأخير –وعنوانه:محاصرة وإبادة-تعرض المؤلفة براهينها الموثقة على استمرار الغرب في عدائه لنا وسعيه لإبادتنا واقتلاع إسلامنا منذ القديم حتى العصر الحالي.
والكتاب جدير بالاطلاع والإفادة من ثراء المعلومات فيه وعمق التحليل وسداد الرأي المبني على العلم واليقين وليس على الظن والهوى!