حملات حج الداخل.. التيسير على الحجاج ومقاسمتهم العناء
1 ذو الحجه 1431
محمد لافي

من نعم الله التي امتن بها على عباده  أن سخر لهم حملات الحج التي خففت على كثير من الناس عناء البحث عن الأماكن الملائمة وتجهيزها كما يسرت لهم تنقلاتهم ووفرت لهم مآكلهم ومشاربهم وحملت عنهم الكثير من الأعباء التي كانوا سيتكبدونها لو أنهم تولوا مباشرة تلك الأعباء بأنفسهم , فبات الحاج هانئا في سربه لا يشغله عن عبادة ربه شاغل من مطعم أو مرقد أو مركب.
ولكن على الرغم من الخدمات التي تؤديها الحملات لجموع الحجيج والمعاناة التي يلاقيها القائمون على هذه الحملات والجهود التي يبذلونها خلال تلك الأيام المعدودات إلا أن هذه الجهود تبقى خفية في كثير من الأحيان فحملات الحج أو مهنة الطوافة لا تعدوا في نظر الكثيرين كونها وسيلة للاسترزاق والكسب المادي بعيداً عن الجانب الشرعي والجو الروحاني الذي ينبغي أن توفره للحاج جنباً إلى جنب مع الخدمات الأخرى
 
"المسلم" زار عددا من حملات حج الداخل والتقى القائمين عليها ووقف على جهودهم واستعدادهم لهذا العام ورصد صوراً من ومعاناتهم ونقل آرائهم وملاحظاتهم.

 

 
الجوانب الشرعية
 
في البداية توجهنا بالسؤال لرئيس مجلس إدارة شركة الظفيري للحج والعمرة فيصل الظفيري حول مدى اهتمام الحملات بالجانب التوعوي الشرعي للحاج فأجاب :
 
نحن شركة حج وعمرة نهتم بالجانب الشرعي والجانب الديني كما نهتم بالجانب التنظيمي والإداري تماماً, ولدينا عدة لجان تتولى تنظيم كافة شؤون الحملة من ضمنها اللجنة الشرعية التي يشرف عليها مجموعة من المشايخ وعلى رأسهم فضيلة الشيخ صالح الونيان هذا بالإضافة إلى للجنة الثقافية التي تتولى توفير الكتيبات والنشرات الإرشادية للحجاج.
أما محمد بن عبد الله الرويس  مدير عام شركة الرويس للحج فيقول : 

لدينا لجنة ثقافية للإجابة على أسئلة الحجاج المتنوعة, أما الفتاوى الشرعية, فيجيب عليها أحد المشايخ المتعاونين مع الحملة, لكن يبقى الجهد كبيراً جداً على الشيخ ويعتمد تجاوبه مع أسئلة الحجاج على مدى تهيئة واستعداده, إذن فمسألة تغطية احتياجات الحجاج من الفتاوى الشرعية تبقى مقرونة بعدد المفتين المتعاونين مع الحملة والفترة التي يخصصونها للإفتاء
ويرى عبد الرحمن بن أيمن السراج نائب رئيس شركة الاتقان للحج أن هذا الجانب مرضي في أغلب الحملات,  ففي الغالب معظم حملات الداخل تولى اهتماما كبيراً بالتوعية الشرعية وبعدة أساليب منها تخصيص لجان لذلك وتقوم بتوزيع الكتيبات التعريفية كما أنه في غالب الأحيان ما يرافق الحملة أحد العلماء أو طلبة العلم لتولي جانب الإفتاء والإجابة على أسئلة الحجاج الشرعية, 

 

 
ارتفاع الأسعار
 
وفي سؤال عنا مدى معاناة حملات الحج المادية جراء ارتفاع أسعار بعض السلع، وهل ارتفاع أسعار الحملات لخدماتها متناسباً مع الزيادة في الأسعار أم أن في الأمر مبالغة يجيب فيصل الظفيري :
ارتفاع الأسعار أمر طبيعي جداً, فأغلب ما نحصل عليه نحن من خدمات يرتفع سعره عاماً بعد عام, ليس فقط فيما يخص المواد الاستهلاكية, بل وحتى الخدمات الأخرى مثل خدمات النقل كالطيران الحافلات, إليك مثالاُ على ذلك وهو تكلفة سفر الحاج بالطائرة, كان يكلفنا الحاج سابقاً 780 ريال, لكن في هذا العام أصبح يكلفنا الحاج 1350 ريال, وحتى على مستوى العمالة, فالعامل الذي يعمل لديك أصبح يطلب أجوراً مرتفعة عن الأعوام السابقة  ما أود قوله أن ارتفاع أسعار خدماتنا هي نتيجة طبيعة لارتفاع أسعار الخدمات التي نحصل نحن عليها
 
 
في حين لا يرى محمد الرويس  مسألة ارتفاع أسعار السلع والخدمات عبئاً عليهم كأصحاب حملة, ومع أن الأسعار في ارتفاع مستمر لكن هذا لا يمثل إلا نسبة ضئيلة,  بينما يرى أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار هو الإقبال الشديد على حملات الحج, الأمر الذي ينعكس مباشرة على أسعار الحملات عاما بعد عام, وهكذا من وجهة نظره فإن الأسعار ترتفع أو تنخفض استناداً إلى مبدأ العرض والطلب.

 

حج مخفض
أما فيما يخص الحج المخفض فيضيف الرويس :  الحقيقة أن وزارة الحج نفذت برنامج الحج المخفض وذلك مقابل مزايا تمنح للحملات التي تنفذه هذا البرنامج, لكن الحقيقة أن التزام الوزارة بهذه المزايا لم يكن كما وعدت به وهذا سبب إحجام الحملات عن التجاوب مع برنامج الحج المخفض وإلا ما لذي يمنع الحملات من التسهيل على حجاج بيت الله بالتعاون مع الوزارة.
 
 
بينما يرى عبد الرحمن السراج أن حملة الحج هي عبارة عن منظم يوفر جميع الخدمات من تغذية ونقل و سكن, فارتفاع أسعار الحملات هو انعكاس فقط للارتفاع العام للأسعار, لكنه بدلا عن ذلك يرى أن موضوع الطيران شكل إشكالية كبيرة للحملات لأن الخطوط السعودية لا توفر عدد كاف من المقاعد وتوزع العدد المتوفر منها بالقرعة, وهناك من يدخل القرعة لكي يبيع التذاكر التي يحصل عليها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة 
إقبال لافت

 

ما مدى الإقبال على حملات الحج مقارنة بالعام الماضي الذي شهد مخاوف من تفشي مرض أنفلونزا الخنازير, وهل عكس ذلك على حج هذا العام ؟
يجيب فيصل الظفيري

ليس هناك أدنى مقارنة بين الإقبال على الحج هذا العام لا أقول والعام الماضي, بل والأعوام السابقة, العام الماضي له خصوصيته بسبب تخوف الكثيرين من أنفلونزا الخنازير, ولكن الإقبال هذا العام كبير جداً مقارنة بالأعوام السابقة, ولا أكون مبالغاً إذا قلت أننا فتحنا باب التسجيل للحج في  حملتنا مدة ثلاثة أيام فقط وذلك بسبب الإقبال الشديد.
ويجيب محمد الرويس على نفس السؤال قائلاً : 
لم يمر علنيا موسم من حيث  إقبال الناس على الحج مثل هذا الموسم وذلك منذ عام 1418هـ, حيث أننا  نعمل في هذا المجال منذ ذلك التاريخ على الرغم من ارتفاع أسعار الحملات هذا العام ومع أننا لم نقم بالإعلان في الجريدة كما هو الحال في كل عام نع ذلك فقد تم استكمال العدد مبكراً, ولقد بدا واضحاً لنا منذ شهر رمضان المبارك مدى الإقبال الكبير الذي سيشهده موسم حج هذا العام, إذا إننا اعتدنا قياس مدى الإقبال على الحج في موسم ما, على إقبال الناس على العمرة في شهر رمضان, والدليل على ذلك إقبال الناس على العمرة في شهر رمضان المبارك العام الماضي كان ضعيفاً جداً وجاء موسم الحج بنفس القدر من الضعف, أما هذا العام فتوقعنا أن يكون إقبال الناس على موسم الحج كبيراً جداً قياساً على إقبالهم على العمرة في شهر رمضان وجاءت النتيجة كما توقعنا.
 

 

ويرجع عبد الرحمن السراج سبب الإقبال على الحج هذا العام إلى تخوف الكثيرين من أداء الحج العام الماضي فيقول :
شهد العام الماضي تخوفاً من موسم الحج لكن في هذا العام عادت الأمور إلى طبيعتها ولكن بزيادة ملحوظة عن الأعوام السابقة قد يعود سبب ذلك إلى أن الكثيرين ممن أحجموا عن الحج في الموسم الماضي بسبب التخوف من وباء انفلونزا الخنازير عادوا للالتحاق بحج هذا العم بعد زوال تلك المخاوف .

 

 

الجوانب التنظيمية
وتوجنها بالسؤال إلى أصحاب الحملات حول الجوانب التنظيمية في الحج من حيث مدى رضاهم عن الطرق الإرشادية والعناوين الموضوعة للحملات بحيث تمكن الحاج من الوصول إلى حملته بسهولة,
يجيب فيصل الظفيري قائلاً
ليس لدينا أدنى مشكلة في ذلك, فنحن لا نترك على الحاج عبئ البحث عن مخيمه بنفسه فكما تعلم الأماكن هناك متشابهة جداً واحتمالية التوهان واردة للجميع فكيف بالحاج الذي يزور تلك الأماكن لأول مرة, نحن  نعتمد على التوجيه الذاتي لحجاجنا, إذ يخرج حجاجنا ضمن مجموعات و يتولى عدد من المشرفين مهمة إيصالهم إلى الوجهة الصحيحة ثم إعادتهم إلى المخيم بعد ذلك, هذا بالإضافة إلى أن كل حاج يحمل معه بطاقة توضح مكان حملته بدقة إلى جانب أرقام الاتصال الواردة في البطاقة لتسهيل إعادة الحاج إلى مخيمة في حالة توهانه.
 

 

بينما لا تروق طريقة الترقيم الحالية لمحمد الرويس إذ يقول
نحن غير راضين عن الترقيم الحالي للمخيمات, فهو غير واضح لدينا كمنظمين للحج فكيف سيكون الحال مع الحاج الذي يزور هذه الأماكن لأول مرة, نحن نقترح أن يتم إعادة تسمية وترقيم الشوارع والمخيمات وذلك بالرجوع إلى أصحاب الحملات بصفتهم جهات ذات باع طويل في التعامل مع  الحجاج ويكون ذلك بعمل ورش عمل وتشكيل لجان تضم مختلف الجهات المنظمة للحج كما تضم عدداً من الحملات لملامسة حاجة الحملات في التنظيم الأمثل.
ويعتقد عبد الرحمن السراج أن الترقيم الجديد للشوارع والذي يتكون من رقمين أحدهم للشارع والآخر للمخيم قد حل إشكالية كبيرة لدى الحجاج فهو يرى أنه أسهل بكثير من الترقيم المعمول به سابقاً
أما عن التنسيق بين شركات الحج فيرى الظفيري أن  التنسيق طيب إذ أنه يؤيده بشدة, فما من شك أن تبادل الأفكار والتنسيق المشترك يوفر الكثير من الجهد والمال بدءا من اختيار الأماكن والنقل وانتهاء بتوفير احتياجات الحملة من المواد الاستهلاكية, ولكن شريطة أن يكون العمل على ذلك مبكراً.
كما يوافقه الرويس الرأي إذ يقول: التنسيق بين شركات الحج بعضها البعض أفضل وأقوى من حيث النتائج ونتائجها الإيجابية لا يمكن إغفالها, أقرب مثال على ذلك مسألة اختيار الأماكن, فكل شركة لها عدد معين من الخيارات في اختيار الأماكن, فحين تنسق الحملات فيما بينها في اختيار الأماكن بحيث لا تحدث الازدواجية في الاختيار, فلو قدمت أكثر من حملة أكثر من طلب على المكان نفسه سوف لن يمنح هذا المكان إلا لحملة واحدة وسوف تهدر بذلك فرص الحملات الأخرى, هنا تأتي أهمية التنسيق حيث تقدم كل حملة طلبات لأماكن مغايرة عن الحملات الأخرى وبذلك تزيد فرصة كل حملة في تحقيق طلباتها وتمنع هدر فرصها.
 

 

بعض المطالب :
في سؤال حول بعض المصاعب التي تواجه الحملات وما إذا كان لديهم مقترحات يريدون إيصالها للجهات الرسمية يجيب فيصل الظفيري
الحقيقة أن الجهود المبذولة كبيرة جداً والخدمات المقدمة للحجاج متميزة, لكن لا يزال لدينا مطالب نتمنى تحقيقها وعلى رأسها التوزيع المبكر للأماكن حتى يتم تجهيزها بالشكل ا لمطلوب, فهذا العام تم توزيع الأماكن في يوم 20 شوال الأمر الذي وضعنا في دوامة كبيرة ومسابقة للزمن للانتهاء من التجهيز في الوقت المحدد.
.
ويقول محمد الرويس نحن ننادي بأعلى أصواتنا " اتقوا الله في أصحاب الحملات والحجاج في تسيير أمورهم مبكراً من ذلك  توزيع الأماكن في وقت مبكر حتى يوفر لنا ذلك وقتاً كافياً في تجهيز المكان وتهيئته, كذلك التأشيرات الخاصة بالحافلات تخرج متأخرة جداً مما يسبب إرباكاً لنا كأصحاب حملات.

 

انظر إلى كأس العالم مثلاُ يتم الإعداد والتجهيز له قبل أربع سنوات, ونحن كأصحاب حملات الذين نقوم بالترتيب لآلف الحجاج لا تعطى لنا سوى أسابيع قليلة للتجهيز للموسم الأمر الذي يشكل لنا عبئاً كبيراً جداً, نحن بحاجة إلى شهرين على الأقل للترتيب لكل ذلك حتى يقل بذلك نسبة الارتباك والأخطاء ويتسنى للحاج أداء مناسكه في سهولة ويسر.
بينما يؤكد عبد الرحمن السراج أنهم على تواصل دائم مع الجهات الرسمية في إبداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم التي من شأنها التسهيل على الحجاج لكنه يضيف أن مشروع قطار المشاعر الذي استحدث هذا العام يتطلب الكثير من الجهود لتوعية الحجاج بطريقة التعامل معه