دموع الفقراء .. لبيك يارباه
6 ذو الحجه 1431
د. خالد رُوشه
 
مشهد مختلف ههنا أتحدث عنه في هذه الأيام الفاضلات , حيث تطير قلوب المؤمنين إلى مكة المباركة والشعائر المعظمة , طيران الشوق الآسر لا تلوي على شىء سوى الرغبة في طاعة الرب الكريم الرحيم سبحانه .
 
مشهد قد لا نرعاه قدرا , أونضعه في حساباتنا , أو نقدمه في جدول اهتماماتنا , رغم استحقاقه الكبير..
 
إنه مشهد الفقراء العاجزين الذين تهفو قلوبهم إلى التلبية مع الملبين , وترتدي أنفسهم ثوب الإحرام الأبيض في خجل كل عام في مثل تلك الأيام , تملؤها الحسرة لمعرفتهم أن بونا شاسعا بينهم وبين حج بيت الله الكريم !!
 
انني ههنا اتحدث عن ملايين المسلمين الفقراء في بقاع الأرض , الذين هالهم ثمن تكلفة الحج , فأعجزهم عن مجرد تصور تحققه لهم , فمنعتهم القدرة , وأقعدهم الفقر.
 
لاشك أن لهم مندوحة شرعية ورحمة ربانية حيث أَسقطت عدم الاستطاعة الوجوب عليهم في عبادة الحج , إلا أنها قلوب مؤمنة على أي حال , ترغب في إمتاع القلب بتلك الفريضة الرائعة الربانية , والقرب من الرحمن الرحيم حيث يجتمع الحجيج .
 
ولاشك أيضا أن ضوابط تنظيمية تحكم عدد القادمين من الوفود حفاظا على سلامة الحجيج , وتناسبا مع قدرة المكان على الاحتمال لإنجاح الشعيرة كما يريدها الجميع .
 
 
إلا أنني ههنا أردت مشاركة إخوة لنا تشتاق جوارحهم ونفوسهم لزيارة البيت العتيق , وأردت النظر إلى هؤلاء المؤمنين نظرة مشاركة في حلمهم وأملهم العبادي الرباني الرقيق , فلا نهمل أمانيهم , ولا نغفل عن أشواقهم .
 
لكم رأينا امرأة عجوزا , تتساقط دمعاتها عند سماع تلبية الملبين رافعة يديها للسماء داعية أن يرزقها الله سبحانه بمشاركتهم النداء.
 
وكم رأينا فقيرا قد أسره الشوق فأوجمت مشاعره , حين فاضت عيناه , فلربما أطرق وحده مناجيا ربه أن يلحقه بركب السائرين .
 
وكم رأينا أبا يسأله أبناؤه : متى تحج ياابت ؟! فيطرق خجلا , جاعلا من الصمت إجابة لسؤال الأبناء ..
 
لقد علمنا ديننا العظيم مشاركة المؤمنين مشاعرهم ومعونتهم على تحقيق آمالهم الصالحة , وإدخال السرور عليهم , ونفعهم إذا كان النفع مقدورا , وما أعظم السرور الذي يدخله غني على فقير إذا أعانه على حج بيت الله , وما أنفع العمل الذي يعين فيه قادر لعاجز حتى يوصله المشاعر المقدسة , وماأكرم صدقة تصدق بها ميسر على من ذهب أمله في مشاركة الصالحين تلبية النداء ..