ليس دفاعاً عن صدام..
17 محرم 1432
منذر الأسعد

دأبت أبواق الرافضة على "شيطنة" الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بتأثير ضغائنهم المجوسية الموروثة، وليس بسبب استبداده أو كونه بعثياً علمانياً. بدليل أن القوم يبغضون خير البشر بعد الأنبياء أي: صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذين نقلوا إلينا كتاب الله وسنة نبيه المصطفى، وفتحوا قلوب العباد والبلاد في مشارق الأرض ومغاربها.

وكيف يصبح الانتماء البعثي شتيمة لدى جماعة تحالفت مع بعث دمشق ضد كل ما هو عربي وضد كل ما هو إسلامي؟

 

لكن المؤسف كل الأسف، أن تنزلق أقلام ينتسب أصحابها إلى عائلات مسلمة، فتقع في هذا المستنقع الآسن، إما لأنها تفتقد سلامة المنهج في الحكم الموضوعي على الأفكار والأشخاص والجماعات، وإما لأنها مؤدلجة تسير وراء سادتها بعيون مغمضة، ولذلك كان هؤلاء النفر يبجلون صدام حسين عندما كان الغرب راضياً عنه-حقيقةً أو ادعاءً-، فلما تبدل موقف السادة لم يملك العبيد سوى النعيق الببغاوي المأجور عليه.

 

في حين أن الأقلام الملتزمة بمنهج الإسلام، تفردت بالصدق والاستقامة من قبل ومن بعد، فهي رفضت صداماً وهو في ذروة قوته لأنه لم يحكم بما أنزل الله، ولأنه ظلم شعبه. لكن هذه الأقلام النظيفة دافعت عن الرجل يوم أصبح التخلص من حكمه ذريعة للعمالة للغرب الصليبي والشرق المجوسي، ومتكأ لاحتلال بلاد الرافدين ومهب ثرواتها وإذلال أهلها. واحترمت الأقلام النزيهة موت صدام بثبات وإباء حتى تقزم جلادوه تحت قدميه بطائفيتهم الوضيعة، وندع الحكم عليه أو له لرب العالمين.

 

مؤخراً عَقَدَ أحدهم -بجريدة الحياة –مقارنة جائرة ومتهافتة بين صدام حسين ونوري المالكي!! ومما قاله:
..ثمة قاسم مشترك بين الرئيس العراقي «المقبور» صدام حسين ورئيس الحكومة العراقية «المرهون» نوري المالكي وهو مدى تشبث الاثنين بكرسي السلطة والعض عليه بالنواجذ، لكن الفارق أن صدّام كان يعلنها صريحة بلا مواربة للأبواب، أما المالكي فإنه يتذاكى ويتمنطق بـ «ديموقراطية» مشوّهة وأن العراقيين إبّان حقبة حكم صدام حسين كانوا يخشون القتل والتعذيب والزج بهم في الزنازين حتى الموت بتدبيره وبأيدي رجالاته وحكومة ديكتاتورية ونظام استبدادي، لكنه ظل يحفظ الأمن ويخشاه المتطرفون والطائفيون والمسلحون، لكن المالكي، وعلى رغم مرور أكثر من أربع سنوات على توليه رئاسة الحكومة، عجز عن حفظ الأمن وسقط في حلبة «اللا استقرار»، إضافة إلى تورطه، بحسب ما ورد في وثائق «ويكيليكس»، في إدارة فرق قتل وتعذيب، وتغاضيه عن الدور الإيراني في تسليح ميليشيات كجزء من حرب «خفية». ومن الواضح أن العراق لن يهنأ بالاستقرار في فترة قريبة، في ظل تعنت المالكي وإصرار زعامات «طائفية» على تقديم مصالح دول إقليمية على حساب التوافق ومصلحة الشعب والابتعاد عن الاتفاقات الهشة التي لا ترمم العظم العراقي. واختتم الكاتب قائلاً: ألا يستحق سوء الأوضاع وتزايد معاناة العراقيين تنازلاتٍ وطنيةً من المالكي وحكومته بدل أن يبرهن - بتعنته في البقاء رئيساً للحكومة - على الرغبة في تكرار تجربة صدام والاحتفاء بعهده الأسود؟....

 

ألم نقل: إنها أزمة غياب المنهج وزئبقية الرؤية؟هذا مع الترفع عن السوقية الرقيعة في وصف شخص قضى نحبه بأنه مقبور، فهذه اللغة يعف عنها العربي يوم كان في جاهليته الأولى، يعبد الأصنام، لأنه يرى في التطاول على الميت نقصاً في فروسيته هو وفي رجولته!!

 

وإلا فهل من عاقل-فضلاً عن صحفي محترف-يسعى إلى المقارنة بين نظام لم يتحدث عن ديموقراطية البتة، وآخر يتشدق بها ليل نهار، فإذا بها ديكتاتورية مُقَنّعة باعتراف الكاتب المضطرب ذاته، وإذا هي فرق موت وقتل على الهوية وخيانة للبلد وسرقة لمقدرات الوطن ....

 

ونتحدى القلم التغريبي الذي تشابه عليه البقر، أن يأتي بواقعة واحدة من تاريخ نظام صدام حسين الممتد35عاماً، جرى فيها قتل الناس على أسمائهم وانتماءاتهم الطائفية!!

 

فكيف طاوع هذا الأحمقَ قلمُه فكتب ما كتب، حتى بعد فضائح ويكيليكس التي أشار إليها في مقاله الواهن؟
أم أنه ليس من المسموح به للتغريبيين أن يغمزوا من قناة المالكي دون تدبيج معلقة في هجاء صدام حسين؟ثم أليس من الغباء السياسي والإعلامي أن يعتبر القلم المشبوه نفسه أن تخلي المالكي عن استبداده هو بمثابة تنازل منه لشعبه؟