الإعلام المذعور من شنودة؟!!
30 محرم 1432
منذر الأسعد

أخرج الإمام مسلم في صحيحه وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمته بأهل مصر خيراً، بالرغم من أن فتح مصر تم بعد انتقال النبي الخاتم إلى الرفيق الأعلى بسنوات غير قليلة، وذلك في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في عامي19و20 من الهجرة النبوية-أي بعد نحو تسع سنوات من وفاة النبي المختار وتلك علامة من علامات نبوته الكثيرة والجليلة-.قال عليه الصلاة والسلام: (ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط وفيها فإن لهم ذمة ورحماً أو قال ذمة وصهراً) شرح صحيح مسلم للنووي/ج16 ص97.

 

قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: قال العلماء القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلم به وأما الذمة فهي الحرمة والحق وهي هنا بمعنى الذمام وأما الرحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم وأما الصهر فلكون مارية أم إبراهيم منهم!!

 

وقد عمل الصحابة رضوان الله عليهم بهدي نبيهم في مصر لما فتحها الله على أيديهم، فكان نبل تعاملهم معهم دافعاً مهماً لدخول القبط في دين الله أفواجاً.

 

لذلك فلا يزايدن أحدٌ علينا، فنحن ننكر تفجير معابد النصارى وغيرهم من أهل الذمة، تديناً لا سياسة فليس في ديننا تقية والحمد لله وحده. ولا نقبل لهذه الأفعال أي تبرير لأنها محرمة شرعاً، بصرف النظر عن الأوضاع والأحوال بما فيها تطاول بعض القوم على مقدساتنا، لأن الرد على ذلك لا يكون بالتفجير ولا أخذ البريء بوزر المجرم. فالحل يأتي من خلال حزم الدولة القوية التي تمنع التخرص والإيذاء للأكثرية المسلمة الصابرة.

 

بل إن الحال أسوأ حتى من الشعارات اللا دينية المرفوعة، فمعضلة النظم السياسية في أكثر بلاد المسلمين أنها تزعم العلمانية وتتشدق بها ليل نهار، لكنها تمارس سياسة شراًّ من العلمانية-على شرها العظيم!!-.فالعلمانية المزعومة تفترض منع الدين من التدخل في السياسة، وتقضي بالحيلولة دون تسلط أتباع ملة على سواها!!وواقع الحال أردأ من دعاوى العلمانية الباطلة.

 

ففي مصر العزيزة نفسها، يعمد قسس فجرة إلى التنقص من القرآن الكريم ويستطيلون على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، ويمتلك غلاة القبط من الوقاحة ما يكفي لإلقاء قنابل حارقة على رجال الشرطة، ما دام رأس كنيستهم يبرر جرائمهم ويعدها دفاعاً عن النفس!!-كذا والله-.

 

وقد اتخذ الكهنة المغرورون من الأديرة والكنائس سجوناً لكل من يعتنق الإسلام من النصارى التابعين لكنيسة شنودة بالوراثة الوالدية المحضة، ويستقوون بدرجة أشد صلفاً على النساء بخاصة، فيغيبونهن وراء الجدران العالية السميكة، وتخرس ألسنة صبية الزندقة في الإعلام الذي لا يجترئ إلا على الإسلام!!فهناك تسقط حقوق الإنسان، ونداس هيبة الدولة ويقف سلطانها عند حدود دولة البابا!!

 

أفليس عجباً أن الإعلام ذاته الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها عند أدنى أذى يلحق بكنيسة -ونحن هنا معه ديناً كما سلف القول- لكنه يصبح أعمى وأصم وأبكم عندما تُدَمّر المساجد هنا وهناك؟

 

أوليست فضيحة -على سبيل المثال لا الحصر- أن تذل صحيفة الأهرام وتستجيب صاغرة لسخط شنودة فتحذف مقالة متوازنة لأحد كُتّابها من نسختها الإلكترونية، ثم لا تنجو من شتائم قناة القبطي المتغطرس نجيب ساويرس، وهي الصحيفة التي باتت قلعة للحاقدين على الدين الحق منذ سنوات وسنوات؟

 

فليتق اللهَ كلُّ الساكتين عن الحق، وكلُّ المسؤولين الذين قد يتوهم الطيبون منهم أنهم بالاستكانة يحمون أمن مصر، فقد برهنت تجربة أكثر من ثلاثين عاماً على أن القوم يفهمون من كل تنازل أنه ثمرة ضعف، ولذلك يطالبون من فورهم بتنازل آخر، وهلم جرّاً..